تونس وصندوق النقد الدولي: بين الشدّ والجذب.. تونس مازالت في منطقة وسطى

لم يكن سحب تونس من رزنامة اجتماعات المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المقررة نهاية السنة الحالية وليد اللحظة فقد كانت كل المعطيات تشير في البداية

إلى عدم برمجتها على جدول الأعمال في الاجتماع ثم تأكد التاريخ يوم 19 ديسمبر ثم وقع سحب ملف تونس وظل الوضع مراوحا بين النعم وإلا وما بينهما مما لايقال يضع الدولة التونسية في وضع حرج إزاء المقرضين.
يبدو ر الأمر غير مفاجئ للمتابعين جيدا لمسار مفاوضات الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي ولكل الأحداث الأخيرة بل إن برمجتها يوم 19 ديسمبر هو المفاجئ خاصة أمام عدم ..نشر مشروع قانون المالية للعام 2023 بالرائد الرسمي وعدم توافق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حول مشروع القانون المتعلّق بتنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلّق بالمساهمات والمنشآت والمؤسّسات العموميّة وذلك بعد انسحاب وفد الاتحاد من الاجتماع الذي عقدته الحكومة حول حوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية بسبب تغيير جدول أعمال الاجتماع كانت تقف أمام قول الكلمة الفصل في اتفاق خبراء الصندوق المعلن عنه في 15 أكتوبر الفارط.
وقد تدرجت تونس في إنهاء رصيدها من الثقة لدى صندوق النقد الدولي شيئا فشيئا ففي العام 2015 لم يتم صرف قسط أخير من قرض تحصلت عليه تونس سنة 2013 وقيمته 1.74 مليار دولار وذلك بعد انتهاء الآجال في 31 ديسمبر 2015 و كان عدم النجاح آنذاك في استكمال بعض الإصلاحات سببا في عدم صرف القسط الأخير من القرض.
وفي أكتوبر 2015 تقدمت بطلب رسمي للصندوق النقد الدولي لإطلاق المفاوضات بشأن برنامج في شكل «تسهيل الصندوق الممدد» الذي يتمحور حول الإصلاحات الهيكلية المنصوص عليها في مخطط التنمية 2016 - 2020. وكان الوضع آنذاك يتسم باختلالات اقتصادية كلية من تدهور في العجز التجاري والميزان الجاري وعجز في الميزانية وارتفاع الحجم الجملي لإعادة التمويل وارتفاع الضغوطات على الاحتياطات من العملة الأجنبية. والهدف من البرنامج كان تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، من خلال إصلاح المؤسسات العمومية (الإدارة الجبائية، الوظيفة العمومية...) قصد تحسين جودة الخدمات وتعزيز الشفافية والتوزيع الأفضل لميزانية الدولة بما يمكن من تقليص التفاوتات الجهوي والاجتماعية، ومواصلة إصلاح القطاع المالي، وتحسين مناخ الأعمال وتطوير القطاع الخاص. لكن الاتفاق توقف في منتصفه بسبب عدم نجاح تونس في الإيفاء بالتزاماتها بما تضمنه الاتفاق خاصة النقطة المتعلقة بالتحكم في كتلة الأجور، الأمر الذي يؤثر في مصداقية تونس. كان صندوق النقد الدولي قد اشترط منذ تقدم تونس بطلب الإقراض أن يكون هناك توافق حتى لا يأخذ البرنامج منعرج يؤدي إلى توقفه وكان مسار المفاوضات والنقاشات صعبا ومعقدا.
أن سحب تونس من رزنامة اجتماعات المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي هو تواصل لحالة الترقب وعدم وضوح الرؤية خاصة وان برمجتها مجددا لن يكون قبل منتصف جانفي المقبل بعد انتهاء طعل نهاية السنة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115