هذه المهمة شبه الرسمية التي جمعت وفي سابقة كبيرة خمسة وزراء بثقلهم يقتطعون شريط الافتتاح الاحمر لمقهى عشاق الحديث المخملي والقهوة العبقة بروائح السياسة الخانقة هي في الواقع مجرد صورة اخفت خلفها واقعا مرّا، فالمسالة ليست مسالة وزراء افتتحوا محلا تجاريا نزولا عند طلب صديقهم الندائي ولا وزيرة السياحة التي يغرق قطاعها في مشاكل بالجملة ومؤشرات سلبية بل هي اعمق من ذلك بكثير. اذ في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في دوامة الخوف من شبح الافلاس الذي يطاردها وكابوس السقوط في شرك التبعية للدول المانحة الذي ينغمس فيه بعض المسؤولين في مهام لا تغني من جوع تغرق البلاد في خندق الرشوة والفساد الذي ينخر قلب اغلب المؤسسات الإدارية والاقتصادية الوطنية ، ويضرب مقومات الدولة ومرافقها، ويعيق حركة التغيير وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية سليمة، وهذا هو اصل الداء لا مجرد صورة تداولها الناشطون في المواقع الاجتماعية. ولئن انتشرت ظاهرة الفساد الإداري والمالي بشكل كبير في عهد حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته وأصهاره، الذين اغرقوا البلاد في وحل الرشوة والتلوث الذي ورّط
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
أجهزة الدولة في الفساد، فان هذه الظاهرة اتخذت أبعادًا اوسع من ذلك بكثير في زمن الثورة وما بعدها ، حيث اغتنمت لوبيات الفساد المالي والتهريب فرصة مشهد سياسي مضطرب وعدم استقرار امني لنتبجح بهذه الثورات غير المشروعة وبدل ان تتكاتف جهود كل مكونات المجتمع وخاصة الوزراء وكبار المسؤولين لخنق هذا الغول الذي يجثم فوق الصدور تتصدر صوربعضهم ممن وعدونا في حملاتهم الانتخابية بجنة الخلد المواقع الاجتماعية وهم يؤدون مهام اقل ما يقال عنها انها «مجاملات فارغة»
في الوقت الذي تشهد فيه البلاد اضطرابا في مؤشراتها الاقتصادية وتخوفا شديدا من القادم وفي الوقت الذي ينتقد فيه السواد الاعظم من الشعب ممارسات بعض الوزراء الذين قرروا الاهتمام بمشاغل اخرى (كافتتاح مقهى) مثلا طالما قائدهم لم يتخذ بشانه القرار النهائي، حافظ المغرب على مركزه كثاني اكبر الدول الإفريقية جذبا للاستثمارات الأجنبية، بعد جنوب إفريقيا، متقدما على مصر، وذلك على مؤشر جاذبية الاستثمارات الأجنبية، الصادر عن مكتب الاستشارات «EY» المكتب العالمي المتخصص في الاستشارات الاقتصادية مسجلا سنة 2015، نسبة نمو قاربت ال 5 بالمائة
في الوقت الذي تتوزع فيه اهتمامات اغلب القيادات وكبار المسؤولين في تونس على مواضيع لا تسمن ولا تغني من جوع ويزداد الاستثمار في تونس صعوبة وتعقيدا والفرص التي كانت متوفرة في السابق تتراجع تباعا استطاع المغرب رغم بساطة إمكانياته المادية، أن يجلب في سنة واحدة بفضل سياسة تفتحه على الاستثمارات الأجنبية،نحو 475 شركة أجنبية بمدينة طنجة فقط وفرت أزيد من 3.6 مليار دولار، ، بمجرد مراجعته لسياسته الاقتصادية والاستثمارية وتوفيره للتسهيلات والتحفيزات الاستثمارية، وإزاحته للعراقيل البيروقراطية.
صورة افتتاح المقهى مجرد اطار يخفي حقائق مرة ...