التحذير من ذروة الفقر المائي كان قبل 8 سنوات: آبار جفت نهائيا ومخزون السدود قارب على النضوب وشح الفصول الممطرة ينذر بازمة عطش

• الفلاحة تستحوذ على 80 % من الموارد المائية
الأمن المائي من الأمن القومي ولان لتونس خصائص اقتصادية تقوم على الفلاحة أساسا فان الحديث عن شح المياه يحيل إلى استعمالاته وحسن التصرف فيها، ونقص المياه الذي تظهر نتائجه على الأرض والغراسات وعند الأفراد عند انقطاع المياه ترجمته عديد الأطراف من

سلطة الإشراف وزارة الفلاحة والموارد المائية والمجتمع المدني المعني بالقضية إلى جانب مؤسسات دولية.
«لا يمكن مطالبة المواطن بحسن استعمال الماء فيما تستنزف المياه الجوفية في زراعات لا تعطي قيمة مضافة للاقتصاد» هكذا بدأ علاء المرزوقي منسق بالمرصد التونسي للمياه حديثه لـ«المغرب» مؤكدا أن الفلاحة تستحوذ على 80 % من استعمالات الماء مستشهدا بما تعيشه جهة القيروان من جفاف لأبارها نتيجة الاستعمال المفرط للماء في غراسات غير مجدية.

غياب إستراتيجية مواجهة شح المياه؟ !
ولان قضية الماء من قضية تواصل الوجود فقد كان البنك الدولي قد أعلن منذ أربع سنوات أن التأثير المتوقع لتغيّر المناخ سيكون حادا بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مما يقتضي تحركا فوريا لتجنب العواقب المرتقبة الناجمة عن تفاقم ندرة المياه وتزايد انعدام الأمن الغذائي. إلا انه وحسب المرزوقي فان التحرك لم يتم مما نتجت عنه انقطاعات متكرره في المياه الصالحة للشرب جاوزت في بعض المناطق ال3 أشهر. ولم يعد الحديث عن الانقطاع مرتبطا بفصل الصيف فأزمة العطش التي تعيشها تونس أصبحت على امتداد السنة.

وانتقد علاء المرزوقي السياسة الإعلامية للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وعدم تحرك سلطة الإشراف الا عند حدوث الازمة. ليتساءل ان كانت للشركة استراتيجية لمواجهة مشكلة المياه.

كما أن الحوكمة وترشيد المياه لا يمكن ان يتم بمجلة المياه التي تمكث اليوم للعام الرابع برفوف مجلس نواب الشعب تنتظر المصادقة عليها.

لان كل الأزمات لا يمكن ان تولد فجأة فان ما يتم تداوله بخصوص أزمة المياه في تونس ليس وليد اللحظة نتيجة احتباس الأمطار فقد أشارت تقارير عديدة من بينها تقرير للبنك العالمي في سنة 2008 الى ان تونس ستشهد في السنوات الخمس الموالية نقصا في المياه الا ان ذلك التحذير لم يؤخذ بجدية.

ويدعو المرصد التونسي للمياه الى ضرورة ترشيد الفلاحين الى الاستثمار في الغراسات التي لا تستهلك الكثير من المياه ولها مردودية افضل وقادرة على تدعيم اقتصاد البلاد. كما يدعو الى ترشيد استهلاك كبار المستهلكين من مصانع وشركات وفنادق.
أن الجهود التي بذلت على مدى عقود للحد من الفقر قد تتلاشى، حسبما ورد في تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان: أخفضوا.

وكان تاكيد وزير الفلاحة السابق سعد الصديق ان تونس تعيش فترة جفاف ومخزون مياه الشرب يكفي لديسمبر و أن مخزون المياه الصالحة للشراب المتوفّرة حاليا تكفي فقط إلى حدود شهر ديسمبر المقبل. كل هذه المعطيات تثير مخاوف الفلاحين من موسم مقبل قد يكون الاكثر سوءا في العقد الاخير. خاصة وان المخزون بالسدود بلغ أواخر شهر أوت 2016 حوالي 760.8 مليون متر مكعب (م³) مقابل 1212.5 مليون م³ في نفس الفترة للثلاث السنوات الفارطة بفارق قدره 451 مليون م³ في حين ان معدل المخزون العادي يناهز 1500 مليون م³. سجل قطاع الفلاحة في تونس خلال الموسم 2015/ 2016 خسائر مادية بلغت ملياري دينار ، بنسبة 21 % من قيمة الإنتاج الزراعي، و7 % من ميزانية الدّولة .

