لجنوب صحراء تونس انتظمت قبل نحو السنة بمشاركة فريق متعدد الميادين.
تواصل «جمعية أحباء الطيور» عملية تعداد الطيور المائية في أكر من 150 منطقة رطبة بمشاركة نحو 250 متطوعا، لتحصي ما لا يقل عن 350 الف طائر مائي عابر للحدود قادم من أوروبا، مع تغيرات نسبية في الأعداد بحسب المواق والعوامل، وهو ما سيحدد بشكل دقيق عند استكمال التعداد.
وأكد المنسق العلمي لجمعية أحباء الطيور، هشام أزفزف خلال ندوة افتراضية قدمتها الجمعية السنة الماضية أن معدّل عدد الطيور المائية المهاجرة والقارّة، التي تقضي فصل الشتاء تونس كل سنة، بلغ حوالي 497 364 طائر في الفترة الممتدة بين 2009 و2018 في حين تم تسجيل أعلى عدد للطّيور المائية المشتية في العشرية الأخيرة سنة 2014 اذ بلغ عددها 303 539 طائر.
وخصصت هذه الندوة الافتراضية التي نظمتها، جمعية أحباء الطيور بالتعاون مع الادارة العامة للغابات ومركز البحوث حول المناطق الرطبة المتوسطية » تور دي فالات، في اطار إحياء اليوم العالمي للتنوع البيولوجي، تقديم نتائج التقرير المتعلق بتعداد الطيور المائية الذي أجري في الفترة الممتدة بين 2009 و 2018.
وأكد المنسق العلمي لجمعية أحباء الطيور، هشام أزفزف، تسجيل ارتفاع طفيف في عدد الطيور المائية في تونس خلال العشرية الاخيرة، مثل البط أبو مغرفة والنحام الوردي، مقابل تراجع في أعداد بعض الأصناف المهددة مثل البط الصفار والغرّة السوداء ,الكركي الرمادي، وهو ما يستوجب مراجعة نظم وآليات حمايتها.
وبيّن أزفزف، لدى التطرق الى وضعية المناطق الرطبة في الفترة الممتدة بين سنتي 2009 و 2018 أنّ أغلب هذه النظم البيئية عرفت تدهورا على غرار محمية « اشكل » الوطنية التي أصبحت منطقة رطبة مهدّدة بالزوال جرّاء الضرر البيئي الكبير الذي لحقها بسبب أنشطة بشرية لم تأخذ بعين الإعتبار خصائصها الايكولوجية
وأضاف أنّ مناطق رطبة حضارية كسبخة السيجومي وسبخة أريانة، باتت تستقبل مزيدا من الطيور المائية خلال فصل الشتاء وهو ما يستوجب حمايتها حتى لا تلقى نفس مصير حديقة « اشكل الوطنية».
ويعتبر التعداد السنوي للطيور المائية، الذي تنجزه جمعية أحباء الطيور في تونس، جزء من برنامج علمي واسع ساهم في عقد شراكات بين عدة جمعيات دولية بهدف تبادل الخبرات وتطوير الكفاءات. وأكدت لورا دامي، من مركز البحوث حول المناطق الرطبة المتوسطية « تور دي فالات» أن، سنة 2012 شهدت ميلاد الشبكة الطيور المائية المتوسطية التي مثلت حلقة تعاون بين جمعيات من ضفتي المتوسط من بينها جمعية أحباء الطيور وقدمت إضافات علمية هامة حول أعداد و أنواع الطيور المائية بحوض المتوسط وهو ما سيعزز الجهود المبذولة للحفاظ على الأصناف المهددة
صيحة فزع
وفي انتظار مآلات ونتائج التعداد ،أطلقت جمعية أحباء الطيورآخر السنة المنقضية صيحة فزع ودعت إلى ضرورة حماية الطيور المهاجرة والقارة في تونس من الانقراض بسبب الصيد العشوائي أو التلوث، وذلك خلال تنظيمها ليوم تنشيطي ثقافي وتوعوي، السبت، احتفالا باليوم العالمي للطيور المهاجرة الموافق ليوم 9 أكتوبر من كل سنة.
