انطلق مشروع «كارنا» وجاب 6 ولايات تونسية وقام المشروع اساسا على مجموعة من الورشات اختتمت بعمل «كارنا» الذي قدم للمرة الاولى منذ ايام اثناء تدشين ساحة الفنون بمدنين ، كارنا مشروع شمل 6ولايات و 130 مشاركا في الورشات و 7مؤطرين و قدم 14 عرضا في المهرجانات والساحات العامة وتوجه لـ 15 ألف متفرج و قطع 8 آلاف كلم ولازالت رحلة الثقافة متواصلة.
مسرح الشارع،رسالة لافتكاك الحقوق
«كارنا» مشروع عمل ثقافي فرجوي انطلق من البحث في المواضيع المسكوت عنها في تونس، ومن بينها «التمييز العنصري» ضد حاملي البشرة السمراء.
اختيار مسرح الشارع لم يكن اعتباطيا بل كان الهدف منه الاقتراب أكثر إلى المتفرج أينما كان في الريف او المدينة يقطن الجبل او الوهاد او الصحراء اينما كان منزله او تجمّعه السكني وصلت اليه «الكار» المجهزة بمسرح وقاعة عرض صغيرة، وتوجه اليه مجموعة من المشاركين الذين بلغ عددهم 130 تم اختيار 15 منهم ليقدموا العرض النهائي.
وانطلق المشروع بنتظيم 6معسكرات تدريبية للتعرف على مختلف تقنيات واساليب مسرح الشارع «مسرح الفوروم، مسرح الصورة، فنون المهرج» وورشات في الموسيقى «السطمبالي و البنقة والطبال» بالاضافة الى تكوين في السيكودراما باعتبارها شكل من اشكال الارشاد النفسي الجماعي وتستخدم التمثيل كوسيلة ادائية.
كارنا جابت ست ولايات في الجنوب التونسي، بمدنها وقراها واريافها وشعابها، في كل دشرة يأتيك المسرح والموسيقى، اينما وليت وجهك وجدت اناسا يلبسون اقنعة ليتحدثوا عنك وعن مشاكلك ومطالبك مستعملين تقنية الكوميدي دي لارتي لنقد العديد من المشاكل التي تمس التونسي.
ست ولايات جابتها الكار، واكثر من 8000 كلم قطعتها المجموعة فقط لترسيخ الفعل الثقافي، إقامات فنية وعروض للاطفال والكبار ليشعروا انهم جزء من هذا الوطن، هم تونسيون ربما ابعدتهم الجغرافيا عن الحاضرة او المدينة ولكنهم جزء من ربوع الوطن هم يحرسون تاريخه ويسهرون على حمايته ولهم الحق في الفعل الثقافي.
لصغار مدن الجنوب توجه المؤطرون حاملين معهم رسالة فنية وابداعية ليمتعوا الصغار ويزيدوا من وعي الكبار بحقوقهم وواجباتهم، للتونسيين البعيدين هناك توجهت كارنا ومجموعة من المبدعين من الراقصين والممثلين والمهرجين والفنانين ليقدموا مجموعة من العروض لتونسيين متعطشين للفعل الثقافي.
«كارنا» الذي قام على مسرح الشارع، اين كانت الساحات العامة فضاء للنقاش والتحاور ، الفن اكتسح الشوارع والطرقات ليشرك ابناء 6ولايات من الجنوب التونسي في فعل ثقافي نقدي.
ورشات في الفنون للتعريف بالحقوق
«كارنا» لم ينطلق من الفراغ، ولم يختر مسرح الشارع لبساطته بل انطلق من رحلة بحث اولا في مواضيع ممنوع الخوض فيها، ومن اهداف المشروع تعزيز قيمة مسرح الشارع كأداة للتعبير المجتمعي في الولايات الستة، وتنمية مهارات 120 شابا من المهتمين بقضايا التمييز في تقنيات و ادوات مسرح الشارع و الموسيقى والكتابة الابداعية والسيكودراما.
طيلة اشهر من انطلاق مشروع كارنا وهو مشروع حول «الدراما والتنوع والتنمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، ممول من طرف الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج “ميدكلتر”، و من طرف الأمير برينس كلاوس للثقافة و التنمية، ومؤسسة بوستكود السويدية ومؤسسة هينرش بول، والمنفذ من قبل فريق مينورتي رايت الدولي و معهد منتدى سفيك ومركز اندلس تم استقطاب 130 شابا في الجنوب التونسي و والعمل مع 18 هيكل منها مركزان للفنون الركحية و6شركات انتاج و10 جمعيات هاوية.
وتم العمل على المشروع الاخير الذي قدم في ساحة الفنون مع مجموعة من المؤطرين، وكان العمل في ورشات متعددة.
بالنسبة لولاية قابس كان اللقاء مع ورشة «إيقاعي ولحني هما هويتي» تأطير طارق عبد العلي، وورشة «في صمت الأحياء نبض التماثيل» تاطير معز حمزة، وورشة «خامات ومجازات» تأطير محمد امين حمودة..
