والموسيقات الراقِصة والحزينةْ
وثيابا صوفيّة للشّتاء ..
وكتبتْ تقول لي:
لم تردّ على رسائلي التي ترجَع دائما إليّ
لأنّــكَ «مَـجْهول اُلْعُنوان» بتونس
(...)
كُنتُ أعْلَمتُكَ مُنْذُ ثَلاثينَ مِنَ اُلْدّهْر أني أَنْـجَبْتُ مِنْكَ
بِنْتَا وأسْـميتُها « سِيلفيا « لأنّي أعَرفُ أنّــكَ تـُحِبُّ اُلغَاباتْ
كُنْتُ سَوفَ أسميها « قَفْصَة « أوْ « نابل» أو « توزر»
كنت سأسميها على اسم أمّك..على
اسم ايّة مدينة تونسية زُرْتها
واستوقفني طويلا الإسم اللاطيني «لغُرماليّة»
(هوكولوماباروس) والتي تعْني الحمام الزاجل
ثم أسمْيتها كَذلك ليَكون اُلْـحَــرْف الأوّل من اُسْمك..
هو اُلـحرْفُ الأوّل منْ اُسْمها ...
حَرفان يـَرْقصَان مَا حَــيــيتُ
عَلى اُلـْحَرْف اُلْثاّني منْ أحْرف اُسْمـي :
ايقاعي اُلـمَــدَى كَما كُنتَ تقولُ لي .
كَانَ يـَحْلُو لكَ حينَ أحُلُو في عيْنيك أحْلى
أن تُناديني باُسم لم أكنْ أعرف معْناه :
«فونْدورا» . أعْـجَبَني اُلإسْم وربّما أرْقَصَني سِرا
لأنّى فِعْلاً أجْهل معْناه
وسوف أعْرِفُ صُدْفَة بعْد سَنواتٍ
أنّ «فونْدورا» هي عِبارة نِمساويّة
تُشير إلى « المَرْسَى»
(..)
قُلْتُ ماذا تَكون قدْ ورَثتْ اُلبِنتُ عَنْ أمّها
أنا المأخوذَةُ بِاُلْغَامِضِ وَاُلـمـُحيطاتِ ؟
مَاذا تـَكُونُ قَدْ ورَثَتْ اُلْبِنْتُ عنْك أنْتَ
اُلْـمَأْخُوذُ بِاُلْغَاباتِ وَاُلْإشَاراتِ ...؟
(...)
انها حُلوةٌ هيّ هذِه «اُلْسّيلفيا» كَما خَالاتها اُلْتّونسيات
وانْ شِئْتَ قُلْ عَماتها المتمرّداتْ
لَكِنّها مِزاجيّة / يا الله/ مِثْلكَ ...
انْ مَسّها اُلْشيءُ اُلْغامِضُ
ونقَرَ طَائـِرُ اُلْوِحْشَة أرْنبَةَ أنْفِها لا أحَد يـَغْلِبــهَا
هي تُونسيّة تَـمـَامًا وعَاطفيّة:
سَمعْتها أكثْر من مَرّةِ تتَغنّى باُسْـمِك
/ حين كانت صَغيرةْ /
هيّ اُلْتي لاَ تَعْرِفُكَ
وأنت الذي ..ذَهَلَ عنْها حنينَ رُعافٍ عاطفي وغيرت البلاد مِزاجك
تقول لي: أنا تونسيّة
/ هي التي لا تعَرِفُ تونس في غير النّشرات الجويّة /
«أنا تونسيّة ...»
/ تقول لي وتـَرْمي دُميَتـَـها ثم تأخُذها لتَبوسها وتَنام
خدّها على كِتاب ألعابها /
أنا تونسيّة تقول لي . وتقول لي أحيانا
أنا «تونْـسبـيّة »...
فأضْحَكُ وأحْزن . تـَرتبك فُصولي. أتـَحَسّسُ مَفَاصِلَ عُمْري
كم تشْبِهُك هيّ حين تفْرح
كم تُشْبِهُك حين تَغْضَب فَتعْدو وراء قِطّتها .
تقول لي وقَدْ أغْمَضَتْ عيْنها اُلْــيـُمْنى واُتخَذَتْ لَهَا
وقْفة عارضات الأزياء :
«رأيتُ صوّرا لجميلات تُونسيات أشْبـهـُـهـن
و يُشْبهْنني ...»
تقول لي :
«لماذا ليس لي كما اُلْعُصْفور أجْنِحَة أريد أنْ أطيرَ ...
بعيدا .. بعيدا إلى بلادي .»؟
أقول لها وقد أدْمَتْ قلبيَ و دَمْدَمَتــني :
سَوْف يـكون يا « سيلفيا »... سَوف يـكون..
(...)
اذا تسلّمت رِسالتي أكون قد شُفيتُ ...
منْكما رُبّـمـا .. يا اُبنَ جنوب المتوسّط جُنِنْتُ
أو أنا على اُلْـمَشَارِف ...
(...)
هذهِ هيّ اُبْنَتُكْ وتِلكَ صُورتها ...
و قدْ كَـبرتُ... وطَارَتْ بِلاَ أجْنِحَةٍ علّها تبْحَثُ عَنْك ..؟
(«دين أمّك»...) عِبارَةٌ سَمعتها من تُونسيين
في اُلْبار عِنْدنا يقولونها لِبَنَاتِنَا وقد أهْدَوْهًن وَرْدا
وإنْ أنا لاَ أعْرف باُلْتّحْديدِ مَعْنَاهَا
علّها تَعْني أُحِبّك
/وأنت لم تَقُلها لي /
أو علّها تَعْني اُشتَقْتُ إلَيْكَ
/وأنْتَ لَـمْ تَقُلْها لي /
أو لَعلّها تعْني أمُوتُ فيكَ
/وأنْتَ لم تَقُلْها لي /
او علّها تعْني أمُوتُ عليْك
/وأنتَ لم تَقُلهَا لي/
أو علّها تَعْني أمُوت تحْتَكَ
/وأنْتَ لم تَقُلْهَا لي /
أو عَلّكَ قُلتَها لي و أنا نَسيتُها
أعْجبتني اُلْعِبارَة يا عَزيزي وهَا إني أقولُها لكَ بكُلّ جَوارِحي
(«دين أمّك» )
( يا حَبيبي دِينْ أمّك حُبّ برْشَا بـَرشَا ) «دِين أمّك» أنا )
المهمّ يا عزيزي أنّ «سيلفيا» غيّرتـْني مُنْذ وِلادتها في غِيابِك
وغيّرتني الفصولُ ومَرض السُّكَّري .
موتُ أخي « خوليو» في حَرْبٍ لاَ تَعْنيه
ولا تعْني وطني غيّرني
نَحفتُ كَثيرا ... وجْــهي اتـّخَـذ له شَكْل وجْه شارلوت برونتي
لكنّي لم أمُتْ في 31 مارس آذار وعمري 38 سنة مثلــها) )
أنا الآن في اُلْـمُحيط العاصِف بالعَواطف
وأنتظر...
شُغلي ُالإنتظار وتوْريق أوْراق
كِتاب الوقت
أنا اُلآن في « خليج فـونيسكا»
ترافقني دائما «رُباعيات مولانا جلال الدين الرّومي» التي أهْديتَنيها
وشَذرات « محي الدين ابن عربي.».