رؤية جمعية تويزة في ولاية الكاف عندما بدأت في تنفيذ مشروع المواطنة الفاعلة بالشراكة مع المجلس الثقافي البريطاني و الممول من طرف الاتحاد الاوروبي اذ شرعت منذ شهر فيفري 2020 في تكوين 142 شاب ليكونو مواطنين فاعلين فماهي تويزة ! و ما هو برنامج المواطنة الفاعلة ! و ماذا كانت النتيجة
تأسست تويزة في (02 /02 /2019) في ولاية الكاف على يد مجموعة شابة طالما أدركت انه لا ملاذ للتحرر و الانعتاق و المضي قدما إلا بخلق وسيلة جديدة في قطاع اقتصادي جديد يسمى بالاقتصاد التضامني الاجتماعي و كانت اهداف هذا الفريق تتمثل في ان تعي منظمات المجتمع المدني بالشمال الغربي قيمة هذا المفهوم القديم الجديد و قيمة الانسان قبل رأس المال و قيمة العمل المواطني و ان تكون مواطنا فاعلا مؤثرا في محيطك فإنطلقت المغامرة و بدأت هذه المنظمة الشابة في حفر طريقها نحو هدف سامي و قيمة انسانية راقية و فعلا اصبحت اليوم و في اقل من سنة ركيزة من ركائز الاقتصاد التضامني الاجتماعي في ولاية الكاف و الشمال الغربي بل كي لا ننسى هي اول جمعية تنظم منتدى للاقتصاد التضامني و الاجتماعي في ولاية الكاف و الشمال الغربي التونسي في ( 29 /03 /2019).
بل بدأت في شق طريقها نحو فلسفة جديدة و هي ان الانسان الفاعل والمواطن الذي يسعى الى تحسين محيطه و تغييره افضل من المواطن المستهلك و راهنت على ان النزعة السوسيولوجية في رغبة الانسان البديهية في تحسين ذاته وتكوين هويته المتغيرة هي رغبة عامة و موجودة في نفس كل انسان بل وتنتظر من يحركها و يأطرها لتكون محركا جديدا للمضي الى الاحسن فكان مشروع المواطنة الفاعلة الذي يموله الاتحاد الاوروبي محملا جيدا لإثبات هذه الفلسة و دون تردد او تفكير أخذت تويزة على عاتقها محاولة انجاح هذا المشروع العملاق الذي يضم 50 دولة حول العالم و منها تونس بثمانية ولايات : القيروان و سوسة و المنستير و تونس الكبرى و الكاف و بدأت في تطبيق رؤيته في 5 معتمديات في ولاية الكاف الحدودية الا و هي الجريصة تاجروين ساقية سيدي يوسف الدهماني والكاف المدينة بشقيها الغربي و الشرقي و لعل الجميل في المرحلة الاولى هي استجابة 337 شاب غير فاعل في محيطه من ولاية الكاف لنداء تويزة اثناء حشدها وتركيزها على هذه الفئة من الشباب الذين لطالما اقترنت بهم في افكارنا البسيطة تلك الاحكام المسبقة حول الخمول و التواكل والتي لطالما ضننا نحن المثقفون اننا نعرف مصيرهم و ندرك احلامهم و نعرف جيدا ان ليس لهم سبيل سوى البحر و الحرقة او الجلوس على عتبات المقاهي ، لكن في الكاف كان رد جحافل ذلك الشباب صادما بل كاد يسقطنا من ابراجنا العاجية لنرتطم بحقيقة ان اغلبهم رد نداء تويزة لانهم فعلا يريدون وطنا احسانا و يريدون ان يرو بصمة اناملهم في مشاريع جديدة تحسن وضع تلك الربوع النائية و ترتقي بها في سلم الحضارة و بدأ الحلم في تكوين هؤلاء الشباب يقترب من الواقع
و انطلقت فعلا رحلة التعلم مع 164 شابا من مختلف المعتمديات بمساندة من المجلس الثقافي البريطاني و تم تكليف افضل المكونين بهذه المسؤولية في هذه الرحلة على غرار السيد حمزة كعبار و السيدة الفلسطينية السورية دانة قنديل وغيرهم و كان الهدف واحدا و هو النبش في الهوية الجماعية لهذا الشباب و تمكينه من الطاقة اللازمة والوسائل المنشودة ليتواصلو مع محيطهم الغني بتراثه و عراقته و حاضره ولبناء جسر نحو المستقبل القريب لكن و للحظات من الزمن بدأ شبح تبدد الحلم التويزي برمي ظلاله على الفريق اذ تفشى في العالم وباء جديد اتجه مباشرة من الصين نحو تونس و دخلت البلاد في هيستيريا و مشاغل جديدة و بدأ الغلق الكلي يحبط عزائم الجميع ما عدا فريق تويزة الذي كان يستمد طاقته من عظيمة المواطنين الفاعلين الجدد فكانت تلك الفترة التي توقف فيها كل شيء فرصة ليتعرف التويزيون على هؤلاء الشباب الذين قرروا أن يظهروا مواهبهم لرفاق درب المواطنة و كان شهرا حافلا تمكن فيه فريق تويزة من التقرب اكثر من اصدقائهم الجدد و اكتشفو ان ذلك الشباب المتهم بالخمول يخفي في طيات جوارحه مواهب خامة تستحق الصقل.