وفي نسخة عن كلمة القاها فوزي قراجة، خبير المياه في المكتب الإقليمي لمنظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) حذر فيها من مخاطر ندرة المياه في المنطقة، والتي بدأت تظهر بوضوح في العديد من الدول، ومن شأنها أن تضع القطاع الزراعي أمام تحديات جمة تؤثر مباشرة في الأمن الغذائي والاقتصاد الريفي.

انخفاض حصة الفرد بشمال افريقيا بـ60 %
وقال خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الثاني عشر لتطوير المناطق الجافة الذي تستضيفه مكتبة الإسكندرية إن المبادرة الإقليمية حول ندرة المياه، التي ترعاها الفاو بالتعاون مع جامعة الدولة العربية ستضع إطاراً محدداً للعمل التشاركي على المستوى الاقليمي، تتحمل فيه كل دولة مسؤوليتها الفردية لحماية مواردها المائية والمساهمة في التصدي المشترك لندرة المياه التي تؤثر على المنطقة بأسرها.

وأضاف ان إقليم الشرق الادنى وشمال افريقيا يعتبر من المناطق الاكثر تأثرا بندرة المياه حيث انخفضت حصة الفرد من المياه بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وذلك بنسبة 60 % خلال العقود الاربعة المنصرمة. كما ان المؤشرات تدل على ان حصة الفرد من المياه المتوفرة ستنخفض بنسبة 50 % عما هي عليه الآن بحلول عام 2050. كما حذر قراجة من تأثير التغير المناخي.

وقال: «إن الوطن العربي لا يستطيع أن يحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء بسبب ندرة المياه، واصفا الوضع المائي بالوضع الحساس حاليا، حيث يستورد الوطن العربي حوالي 235 مليون طن من المواد الغذائية سنويا بما يتطلب 235 مليار متر مكعب من المياه على الاقل، وهى كمية غير متوفرة حاليا بسبب محدودية مصادر المياه بالمنطقة، كما أن المنطقة تعاني أيضا من أعلى معدلات للزيادة السكانية في العالم، حيث يصل عدد السكان في المنطقة العربية إلى 400 مليون وبحلول عام 2050 سوف يصل إلى 600 مليون، ما يسبب أزمة في الأمن الغذائي في المستقبل القريب إذا ما تم أخذ تدابير مناسبة وعقد شراكات إقليمية وعالمية.وأضاف: «أن العالم العربي يحتاج إلى مضاعفة إنتاج كمية الغذاء إلى 3 أضعاف الكمية الحالية، وهو ما تصعب تحقيقه بسبب أن 65 % من كميات المياه التي تستخدمها المنطقة العربية حاليا هي من خارج المنطقة، ويصعب زيادتها، وأن الموارد المائية المتجددة في المنطقة محدودة، ومعظم المصادر المائية الجوفية يتم استنزافها وهي عرضة للتملح.

وحول تحديات ندرة المياه في الوطن العربي أشار إلى أن العالم العربي يعانى من عدة تحديات في هذا الأمر، يأتي في مقدمتها ندرة المياه من المصادر التقليدية مثل هطول الأمطار والمياه الجوفية، حيث لا يتعدى معدل هطول الأمطار في مصر مثلا 70 «مليمتر» سنويا و90 «مليمتر. موضحا أن العالم العربي بدأ بالفعل يستنزف مخزون المياه الجوفية، حيث انخفض منسوب المياه الجوفية في معظم دول المنطقة.

كل التحذيرات التي اطلقت والتي تعود الى سنوات على غرار تحذير البنك الدولي من تراجع الحصة المائية للأفراد بالعالم العربي إلى النصف بحلول العام 2050 بسبب انخفاض نزول الأمطار وارتفاع معدلات الزيادة السكانية لم تلق صداها فما تشهده تونس اليوم من شح في المياه يعود الى سوء التصرف في المخزون الضعيف للمياه.

وذكر التقرير إفراط دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في استنزاف الموارد المتجددة وأن تكاليف المشكلات البيئية المتعلقة للموارد المائية تتراوح سنويا بين 0.5 % و3 % من إجمالي الناتج المحلي. كما نبه البنك العالمي انذاك الى ان النفقات المخصصة لموارد المائية قد تكون غير ناجعة. وبين التقرير أن أحد أصعب القطاعات هو القطاع الزراعي المسؤول عن نسبة 85 % من إجمالي استهلاك المياه في المنطقة، وهو ما يستوجب تخفيض استخدام المياه وزيادة الاستثمارات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115