افتتاح فضاء «فينوس» للفنون بماجل بلعباس هنا تسري في عروقنا دماء المقاومة...وسنقاوم من أجل الفن

«لا أرتدّ حتى أزرع في الأرض جنّتي.. أو أقتلع من السماء جنتها» هكذا قال غسان كنفاني، مقولة عمل بها المسرحي بلال علوي وقرر ألاّ يرتد عن حبه للمسرح ويستميت في دفاعه المستديم عن حلمه ليكون في مدينته ماجل بلعباس فضاء ثقافي خاص يكون حاضنة للإبداع

ورمزا لفعل ثقافي مناضل وبعد فضاء «منيرفا» بسبيطلة والمركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين المدينة ولد فضاء «فينوس» بمدينة ماجل بلعباس ليكون الفضاء الثقافي الخاص الثالث في ولاية تزخر بالطاقات.

الخميس 20 اكتوبرتجملت المدينة، وأُغلق شارعها الرئيسي مع تجمع عدد كبير من المواطنين فقط للفرجة وللاستمتاع بعروض مقدمة وليأخذوا نصيبهم من الابتسامة، في الشارع الرئيسي لمدينة ماجل بلعباس وزعت الابتسامات على المواطنين كبارهم وصغارهم وكان للأطفال الحظ الأوفر من ضحكة صادقة موشاة بأجمل الألوان لصنع الحلم في عرس ثقافي انقسم الى جزءين اول تنشيطي وهو مهرجان مسرح الشارع وثان تمثل في افتتاح فينوس للفنون.

فينوس، تحقق الحلم...وولد معه أمل بفعل أكثر مقاومة
إذا طمحت للحياة النفوس، فلا بد أن يستجيب القدر» هكذا قال شاعر الإنسانية في حديثه عن إرادة الحياة، وهناك في احدى المدن القريبة للجبال وللحدود شباب حالم بتغيير الواقع الثقافي، شباب امن بأهمية الثقافة عند الناشئة فحلموا و تمردوا على الموجود وحاولوا تحطيم كل القيود والمعرقلات فقط ليقولوا أنهم هنا في الوجود ولازال للحلم بقية وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة، بل هي كل الحياة، حمرة تربتها واخضرار زيتونها وفرادة فستقها وطيبة أهلها وشجاعة ابنائها كلها عوامل دفعتهم ليحاولوا ان يكونوا افضل.
في المدينة الرومانية ماجل بلعباس التي كانت محطة عبور الرومان بين قبصة وتبسة انتصب الفضاء الوليد، اسمه فينوس جميل كجمال الاسم، وشامخ شموخ الالهة وصلب صلابة احلام ابنائه.

فينوس هو اسم الفضاء الثقافي الوليد الخاص الاول في مدينة تفتقر الى الفعل الثقافي، اختار له صاحبه بلال علوي اسم الهة الجمال عله يكون صرحا للجمال وفضاء يوفر كل مقومات الحلم لابناء مدينة ماجل بلعباس.

في الشارع الرئيسي طريق قفصة إلى جانب المكتبة العمومية انبعث الفضاء الوليد كطائر المنيرفا كلما احرق إلا وانبعث من رماده كذلك الحلم بالفضاء الثقافي الخاص كلما تكاتفت العوائق ضدّ انجازه الاّ وازداد الإصرار على تشكيله حلما موشى بألوان الارادة والحياة.
باب حديدي اسمر اللون سمرة ابناء الارض، في الداخل فضاء جد شاسع، الى يمينك لوحة فسيفسائية تقدم لتاريخ ماجل بلعباس، كل الاعمدة زينت ببعض المنتوجات والأدوات التقليدية «الفنار» و«الڤازة» و «الكليم» و «النطع» جميعها حضرت في بهو الفضاء وزينت الأعمدة المدهونة باللون البنفسجي لون الحلم والبهاء.

الى يسارك تكلمت الحيطان باسم لغة الكون، الموسيقى شدو الملائكة، خرج الحائط الأسمر من صمته وتزين بآلتي كمنجة كانتا متقابلتين وكأنهما ترحّبان بالضيوف وتعزفان معزوفة مغازلة زيوس الاه الشمس لفينوس آلهة الجمال فيشرق المكان بشمس الحب التي يباركها ابولو كبير الالهة متجسدا في الة العود داخل فضاء فينوس.