وبالنسبة لمدنين قُدمت للمشاركين ورشتان الأولى في الكوميدي ديلارتي تاطير الكيلاني زقروبة، والثانية في الموسيقى والرقص طوائف غبطن» أطرها الحبيب التومي.
الولاية الثالثة كانت تطاوين وورشة «فن الكلون» للسعد لزرق، وورشة الايقاع اطرها رشيد بن مصطفى وورشة المشي على العصي تاطير لطفي الناجح، بالاضافة الى ورشات في فن الجسد والإيقاع والتاطير الدرامي، كل هذه الورشات اختتمت بعروض في تلك المدن ثم اختيار مشاركين ليكونا في العرض النهائي، فالورشات اقتربت اكثر الى المشاركين والمواطنين وانطلقت من بيئتهم لبناء لبنة العمل المسرحي الفرجوي «كارنا، تونس دارنا».
«كارنا تونس دارنا» انتهت لمسات العرض وقدم في اولاد بومخلوف قبل سفره الى الجزائر، عمل يحتفي بمسرح الشارع وينادي بوقف التمييز وينادي بالمساواة بين كل المواطنين التونسيين، عمل اقترب الى المواطن والتحم بهمومه ليكون الفن صوت الحق وصوت التونسيين اينما كانوا.
«كارنا تونس دارنا» هدفه نشر وعي اهالي الجنوب بضرورة وضع حد لظاهرة التمييز، بشتى أنواعه وخاصة التمييز ضد المراة والسود وحمايتهم من مختلف أشكال التمييز، واثارة حوار عميق مع الجمهور حول هذه الظاهرة. إنه عمل هدف لإلغاء كلمات «حر» و «عبد» و«كحلوش» من الذاكرة الجماعية، مشروع انطلق من إيمان ذاتي من سامي البحري وشكري البحري بقدرة الثقافة على التغيير و العدد الكبير والإقبال الجماهيري الكثيف أكد نجاح «كارنا» في الوصول إلى الجمهور المستهدف.
انور الشعافي مخرج العمل
أقرٌّ بوجود مواهب شابة ومبدعة لا ينقصها إلا التأطير
لمزيد معرفة بعض خبايا عرض كارنا اتصلت «المغرب» بالمسرحي انور الشعافي مدير مركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين و في تصريحه اكد انّ «كارنا» اول تجربة مسرحية في مسرح الشارع في اطار «نمشيو للجمهور مانستناهش يجينا» كانت اكتشافا جميلا وسنواصل التجربة لان ما ينقصنا في تونس هو التواصل مع المتفرج فاغلب الأعمال المسرحية المنجزة داخل الفضاءات المغلقة يحضرها عدد قليل من الجمهور في حين ان اعمال مسرح الشارع لها جمهور غفير ومحترم.
واضاف محدثنا كارنا عمل ثقافي مسرحي هو مشروع قام على عدة ورشات في 6ولايات تونسية توزروقبلي وتطاوين ومدنين وقابس وقفصة
واستمتعنا بالعمل مع اكثر من 60 شابا شاركوا في هذه الورشات واخترنا مجموعة من الشباب لنقدم المشروع النهائي يوم افتتاح ساحات الفنون بمدنين اثناء زيارة وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين.
واشار الى ان المشروع انطلق من منطقة القصبة وهي تابعة لمعتمدية «سيدي بو مخلوف» من ولاية مدنين لان جل سكان المنطقة من ذوي البشرة السمراء «وأردنا أن نقدم عملا ونغوص في موضوع لازال من المسكوت عنه في بلادنا أي العنصرية والعلاقة بين السود والبيض» على حد تعبيره .
واكد الشعافي انهم عملوا فنيا على الكوميدي دي لارتي وهو فن ظهر في ايطاليا في الساحات العامة خارج الفضاءات المغلقة في مزج مع الموروث الموسيقي الزنجي بطريقة غير فلكلورية واشتغلنا على (عبيد قبنطن) في مدنين والقصبة و(البنقة) في نفطة واعتمدنا تركيبة مسرحية يونانية قائمة على الموسيقى والرقص من جهة و الحوارات المسرحية من جهة أخرى.
واضاف محدثنا ان العرض الكامل قدم في بومخلوف المكان الاول الذي استلهمنا منه العمل لدلالة رمزية ، ولنا جولة في الشرق الجزائري ضمن مهرجان بجاية الدولي من 27 اكتوبر الى 6 نوفمبر
ثم جولة في كل ولايات الجمهورية ، بالاضافة الى حضور العرض ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية بصفاقس بالاضافة الى المشاركة في الافتتاح الرسمي بجزء من العرض مدته ثلاث دقائق .
وبخصوص العمل مع الشباب في الولايات التي احتضنت العديد من الرشات قال الشافي « أنا اقر اني اكتشفت الشباب المسرحي وقدراته ، كنا نعمل في الفضاءات المغلقة، وحين اقتربنا الى الساحات اكثر اكتشفنا طاقات رهيبة في مختلف التعابير الفنية ، شباب موهوب لا ينقصه الا التأطير».