حول متابعة خطط تأمين التزود بالماء الصالح للشرب خلال صائفة 2020 أفضت إلى خطة عمل تقوم على ضبط منهجية متابعة لخطّة تأمين التزود بالماء الصالح للشرب
بالتنسيق بين المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية وكل الأطراف المعنية تمّ إعداد دليل إجراءات في الغرض يتم فيه ذكر منهجية التدخل والإسراع بتدارك العناصر المتأخرة بخطة تأمين التزود بالماء الصالح للشرب للصائفة المنقضية والعمل على تحسين آداء المنظومات المائية المضطربة لتفادي التعرض لنفس الإشكاليات في صائفة 2020 مع العمل على إحداث دوائر جديدة بالولايات التي تشهد نقصا في الموارد البشرية على غرار قفصة وذلك لتعزيز متابعة تنفيذ النقاط المتفق عليها وبرمجة أيام تحسيسية لفائدة المجامع والاستئناس بتجارب الولايات الناجحة ووضع خارطة طريق من طرف كل المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية والوقوف على أهم النقائص والنقاط السوداء التي تحول دون التزود بالماء الصالح للشرب مع إيجاد الصيغ الممكنة لحلحلة المشاريع المعطلة بجنوب صفاقس ومواصلة التصدي للربط العشوائي للمنظومات المائية.
جدير بالذكر أن مصالح وزارة الفلاحة تشتغل حاليا على مشروع خاص بالمياه والمستغلاّت الفلاحية وهو مشروع مموّل من البنك العالمي بما قيمته 430 مليون دينار كما تشتغل على خطة لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب خلال صائفة 2020 وذلك في إطار المتابعة الحينية للمنظومات المائية بالوسط الريفي وخاصة مشروع تحسين التصرف في المنظومات المائية بالوسط الريفي الممول من البنك الألماني للتنمية «KFW» حيث تقوم هذه الخطة على عدة نقاط منها ضبط منهجية عمل لإنجاز المشروع وتلافي التأخير في انجازها بتشريك المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية ضمن برنامج إحكام متابعة التصرف في المنظومات المائية واستحثاث نسق تأهيل 6 منظومات مائية معنية ومبرمج انجازها في موفى شهر أكتوبر الحالي مع تقييم وضعية المجامع المائية ودراستها حالة بحالة لفضّ الإشكاليات المعترضة وإيجاد تصور جديد ورؤية مستقبلية لمشروع تحسين التصرف في المنظومات المائية وبرمجة يوم إعلامي وتحسيسي لفائدة المجامع المائية على المستوى الجهوي لمعاضدة مجهودات الإدارة في إنجاح المشروع
المصادقة على مشروع قانون خاص بمجلة المياه:
بهدف تحسين التصرّف في الأنظمة المائية صادق خلال هذه الصائفة مجلس وزاري على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإصدار مجلة المياه وهو مشروع سنّ وفقا للمستجدّات المناخية ولتأثيرات التغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية وشدّة التنافس على طلبها ممَّا إنجرَّت عنه اضطرابات كبرى في التوازنات المائية المعهودة حيث أصبحت مقتضيات هذا القانون غير ملائمة لمتطلبات المرحلة الحالية ولا تستجيب لضروريات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية للبلاد الى جانب وجود مستجدّات خاصة بتعدّد المنشآت والبنية الأساسية المائية خلال العقود الفارطة وتبين وجود عديد النقائص في مجلة المياه لسنة 1975 والتي لم تعد تتطابق مع مقتضيات دستور الجمهورية الثانية الذي كرَّس الحق في الماء وواجب المحافظة عليه وترشيد استغلاله من قبل الدولة والمجتمع
وانبنى مشروع هذا القانون على الوقوف على جملة من النواقص بمجلة المياه لسنة 1975 ومنها الاستغلال المفرط والمكثف للخزانات المائية الباطنية الذي فاق الطاقة المسموح بها لعدم شمولية أحكام المجلة الحالية وتوجهها أساسا نحو العرض الى جانب غياب البرمجة المندمجة للثروة المائية على الصعيدين المحلي والجهوي والوطني وعدم تنظيم مهنة التنقيب عن المياه مع تطور التقنيات والأساليب التي مكنت من النفاذ إلى الموارد بسهولة وعدم نشر المعلومة المتعلقة بالمياه مما يفقد الشفافية والضمانات المستوجبة لحث الاستثمارات المرتبطة بهذا القطاع الحيوي مع غياب مساهمة المجتمع المدني في التصرف المندمج في المياه وعدم مساهمة المستغلين ومستعملي المياه في أخذ القرار الى جانب عدم ملائمة الإطار المؤسساتي الحالي لمتطلبات التصرف الرشيد في الموارد المائية والمحافظة عليها ومراقبتها وعدم تحيين الجانب الردعي المتعلق بالجرائم والعقوبات منذ صدور المجلة في بداية السبعينيات مما ساهم في تفشي ظاهرة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه وتردي التوازنات المائية الى جانب قصور مجامع التنمية الناشطة في مجال المياه في إدارة المنظومات المائية ونقص في مراقبة أداءها الإداري والمالي.
