قاعة الريو: مسرحية «ثورة دون كيشوت» لوليد الدغسني: وكأننا بالبشريّة قد توقفت عن إبداع الحياة؟

لماذا يجب أن يحتفظ الإنسان بثباته على أرض الواقع؟ وما هي الفكرة المصاغة من خلال ممارسة الحرية؟ وهل نستطيع أن نغير العالم أم أنه هو الذي سيغيرنا؟وما هو الأكثر تعقلًا والأقل جنونًا؟ وهل من المبادىء الأخلاقية محاولة تغيير العالم؟ وهل تواجد

الأبطال أمرًا ممكنًا؟ ماذا لو استفاق دون كيشوت من جديد؟ هل سيرى اولئك الذين غزوا «المنقالة؟» ويحاربهم؟ ام سيعود اليه عقله ويكتفي بلعبة «بيع»، اسئلة العقل والجنون، الصدق و الخيانة، المتاجرة بالدم والشعب، لعبة السياسة والوطن، الثورة ونتائجها؟ الرابح والخاسر جميعها طرحت في «دون كيشوت وليد الدغسني». من بين ركام نفايات فوق عربة تستيقظ مجموعة من الشخصيات لتجسد بآداء رائع الواقع التونسي بعد الثورة..تنقد المسرحية الجهل والتخلف والبطالة وعدم الانسجام مع الذات و تشير إلى صناعة الارهاب والتحكم في الإعلام والسيطرة عليه و توظيفه لتشكيل الرأي العام وفق أهداف مالكيه جميعها مواضيع تشكلت وتخمرت في مسرحية «ثورة دون كيشوت» مسرحية صارخة ، ساخرة، ناقدة، ناقمة على الواقع والموجود، مسرحية قاتمة قتامة الواقع و ساخرة من كل شيء من اخراد الدغسني وتمثيل مجموعة من ممثلين متميزين متحصلين على العديد من الجوائز وهم اماني بلعج و منى التلمودي ويحي فايدي و منير العماري و ناجي التواتي، وملابس للفنان عبد السلام الجمل.

من هو المجنون؟ فاقد العقل؟ ام خائن الوطن؟

ظلام يسيطر على المكان، اقصى الركح الي يمين المتفرج عربة، والى اليسار امرأة تبدو انها حبلى، يشتعل الضوء أصفر فوق راس المرأة بلباسها الاسود، اصفرار وكأنه وجيعة داخلية و اسوداد كما واقعها، تنحني وتصرخ صرخة الولادة ومع كلمة «اه» وضوء يتوسط الركح تكون انطلاقة المسرحية.

صرخة الولادة تكون فاتحة العمل، فالثورة ولادة للأحرار من رحم الظلم والديكتاتورية، والشبع ولادة من رحم الجوع، والحب ولادة من رحم العدم والجفاء والفروسية تلد من رحم الجبن والخوف و احرار سياسيي تونس ولدوا من بؤر السواد، سواد انعكس على اعمالهم وشوه تلك الكلمة التي يرددونها كثيرا «الوطنية».

يصبح الضوء اكثر اتساعا لنرى على الركح عربة تتوسط الركح، من رحم الزبالة ولدت حكايات الشخصيات، رجل وامرأة ينبشان الزبالة بحثا عن بقايا طعام يقيهما الجوع ووطأته، العربة المستطيلة وجودها لم يكن عبثي بل مقصود فشرارة الثورة كان عربة «البوعزيزي» وأصبحت العربة رمز للثورة ورمز لرفض الموجود، والبقاء داخل العربة في مكان قميء هو حال العديد من التونسيين الذين توسموا من الثورة خيرا فلم يجدوا غير مزيد الفقر ومزيد التقشف و التجويع.

داخل عربة قديمة يتحدث الرجل والمرأة عن «عمارة الـ14 طابق» تلك التي يجهلون مصيرها ويطالبون باعادتها للشعب في كناية عن عمارة مقر التجمع الدستوري المنحل؟ ما مصيرها؟ ولماذا كل هذا الصمت تجاه تلك التحفة المعمارية؟ سؤال طرح في العمل.

ينطفئ الضوء ويتغير فضاء الاحداث، لقاء بين سيدة انيقة ورجل يلبس بدلة جميلة هو «ر ياضي سابق، ويطمح إلى رتبة وزير، فلي العديد من المشاريع للشباب، نسفّروه، نحرقوه، نهزوه للجبل يذيب الكوليستيرول»، نقاش عن الوطنية والمقابل؟ عن الثمن واذا «باش تبيع» ما المقابل، حديث عن السياسة وكيف يتم التحضير لبعض المناسبات والمناصب، و محاولة للغوص في سياسة «شاشية هذا على راس هذا» نقد ساخر من السياسيين في تونس وطريقة تعاملهم مع مناصبهم وكيف يتاجرون بوطنيتهم فقط لكسب منصب جديد.

في المسرحية يطرح السؤال عن المجنون؟ اهو من فقد عقله؟ ام من باع وطنه مقابل منصب؟ من المجنون من صرخ باعلى صوته «شغل حرية؟» ام ذاك الذي سرق صرخات الثوار وأعاد تشكيلها وباعها في سوق الوطنية «المضروبة»؟ من المجنون المطالب بحقه ام سارق الحق؟ اسئلة جميعها طرحها وليد الدغسني في مسرحيته «ثورة دون كيشوت» التي حصدت العديد من الجوائز في كل مشاركاتها تقريبا.

بين الرَّمز و «الرِّمز» والترميز تدور الحكاية
فضاء العرض فضاءات، مقبرة مهجورة يبحثون فيها عن قبر على قياس محام يريدون اغتياله ليكون «شهيدا» يدخلون باسمه الى اللعبة السياسية، وفضاء محكمة يكون....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115