الى اقصى اليسار ركح صغير، خصص للعروض المسرحية، منذ اليوم الاول ولد فينوس كبيرا فبعيد دقائق من حفل الافتتاح وزيارة الضيوف للمكان قدم لهم عرض مسرحية «صعاليك» من انتاج جمعية الشهاب المسرحي بماجل بلعباس لتكون خطوة اولى لتكوين لبنة عمل مسرحي ناقد ومغاير، خطوة يقودها فضاء فينوس ويحميها حتى يصبح مآل ابناء المدينة الصغيرة الزاخرة بالطاقات والابداعات، منذ اليوم الاول اختار بلال علوي صاحب الفضاء الثقافي الخاص الاول في المنطقة ان يكون وليده صوت ابناء المدينة و نبراس املهم، منذ البداية

اراد لفضائه ان يصبح حامل احلام ابناء الماجل مرددا قولة الشاعر:
أنا العاشق، بسيطٌ مثل قريتنا، وتسكنني منازلها، وتبهرني بساطتها وتغريني (مصاطبها) وتعجبني مزارعها وتعشقني وأعشقها كتاباتي كقريتنا أنا العاشق،لسحرٍ طاف في تونس، لسوسنها (وللشابي) يغنّي مجدها الوضّاء، وللولد الّذي ألقى لهيباً فوق أوجاعي فصارت ثورة الثوّار ولبّت نبضها الأقدار أنا العاشق، للارض والوطن.

أمل، تجسد في أجمل اللوحات
فينوس، اسم الهة الجمال وهل هناك أجمل من لوحات ترسمها امرأة عشقت اللون فحولت بياض الورق الى أبهى الصور، فينوس الهة السحر وهل هناك ما يسحر الألباب والعقول أكثر من أنامل رقيقة تحرك الريشة كساحر يذهب العقل كذلك ريشة سمية الشعباني.
هي ابنة مدينة ماجل بلعباس كان فضاء فينوس اول فضاء يحتضن معرضا شخصيا لها معرض قال عنه صاحب الفضاء بلال علوي «فينوس فضاء لكل أبناء الماجل، أردناه أن يكون وعاء لحلمهم، نريده فضاء تشاركيا نحلم داخله بصورة أفضل لمدينتنا والمرأة الفنانة عنوان الجمال في هذا المكان».

عنوان المعرض «الامل»، امل رسمته انامل فنانة رقيقة، عشقت اللون وتماهت مع الريشة فأمتعت الضيوف بأجمل اللوحات، اكثر من 25 لوحة، تباينت مواضيعها بين التجريبي والواقعي، المائي والزيتي كلها تتغنى بالامل، ميزة الالوان الازرق و الابيض و البني الوان تبعث على التفاؤل وتدفع الزائر للوقوف طويلا يحلل الرسم ويبحث عن خفاياه ثم يبتسم ويمر إلى لوحة أخرى.

لكل لوحة سرها، فواحدة ألوانها متشابكة ومتدافعة و متنافرة ومتحدة ، كل المتناقضات تحضر لتقدم أجمل صورة عن عشق فنانة للرسم، وأخرى تقدم لبعض الآلات التقليدية التي تستعملها المرأة في مطبخها لتنقل جانب اخر من شخصية المرأة التي كثيرا ما تميل الى مطبخها وكأنه لوحة فنية، وربما أكثر اللوحات التي شدت انتباه الجمهور، لوحة يمكن أن نسميها الإرادة أو الانعتاق أو التحرر، لوحة جزئها السفلي رسم بالأزرق، توسطها كتاب مفتوح ومنه تخرج صورة لميزان رمز العدالة وفوقه العلم الوطني مشع في شكل الشمس و اسفل الكتاب مجهر يدوي ويد مرفوعة وقيودها محطمة، لوحة تقبل الكثير من القراءات، فهي عنوان للحرية وربما السؤال عن العدالة التنموية والثقافية في الجهات وربما تحذير من غضب المثقفين إن لم تساندهم الدولة في أحلامهم، لوحة لها أكثر من دلالة كشخصية الرسامة التي استقبلت فينوس بالأمل.

فينوس الفضاء الثقافي الخاص، فضاء يحمل احلام أبناء الجهة ومبدعيها فضاء في منطقة اقرب الى الجبال والحدود، هي رسالة تحدى وحياة رسالة الى عشاق الموت والفساد مفادها ان لهذا الوطن أبناؤه الصادقون، شباب مبدع يعشق الفنون ويطمح الى التغيير، «فينوس» الوليد بعث كبيرا، منذ يومه الاول كان فضاء لمعرض سمية الشعباني و احتضن عرض مسرحية صعاليك و كان فضاء للسينما والفن السابع امس مع حسام الهلالي و مكان اجتماع مجموعة من المبدعين الذين قدموا الورشات في اطار الدورة الاولى لمهرجان مسرح الشارع، «فينوس» ولد كبيرا كاحلام مبدعي تلك الجهة الذين تحدوا التهميش وتجاهل السلط لينجزوا فعلا ثقافيا بديلا وحلموا بوطن افضل يستحق التضحية أليس الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلّا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم كما يقول (ونستون تشرشل)، هناك في الماجل شباب وجّه رسالة الى كل المتجاهلين لاهمية الثقافة وقالوا «كما صمدت شجرة البطوم لقرون وقاومت كل الحروب واشكال العنف والتدمير، سنصمد امام كل العقليات الرافضة للابداع» فعلى هذه الارض كل الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115