وأكد المنسق العلمي لجمعية أحباء الطيور، هشام أزفزف، أن الجمعية تعرب عن بالغ قلقها من أنواع الطيور التي لوحظ، خاصة، خلال العشر سنوات الأخيرة، نقص وجودها في تونس، على غرار الطيور المغردة واللقلق والخطيف وغيرها .
وقال أزفزف: «توجد عديد الانتهاكات التي تمارس ضد الطيور المهاجرة والقارة على حد السواء، كالصيد غير القانوني لأنواع الطيور المحمية والتي يقع بيعها أيضا، ونلاحظ ذلك على سبيل المثال في سوق المنصف الباي أين تعرض عديد الأنواع المحمية للبيع وهذا أمر يحد من وجودها باعتبار أنها مهددة بالموت».
ومن الناحية القانونية بين المتحدث ذاته، التهاون في تطبيق القانون على غرار القانون المتعلق بتحديد الأنواع التي يمكن صيدها مع تحديد الأماكن والمدة أيضا فضلا عن ضعف العملية الرقابية وردع المخالفين ، محملا المسؤولية، بالأساس، إلى إدارة الغابات والوزارات المتداخلة على غرار وزارتي الداخلية والدفاع.
من جهة أخرى أشار ممثل الجمعية إلى التغيرات المناخية وعامل ارتفاع درجات الحرارة التي أثرت على فترة مكوث الطيور المهاجرة في تونس إذ اعتادت هذه الأنواع من الطيور أن تتوافد على تونس منذ شهر نوفمبر لتغادرها في شهر أوت، « إلا أن هذه المدة لاحظنا تقلصها إلى حدو الشهر أو شهرين » حسب تقديره .
وأشار أزفزف، إلى الأهمية الإيكولوجية من ذلك طائر الخطيف الذي يأكل بمعدل 3 آلاف باعوضة في اليوم علما وأن هذا الطائر هو طائر مهاجر أصبح يزور تونس لمدة شهر ونصف تقريبا ثم يرحل بعد أن كانت مدة مكوثه بتونس تصل إلى ثلاثة أشهر.
من جانبه ، أكد المكلف بالإعلام والاتصال بجمعية أحباء الطيور، أيمن العبروقي، أن الجمعية دأبت على تنظيم أنشطة ثقافية وتربصات علمية ميدانية لفائدة الأطفال والشباب لتعريفهم بالثروة البيئية وسبل حمايتها.
كما تقدم الجمعية لفائدة الباحثين والطلبة دورات تكوينية في العلوم المتعلقة بالطيور.
ولفت العبروقي إلى أهمية تنمية الوعي بالاشكاليات البيئية لدى المواطنين خاصة الأطفال والشباب من خلال القيام بالحملات التحسيسية والتظاهرات البيئية للحفاظ على التنوع البيولوجي في تونس.
تجدر الإشارة إلى أن تونس يوجد بها حاليا 200 نوع طائر قار بالإضافة إلى 200 طائر مهاجر، يزور تونس بصفة موسمية.
ويعتبر الصيد غير العشوائي والبيع غير القانوني والتلوث الناتج عن النفايات البلاستيكية التي تعتبر مادة مسممة للطيور، من أبرز الظواهر التي تهدد الطيور عامة بالانقراض.