وجاءت مجلة المياه في شكلها القانوني الجديد ملائمة لمتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية ومكرسة لأحكام دستور 27 جانفي 2014 خاصة منها الحق في الماء والحق في البيئة السليمة والعيش الكريم والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات والعدالة الاجتماعية والحق في النفاذ إلى المعلومة ودعم اللامركزية وعلى تثبيت ملكية الثروات الطبيعية للشعب التونسي وترشيد استغلالها حيث بدأ العمل في إنجاز هذه المجلة منذ ما يقارب 10 سنوات على عدة مراحل فتداول عليه عديد الخبراء والإطارات وممثلي المجتمع المدني ثم تم استحثاث النسق منذ سنتين وتضافرت الجهود للوصول إلى هذه الصيغة التي تمت المصادقة عليها اليوم والتي تضمنت أحكاما أساسية من أهمها اعتبار الموارد المائية ثروة طبيعية وطنية يجب استغلالها والمحافظة عليها وتثبيت مبدأ الحق في مياه الشرب والصرف الصحي وإدراج مفهوم اللامركزية في التصرف في الملك العمومي للمياه عبر إرساء مجالس جهوية للمياه وتحقيق مبدأ التضامن الوطني والعدالة في توزيع المياه إضافة إجراءات التصرف في الحالات القصوى كالفيضانات والجفاف ووجوبية نشر المعلومة المتعلقة بالمياه والحق في النفاذ إليها وضمان الحوكمة الرشيدة للموارد المائية بتشريك المجتمع المدني ومستعملي المياه في إنجاز المخططات المائية والتصرف المستدام في الموارد مع تدعيم الجانب الزجري بخصوص المعتدين على الملك العمومي للمياه.
دعم الإطار المؤسساتي للتصرف والمحافظة على الموارد المائية:
نص مشروع مجلة المياه في شكله القانوني الجديد على تدعيم الإطار المؤسساتي للتصرف والمحافظة على الموارد المائية من خلال إحداث المجالس الجهوية للمياه لدراسة المسائل المتعلقة بالتصرف في الموارد المائية على مستوى الجهة في إطار الاستراتيجيات الوطنية وإحداث الهيئة الوطنية التعديلية لخدمات المياه التي تكلف بتقييم وتعديل الخدمات العمومية المقدمة في قطاع المياه وذلك لضمان التوزيع العادل للماء على المواطنين ونجاعة استعمالها في مختلف المجالات وإحداث الوكالة الوطنية لحماية الملك العمومي للمياه واستغلاله والتي تكلف أساسا بمراقبة وحماية الملك العمومي للمياه وتعويض مجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري الناشطة في قطاع المياه بالمجامع المائية ذات مصلحة عمومية.
وفي ظلّ وجود اشكاليات عديدة للجمعيات المائية بكامل جهات البلاد حيث بلغت مديونية مياه الريّ قرابة الـ60 مليون دينار بات من الضروري اليوم التفعيل التدريجي لمخرجات مجلة المياه الجديدة لتحسين التصرف من ذلك مثلا تعويض هذه الجمعيات بمؤسسات مختصّة وخاصة بالمناطق السقوية الفلاحية العمومية التي تستغلّ مياه السدود الكبرى والتي تتفاوت نسب استغلالها بين المناطق حيث تعدّ ولاية جندوبة الأقلّ نسبة وطنيا في استغلال هذه المناطق كما بات من الضروري اليوم اجراء مسح وطني شامل للقطاع الفلاحي وخصوصياته مع مراجعة كيفية وآليات استغلال الآراضي الدولية