إننا كشعب راق غني ومتأصل حضاري نحمل حلم مدينة فاضلة زاخرة برياض غناء و بحدائق فيحاء شبيهة بما عرفته الأندلس قبل قرون، وتونس الخضراء كما تحدثت عنها الكتب والأساطير، ولكننا في الانتظار، ننتظر ولا نبادر لقطع الخطوة النوعية المطلوبة، وبالنتيجة يبقى الحال على ما هو عليه.
بصدق عزائم وهمم لا شك في إخلاصها، تقود مصالح البيئة وما يشاركها عبء الاستدامة تجهيزا وفلاحة وتنمية وجماعات محلية، غير ان الحركات والخطط وإن اتجهت في مسار معالجة مشكلات التلوث وإعادة بناء الفضاء والمؤسسة والتنمية لا تحدث في الجمهور العريض ولدى المواطن الصالح ما يفيد بوجود قطار سياسي أخضر يتحرك بوتيرة واضحة حاملا معه العقول والأبدان ويندفع بفعم افتراضي من وقود إدراك وانخراط جماعي كفيل بتحريك الركب نحو أهداف التنمية المستدامة.
وتنجز البلديات ومعها هياكل الدولة كثيرا لإصلاح ما لوثه عامة الناس في كل الأنحاء، ولا ينتصب لبيب في الضمائر يحرض الجميع على التعاون لصون ما تم تنظيفه وتهيئته.
تتحرك مئات الجمعيات تصنع مبادرات تنظيف توعية وتربية و..هي لا تتشابه كثيرا فلا تتكرر ولا تتوسع الدائرة بكثافة تصنع تقليدا يبشر بمأسسة التجارب واعتمادها عادات يومية في معيش التونسيين.
إن النظافة من قبيل البيئي العاجل والآجل غير أنه ليس كل البيئة، وهو ما يستدعي وضع معالم ثابتة على طريق بناء متين لسياسة بيئية قصيرة متوسطة وبعيدة المدى، ورسما شموليا معمقا لرؤية إستراتيجية يخطها كافة المعنيين بالشأن البيئي والعام.
وهو عمل حضاري مسؤول يشكل اختبارا لنضج البناء المؤسسي الجديد لتونس ما بعد الثورة ودستور الجمهورية الثانية، أي تونس المشاركة المواطنية المسؤولة، بعيدا عن منطق التقسيم الوهمي لدوائر القرارو تقاسم السلط وترامي المسؤوليات.
إن من الحلقات المفقودة بناء رؤية واضحة وغير مرتجلة يشترك فيها كل منتسب للأسرة البيئية وصاحب موقع أو رأي أيا كان حجمه وتخصصه
لا بد من بداية رسم خارطة الطريق البيئي استنادا لمدونة وثيقة جلسات تفكير التنمية المستدامة المنجز قبل عامين واستئناس بمراكمات الفعل والتفكير والسياسة البيئية في الممارسة الرسمية والمدنية على امتداد أربعة عقود.
نحن بحاجة لضمان سداد مسار السفينة لحد أدنى من الوضوح في مسار المركبة، يستند لمعطيات مرجعية ورصيد تشاوري ومخزون يساعد الربان على ضبط البوصلة وتحديد الوجهة وصياغة المسار.
هي خطة لكل المراحل القادمة، لا مفر منها حتى لا نخبط خبط عشواء ولا نهدر جهود الفاعلين من مختلف الآفاق والأجيال، ويستمر العزف على غير هدى والغناء كل على ليلاه.
لقد آن الأوان لتجميع جهود الجميع دون تمايز أو ادعاء ليلتقي المؤهلون لصياغة الرؤية وفق نهج أفقي تشاوري جامع حتى ينطلق العد التصاعدي لإعادة بناء المشهد البيئي وقد أعلن المنخرطون فيه، وهم معظم التونسيين، أصبح عندي الآن رؤية بيئية استراتيجية، إلى الاستدامة فخدوني معكم.