بعثة استكشاف إلى جنوب الصحراء
قبل نحو السنة توجه فريق علمي متعدد الاختصاصات إلى أقصى الجنوب، في بعثة استكشافية علمية وبيئية بعد نحو اربع عقود من رحلة مماثلة، وكان من بين خلاصاتها الأولية، يشتهر أقصى جنوب تونس بصعوبة الوصول إليه وتنظيمه بشكل كبير. يفسر ذلك من ناحية أنها منطقة عسكرية ذات حماية عالية (لأنها تحدد حدود تونس مع الحدود الجزائرية وليبيا ، مما يجعل الزيارات محدودة للغاية). ومن ناحية أخرى ، بسبب الظروف الجوية والجغرافية القاسية مثل: الجفاف الشديد ، ودرجات الحرارة الجهنمية ، والقيمة العالية جدًا لمؤشرات الأشعة فوق البنفسجية ، والرياح التي يمكن أن تكون شديدة العنف وكذلك العوائق الطبيعية مثل الكثبان الرملية. ergs الشرقية (التي يمكن أن يتجاوز ارتفاعها 250 م). كل هذه الظروف تفسر ندرة الدراسات العلمية التي أجريت في أقصى جنوب تونس ، والتي تتميز ببيئاتها الصحراوية الطبيعية المتنوعة وحيواناتها ونباتاتها المتكيفة مع الظروف المناخية الصعبة. في الواقع ، تم تنفيذ 5 بعثات علمية متعددة التخصصات في جنوب تونس ، يعود تاريخ آخرها إلى عام 1986 (منذ 35 عامًا). لأن الامتداد الصحراوي الذي يغطي حوالي ثلثي مساحة تونس لم يكتشف بعد ، بدا من الضروري بالنسبة لنا تنظيم رحلة علمية جديدة ومتعددة التخصصات من أجل استكشاف الموائل المختلفة لهذه المنطقة ، وتقديم بيانات جديدة عن التنوع البيولوجي في أقصى الجنوب التونسي وكذلك لوضع نظرة عامة عامة على مختلف البيئات الحيوية و دولهم. تم تعبئة فريق علمي متعدد التخصصات مكون من 12 عضوًا بالإضافة إلى سائقين و 5 سيارات دفع رباعي لهذه المهمة من أجل اكتساح أكبر عدد ممكن من مناطق الصحراء التونسية وهكذا ، تم السفر أكثر من 1000 كم خلال فترة الإقامة في الفترة من 14 إلى 21 ماي 2021 في هذه المنطقة الشاسعة المعروفة بأنها الأكثر جفافاً في البلاد. سمح ذلك للفريق بالتطور حول بيئات مختلفة (كثبان ، صخرية ، رطبة ، إلخ) وجمع أكبر قدر ممكن من البيانات عن الحيوانات والنباتات في هذه الأماكن المختلفة خلال هذه الفترة.
وجاء في خلاصة التقرير الأولي للبعثة: ونس دولة تتميز بتنوع أرضياتها المناخية على الرغم من أن مساحتها تعتبر صغيرة
مقارنة بالدول المجاورة لها.
سمحت لنا هذه الرحلة الاستكشافية باستكشاف الموائل والمناظر الطبيعية المختلفة التي تميز أقصى الجنوب التونسي. ولكن كذلك لتوسيع نطاق بعض الأنواع وتحديث قائمة الأنواع المختلفة من الأصناف التي تعيش في هذه البيئة التي تعتبر معادية نظرًا لارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه ، وهي مصدر يؤثر بشكل مباشر على الحياة ووجود كل من التنوع الحيواني والنباتي.
هذا التقرير ليس سوى قطرة من كومة المعلومات التي لا تزال حتى يومنا هذا غير معروف إلا القليل عن الصحراء التونسية وتطورها في مواجهة التغيرات المناخية والعوامل البشرية. نتيجة لذلك ، فإن جميع العلماء الذين شاركوا في هذه الرحلة على يقين من الحاجة إلى مزيد من البحث.
بعثات ذات مدة أطول وخلال المواسم المثلى والمحددة لنشاط كل تصنيف من أجل جمع المزيد من البيانات وتحليلها جيدًا بعد ذلك.
نأمل أن تتاح لنا الفرصة لمواصلة دراسة هذه الصحراء التونسية الرائعة والكشف عنها أسرار بشكل مستمر. ونرغب في إشراك الطلاب المتحمسين للبيئة في المهمات التالية حتى يكتسبوا خبرة في الميدان ويتولون زمام الأمور في المستقبل من أجل ضمان حماية التنوع البيولوجي لهذه المنطقة الرائعة.
طيور الماء.. ونفائس الصحراء
- بقلم سليمان بن يوسف
- 10:43 24/01/2022
- 1433 عدد المشاهدات
تعرف الساحة البيئية أحداثا مهمة لا تحجبها إشكالات النفايات في جربة وفي صفاقس.
ومن بين هذه المحطات اللافتة تعداد الطيور كذلك صدور تقرير أولي لبعثة علمية استكشافية