هل كانت بمثابة نزع فتيل الخيبة الكبرى من جموع البيئيين، وقد طال ارتقابها ورحلت إلى آخر العهدة النيابية الحالية.
أوليست مؤشرا على ضحالة الحس البيئي والمواطني لدى نخب المشرعين الحاليين، ومدعاة لطرح السؤال حول مآلات إعادة ترشحهم وترشح أحزابهم لعهدة قادمة؟
الساحة الحزبية والسياسية تعيش على وقع تحولات وتحديات وحراك ما قبل الترشيحات والاستحقاقات الانتخابية القادمة، وفيها مبادرات تستند إلى الخلفية البيئية وتؤكد الاهتمام بالتنمية المستدامة كأولوية، لحركات وقائمات، وربما أحزاب(خضر؟)
إلى اي مدى يشكل المجال وأسئلته العالقة وتحدياته الايكولوجية والتنموية مبررا كافيا لتأسيس برامج انتخابية تعطي الاستدامة حيزا مهما في مشروعها المستقبلي، وتعد الحلول والبدائل القابلة للتنفيذ، اكثر من مجرد شعارات انتخابية للاستهلاك العاجل قبل إعلان النتائج؟
قبل أسبوعين انعقدت ندوة مهمة بادرت لها جمعية الأمم المتحدة واستضافت نخبة من كفاءاتنا وخبرائنا ومسؤولينا البيئيين بينهم وزراء.
ومما برز في عرض السيد محمد النابلي مثلا اعتماد لائحة من أهداف التنمية المستدامة اقرت من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعوض تلك التي رسمت على امتداد عقود سابقة.
في الأفق 17هدفا للتنمية المستدامة و169 متجها وفق أجندة2030 التي صادقت عليها بلادنا قبل عامين، وترمي لحل المشكلات الاجتماعية الكبرى كالجوع والفقر نهائيا ، وحماية الموارد الطبيعية وضمان توفرها للأجيال الراهنة والقادمة، وتأمين حياة راقية للجميع وتأمين ظروف حياة آمنة وفتح شراكات مفتوحة لضمان نمو متوازن عادل ومستدام.
هل يدرك الفاعلون أن المسألة لا تخص وزارة البيئة وحدها ، وإنما ، وعلى حد تعبير وزيرة البيئة السابقة فائزة الكافي ، تعنينا جميعا وكلنا مسؤولون عن ضمان تكريس تلك الأهداف على أرض الواقع.
هل يجدي كما اقترح الخبير البيئي خليل عطية استذكار مسار تونس في سياق ترسيخ التنمية المستدامة بالمدن والتجمعات الحضرية، وهو مجهود اشترك فيه فاعلون وطنيون محليون ودوليون بينهم الاتحاد الأوروبي ووكالة التعاون الألماني، واسهم في إنجازه من وزارة البيئة السيد هادي الشبيلي، لاستعادة خطوات التأسيس، وأسباب التعثر، وأوجه المراجعة وإعادة التحرك والاستشراف؟
البيئة عندنا مهددة ومواردنا الطبيعية وأسباب البقاء والحياة والنماء كما ذكرت الإطار الأممي بتونس جيهان الطويل من حيث ندرة الماء، ومن ثم أمنها الغذائي والطاقي وانعكاسات ارتفاع مستوى البحر.
أسئلة المصير تحتم تضافر الجهود بغاية تسريع نسق إدراك الأهداف المرسومة للتنمية المستدامة بصيغتها الجديدة المعدلة ، عبر آليات منهجية تعتمد التخطيط والتشاور والتشارك مع التقييم الدوري لما ينجز.
من المؤشرات الإيجابية المسجلة مؤخرا، والمحسوبة لبلادنا، بعيدا عن مديح الذات، ما أعلن في تقييم موضوعي أممي، من تصنيف تونس ثانية على مستوى القارة السمراء في السعي والالتزام ببلوغ أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
ليس المهم ليس النوايا، والإعلانات والشعارات -وإن كانت الأشكال والتجمعات مهمة- وهي هذا العام متواترة وكثيفة في منعرجات اندراج تونس في سياق التحول نحو الاستدامة..غير أن إشراك الجميع،وانخراطهم بروح مواطنة مسؤولة، لا تستثني أحدا، شرط محوري، توجب أخذه بعين الاعتبار وتوفير الأسباب الموصلة إلى تأمينه.