و عادت بعد الحجر الصحي دورات التكوين بعزيمة اقوى بعائلة اكبر بما يزيد عن 138 فردا عقدو العزم نحو محور جديد في التعلم وبدؤوا في إكتساب وسائل جديدة لاكتشاف محيطاتهم و معرفتها اكثر عن طريق رسم خارطة مجتمعية لأحيائهم و معرفة النقاط الايجابية فيها و النقائص التي يمكنهم من خلالها بناء افكارهم و هنا بدأ افراد العائلة الجديدة في البحث عن النقائص التي يستطيعون تغيرها ثم انطلقت المرحلة الثالثة في طريق المواطنة الفاعلة و تبلورت افكار المشاريع و بنيت على اساس تلك النقائص و انقسم 104 شاب في 22 مجموعة توزعت على كل تراب ولاية الكاف وطرحت 22 اشكالية عاجلة و 22 فكرة مبتكرة لحل تلك الاشكاليات و كان من الملزم للفريق تكوين الشباب على تقنية صياغة المشاريع ليكتسبو وسيلة التعبير عن افكارهم و اصالها لافراد محيطهم و فعلا تم صقل ومتابعة 22 فكرة وتم اختيار 10 افكار بارزة في عدة مجالات منها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و منها ما كان مفاجئا لفريق تويزة فبعض هذه الافكار حمل في طياته ذلك البعد الاقتصادي الاجتماعي كفكرة مشروع «مرڤوم» بالدهماني الذي يسعى الى المحافظة على تراث عظيم تعلمنه جداتنا و هو نسيج المرڤوم و تعليمه للفتيات المنقطعات على الدراسة و صنع علامة تجارية لهن تضمن لهن العيش الكريم و لم تتوقف المفاجآة هنا ففي تاجروين قررت مجموعة تاجروين اليوم وغدوة العمل على البعد الاقتصادي الاجتماعي و تكوين النساء اللواتي لا يمتلكن عملا في مجالات يردنها لمحاربة تضييع الوقت.
في المكوث في المنزل و ربح ذلك الوقت لصنع دخل يضمن كرامة عيشهن وكذلك تدخلت الجريصة بمبادرة رشيقة نسوية قصد توعية النساء في مفهوم العنف المسلط على بنات جنسهن و كيفية التصدي له قصد بناء شبكة نسوية قوية تضمن حقهن.
كما كان لساقية سيدي يوسف نصيب عظيم من الابداع و فرح فريق تويزة لفكرة تكوين نادي مواطنة في مدرسة المنجم الريفي.
وتتالت الافكار الجميلة التي لا يمكن حصرها و اثبتت تويزة لنفسها ان شباب تونس لم يكن يوما متواكلا او خاملا بل كل ما كان ينقصه هو قليل من المتابعة والكثير من الاستماع و التقرب و ان على هذه الارض ما يستحق الحياة
اخيرا و في نهاية المطاف ولاية الكاف ستشهد ولادة عشرة مشاريع صغيرة في حجمها لكن تأثيرها المنتظر عظيم والشباب الفاعل متعطش لبنائها و يستحق مساندة الجميع و الوقوف معه ليكون في المستقبل شبابا قائدا