مع آفاق قاتمة: أدخنة الحرب خنقت الاقتصاديات في 2022

لم يشفع البعد الجغرافي لتونس عن الأراضي التي تدور فيها الحرب عن جعلها بمنأى عن آثارها فقد عرفت منذ مارس 2022 معاناة ثنائية

كانت أولها الآثار الكارثية لكوفيد 19 على اقتصادها ثم جاءت الآثار التي لم تحص نتائجها بعد الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
لم يكن إعلان روسيا الحرب على اوكرانيا في فيفري من العام 2022 يعني انها ستكون على أراضي اوكرانية فقط فلئن كان تبادل إطلاق النيران بين جانبين كانت شظاياها قد بلغت منذ اليوم الاول ابعد نقطة عنها ليدخل الاقتصاد العالمي في حالة هلع. كانت كل الدول بنفس الخط التي تتلقى منه رصاص الحرب .
ارتفعت اولا أسعار المواد الأساسية والمحروقات باعتبار اهمية البلدين (روسيا واوكرانيا) على مستوى تزويد العالم بالحبوب والزيوت النباتية والنفط والغاز. كانت تونس بصدر عار تواجه اضطرابات في سلاسل الإمدادات من السلع ففقدت عديد السلع الاستهلاكية اليومية من الزيت النباتي الى السكر فمشتقات الحبوب الى القهوة ثم بدأت محطات التزود تشكو من النقص فامتدت الطوابير أمامها. وتحول وصول البواخر الى الموانئ التونسية ابرز الأخبار التي يمكن ان تدخل البعض من السعادة على جموع التونسيين. لكن لم تعد السوق التونسية كما كانت.
فبدأت أمام التونسي معادلتان الأولى هي ارتفاع تضخم الأسعار التي بدأت معها المقدرة الشرائية في التآكل بسرعة وعدم كفاية قدراته المالية على تلبية كل حاجياته. والمعادلة الثانية هي وجود الأموال لشراء سلع على غرار السكر والزيت والقهوة إلا انه لا يتمكن من إيجادها.
ارتفع التضخم في تونس وهو من أولى الآثار التي بدأت كل الدول تشهدها فمنذ مارس بدأت نسب التضخم في الصعود ببلوغ نسبة 7.2 % لتصل قبل شهر من نهاية العام إلى 9.8 %. التضخم كان ظاهرا أكثر في المواد الغذائية واللباس والسكن وهي السل_ع التي تهم كل الفئات، ولئن كانت دول العالم تسارع الى

الوقوف إلى جانب مواطنيها لم يكن أمام السلطات التونسية اي هامش تحرك فترك التونسي بصدر عار أمامها وبدأت الحكومة تفكر في رفع الدعم وان كانت المواد المدعومة مفقودة من الأسواق.
الحرب ألقت بظلالها على المنتوجات الحيوانية حيث ارتفعت أسعار الأعلاف تأثرا بأسعار الحبوب ومكونات الأعلاف في الأسواق العالمية فارتعت أسعار اللحوم بأنواعها ومعه البيض وكل المنتوجات.
أمام هذا التأثر بالحرب قامت مؤسسات مالية دولية بدعم تونس بقروض تحت عنوان الأمن الغذائي باعتبارها أكثر الدول تأثرا بالحرب على غرار البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الاروبي للاستثمار.
انتهت السنة على نسب تضخم مرتفعة وعانى خلالها التونسيين من نقص السلع وغلائها وتمظهرت الأزمة في عديد الصور التي ستظل عالقة في الأذهان.
اتسع عجز الميزان التجاري ليبلغ قبل شهر من انتهاء السنة 23.3 مليار دينار ومازال النمو ضعيفا غير قادر على استيعاب عدد طالبي الشغل ومازالت البطالة مرتفعة عند مستوى 15.3 %.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115