وتنديد في صفوف المثقفين التونسيين والعرب..
اغتيال ناهض حتر، يدّعم ذلك المؤشر الخطير الذي يدلّ على هول التراجع المشين في سلوك المجتمعات العربية، الذي تغذيه النعرات الجاهلية والتعصب والتشدّد والجهل..
«الربّ الوحيد الّذي يسمح بقتل الأبرياء باسمه هو فعلا «ربّ الدّواعش»، هكذا نددت المفكرة ألفة يوسف باغتيال الكاتب الصحفي ناهض حتر، كما أدان إتحاد الكتاب التونسيين بشدة في بيان صدر له أمس الإثنين بإغتيال الأردني ناهض حتر الذي قتل من أجل إيمانه ونضاله من أجل العمل التقدمي المقاوم ، والذي أغتيل يوم الأحد 25 سبتمبر 2016 بالعاصمة الأردنية عمان..
من ردود الأفعال..
وجاء في البيان أن الإتحاد وإن يدين بشدة هذه الجريمة البشعة التي استهدف من خلالها الراحل ناهض حتر والفكر الحر والكلمة الشريفة المناهضة لتيارات الردة والتكفير والتطبيع والعمالة ، فإنه يستنكر كل ممارسات الايحاء بالتصفية الجسدية التي تقوم بها التيارات الظلامية عبر الفتاوى والتحريض الخفي على كل القامات الفكرية والابداعية في مختلف الأقطار العربية.
وأكد الإتحاد وفق البيان ذاته أن استقرار المجتمعات وأمنها يتأسس وجوبا على الأمن الثقافي وإشاعة ثقافة قبول الآخر المختلف وثقافة الحوار والمحاججة بالفكرة لا بالرصاصة ، وهو ما يناضل من أجله المثقفون والمبدعون كل في مجاله وبطريقته ، وأن عدم إحترام الإختلاف في الرأي وتهديد حرية التعبير والضمير والتفكير، هو أحد أسباب التخلف الذي تعيشه البلدان العربية راهنا حسب البيان .. وذلك إثر كاريكاتير نشره على صفحته بموقع «الفيسبوك» اعتبره البعض «يحمل إساءات للذات الإلهية».
ويقول الكاتب المصري رؤوف مسعد مدافعًا عن حتر: «الله سبحانه وتعالى لم يفوض أحدًا من البشر الذين خلقهم من طين بالدفاع عنه دفاعًا يصل إلى حد قتل، من يظن من هؤلاء البشر أن أحدًا من الناس يهين الذات الإلهية، وفعل إجرامي كهذا يجعل الناس يظنون – والعياذ بالله – أن الله غير قادر على الدفاع عن ذاته الإلهية، موقفي واضح ضد محاكمة المبدعين، وموقفي صريح ومعلن ضد إحالة النشطاء السياسيين السلميين إلى المحاكم العسكرية، وموقفي واضح ضد خطف النشطاء من الشوارع وإخفائهم أو قتلهم، وموقفي واضح أمام «تلبيس» المبدعين والنشطاء تهمًا تقول إن نشاطهم السلمي هو مؤامرة لقلب نظام الحكم بالقوة».
وقال الكاتب السوري خليل صويلح، أنه «ليس ذلك الرجل الملتحي وحده من اغتال ناهض حتر، هناك الآن على مواقع التواصل الاجتماعي ورشة من اليساريين والثوّار الأشداء مبتهجين في الخلاص من أحد كتّاب «المقاومة»، بعد أن أصبح خطاب المقاومة لدى هؤلاء شبهة كاملة».
وقال الكاتب الجزائري فيصل الأحمر أن «الكاتب الفنان العربي ناهض حتر يدعونا إلى التأمل في قضيتين محوريتين في حياتنا العقلية؛ الحرية الفردية، والعلاقة الهشة للعربي المسلم أساسًا بالدولة، فقضية الفقيد ناهض كانت مطروحة كقضية للرأي العام، بعيدًا عن حرية التعبير والحرية الفردية، ومن هنا بدأ الخطأ، إذ من الفقر السياسي أن يتحول رأي الشخصية العمومية إلى قضية أمن من قبل الدولة، ثم تخرج القضية من رعاية الدولة إلى الشأن العام، فكأن الدولة تحاسب جماهيريًا شخصية عمومية على ممارسة حقها في التعبير السياسي أو الفكري، وهو وضع تسببت فيه أجهزة الدولة وزاد طينها بلة جنون مواقع التواصل الاجتماعي».
ناهض حتر.. ذلك المؤمن بالحداثة والفكر التقدمي..
حتر هو كاتب وصحافي يساري أردني يكتب في جريدة «الأخبار»، خريج الجامعة الأردنية، قسم علم الاجتماع والفلسفة، حائز على ماجستير فلسفة في الفكر السلفي المعاصر. يعتبر عراب الحركة الوطنية الأردنية في العقد الأول من القرن الحالي. سجن مرات عدة أطولها في الأعوام 1977 و1979 و1976، وتعرض لمحاولة اغتيال سنة 1998، أدت به إلى اجراء سلسلة جراحات، كما اضطر إلى مغادرة البلاد لأسباب أمنية، فتوجّه إلى لبنان سنة 1998، إلى أن انتهى مقيماً في عمان.
وكان حتر نشر رسما كاريكاتوريا، على صفحته الشخصية على «فايسبوك» بعنوان «رب الدواعش»، ثم حذف المنشور من صفحته بعدما قال أن الرسم «يسخر من الارهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الالهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الارهابيون، إن الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وأما النوع الثاني فإخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون».
ومن مؤلفات الراحل الفكرية والعلمية: «دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني»، و»الخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟» و»في نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديمقراطية»، و»وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينيات»، و»الملك حسين بقلم يساري أردني»، و»المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ»، و»العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأمريكي».