إضاءة: متوسط بلا بلاستيك

هو مادة خفيفة مريحة طويلة العمر سهلة الاستعمال، نسيت الطبيعة اختراعها، على راي أحد حائزي جائزة نوبل..

البلاستيك، الزائر المرعب الذي حل من سبعة عقود فاكتسح البر والبحر وغمر الحقول والساحات والمدن والأرياف.
سريعا باتت المادة العجيبة اليوم مصدر ألم ومخاوف وهواجس وأمراض خبيثة.

وتحولت إلى عامل أساسي للتلوث المشهدي وتشويه جماليات الطبيعة والمنظر الحضري فضلا عن الأضرار الفادحة بالتربة وغيرها.

مؤخرا في اجتماع خبراء نظمته «كمبسود» أو «ميو» بالبرلمان الأوروبي ببروكسال، حضره برلمانيون وجمعيات ومختصون تم طرح أوجه التقدم في معارك الحد من تفاقم البلاستيك في حوض المتوسط وعرض ملامح من النجاحات المحققة في التقليص من الكوارث الناجمة عن انتشار النفايات البلاستيكية في عرض البحر وأعماقه وما تم التوصل إليه من حلول تزاوج بين الوقاية والعلاج والبدائل الممكنة.

قضية البلاستيك مهمة لهذا الحد، وفي سياق تقديم التجربة التونسية مثلا بينت النائبة مريم بوجبل مسار المنع التدريجي للأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الجيد الذي اقترحته وتبنى البرلمان مقترح وزارة الشؤون المحلية والبيئة فكانت خطوة طوعية هامة على طريق محاصرة الشبح البغيض.
العالم اليوم على شفا مخاطر لا تحتمل التأجيل ولكل قوى المجتمع وفئاته مع الحكومات والهياكل الفنية دور ووظائف حيوية في صد المخاطر التي باتت لانتشار البلاستيك في أعماق المتوسط وسواحله بما في ذلك الصيد البحري ومخزونه البيولوجي.

وفي مجابهة المعضلة البلاستيكية وهي نموذج للمشكلات البيئية المرتبطة بتطورات مستحدثة في نمط العيش مستويات ودور مهم للتعديل الوقائي بمحاولة الحد من الانتاج وتغيير نمط الاستهلاك للتحكم في إفراز المعلبات والمواد والبلاستيكية لتفادي التحكم في كامل المشكل في مستوى النفايات.
ومع الحلول والخطط المدروسة والمقترحة المرتبطة بمقاربات التدخل القطاعي والجهوي، تطرح مشاريع التثمين والرسكلة كخيار مهم واستراتيجي من شأنها تغيير الوضع العام للمواد البلاستيكية بعد الاستعمال

كما تطرح قضايا التكامل والتعاون بين البلدان والمنظمات والمؤسسات والخبراء والمشرعين وغيرهم لإنشاء ديناميكية تضمن ترفيع طاقة المواجهة ونسق التحكم في الظاهرة وتحسين صيغ التعامل مع هذا المشكل المتفرد لارتباطه بعادات استهلاكية شبه حتمية وملازمة لشروط الحياة الحديثة ومقومات جودة العيش.
حوض المتوسط بلا نفايات بلاستيك، حلم مشروع ومتجه لعمل جماعي ممكن يقتضي جدية أكبر في تعاطي الفاعلين وتكاملية التدخلات بين كافة المعنيين من أفراد ومجموعات ومؤسسات وحكومات ومنظمات إقليمية.

وهذه القضية بالذات تعد واحدة من المعضلات البيئية الطارئة التي تتداخل فيها الأبعاد الصناعية بالآثار على المنظومات البيئية وتهديد التنوع الحيوي وتسريع تغير المناخ وغيرها من الأبعاد البيئية المختلفة وهي نموذج من الاشكاليات البيئية التي تتطلب التزاما جماعيا وتحركا مشتركا من كافة الكتل والقوى والحكومات والمواطنين كواحد من ضمانات النجاح في مقاربات مغالبة التحديات الكبرى والضغوط المسلطة على الأنظمة البيئية، وما تتطلبه من تطوير الحلول وابتكار المناهج والبرامج، على غرار مقترح «نكسوس» البرنامج الجديد لمعالجة مشاكل البيئة والتنمية في مجتمعات المتوسط، بمراعاة أبعاد الماء والغذاء والطاقة والمنظومات البيئية واستحقاقاتها والضغوط التي يسلطها كل من هذه الأبعاد..
فرص مهمة متاحة للتفكير والتخطيط والتنسيق والفعل، مادام الزمن متاحا، لأن الحل يكمن حتما في مزاوجة الأبعاد الوقائية والعلاجية والاستفادة من مؤثرات كافة الأطراف ووزنها في المعادلة المطلوبة من أجل تعاون ورؤى مجددة وسياسات تشاركية على طريق تنمية مستدامة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115