مشروع قانون المالية لسنة 2023.. رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح لـ «المغرب»: الإجراءات الجبائية ستكون لها ارتدادات عكسية

• مستوى الضغط الجبائي سيتجاوز 34 % في العام المقبل
• الترفيع في نسبة الأداء من 13 إلى 19 % للمهن الحرة وإلحاق أطباء التجميل بالمجموعة
• الترفيع في نسبة المساهمات التضامنية الاجتماعية للمؤسسات بـ1 %

دعت هيئة الخبراء المحاسبين أول أمس وزارة المالية في بلاغ لها إلى تجنب الاعتماد على إجراءات من شأنها الترفيع من الضغط الجبائي ونسبة التضخّم ومزيد إثقال كاهل المواطنين والمؤسسات بأعباء إضافية والتأثير على المقدرة الشرائية ومناخ الأعمال والاستثمار.
وتأتي هذه الدعوة بعد إطلاع الهيئة على مشروع قانون المالية في جانبه المتعلق بالإجراءات الجبائية ومختلف النقاط المرتبطة بمهامهم ،حيث كشف رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح في تصريح لـ«المغرب» أن الإجراءات الجبائية التي تضمنها مشروع قانون المالية لم تأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي قدمتها الهيئة ،فعلى الرغم من أن التمشي المتبع في التواصل مع الهيئات والمنظمات يعد أمرا إيجابيا في حد ذاته إلا أنه كان متأخرا بحيث يستحيل أن يقع الأخذ بعين الاعتبار بمجمل الاقتراحات.
وقال بن صالح أن وضعية المالية العمومية تحتم بدورها اللجوء إلى تعبئة الموارد المالية والتي تكون الجباية أول المنافذ إليها وإعتبر المتحدث أن هذا التوجه في معزل عن منطق الرؤية الإصلاحية للجباية العادلة التي تفترض وجود منطلق حقيقي للإصلاح الجبائي العميق يكون في إطار تشاركي وشامل يندرج ضمن إستراتيجية اقتصادية متكاملة واضحة المعالم ولا يقف عند إجراءات جبائية مجزئة.

وأضاف المصدر ذاته أنه لم يقع إطلاع الهيئة على وجود رؤية إصلاحية لمنظومة الجباية كما انه لم يقع استشارة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، كما أن المشروع الذي تم عرضه لا يستجيب لشروط الإصلاح وهو مايمثل من ناحية المبدأ نقطة خلافية حسب تعبيره.
ومن ضمن الإجراءات التي تضمنها مشروع المالية ،قال بن صالح أن المشروع الأولي لقانون المالية كان قد تضمن إجراء يتعلق برفع السر المهني وقد تم التخلي عنه في المشروع الذي تم عرضه مؤخرا مشيرا إلى أن الهيئة تثمن تفهم وزارة المالية بالتّخلي عمّا تضمّنه المشروع الأوّلي لقانون المالية من رفع للسرّ المهني إثر رفضه من طرف المهنة والإتحاد التونسي للمهن الحرّة، كما تثمن اعتماد بعض الإجراءات التي تقدمت بها صلب المشروع الجديد على غرار تنقيح الأحكام المتعلقة بإعادة تقييم الأصول المادية والتمديد في آجال الانتفاع بالامتيازات الجبائية لإعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية،فإن الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة على المهن الحرة من 13 % إلى 19 % وهي نقطة خلافية كبرى لان الترفيع في الأداء على القيمة المضافة سينجر عنه مزيدا من الضغوط التضخمية وتباعا إرتفاعا في نسب التضخم وتدهور للمقدرة الشرائية للمواطن.
وجدير بالذكر إلى أن المهن الحرة المعنية أساسا هم المحامين والخبراء المحاسبين والمهندسين ،المعماريين ،خبراء الاستشارة ،حيث سيقع عمليا الترفيع في قيمة الأداء على القيمة المضافة من 13 إلى 19 % وقد تم استثناء أطباء التجميل وإلحاقهم بالمجموعة الآنف ذكرها ،حيث تم الترفيع في القيمة المضافة لعيادات التجميل من 7 % سابقا إلى 19 % في 2023.

وقد علق بن صالح على هذا التوجه الذي يتنزل في إطار البحث عن الموارد المالية للدولة دون التفكير في تداعيات هذه الإجراءات التي لاتمثل حلا مناسبا.

ووفقا لمحدثنا، فإن مشروع قانون المالية للعام المقبل يتضمن إجراءات أخرى ستغذي الضغط الجبائي على غرار الترفيع في نسبة المساهمة التضامنية الاجتماعية الموظفة على مرابيح المؤسسات فقط من 1 % إلى 2 % والى 2 إلى 3 %، يعني المؤسسات التي تخضع لنسبة أداء على المرابيح بـ35 % مثل البنوك ومؤسسات التأمين والاتصالات والمؤسسات الناشطة في قطاع النفط والمحروقات كانت نسبة المساهمة 2 % ستصبح 3 % على المرابيح وفي مايتعلق بباقي المؤسسات سيقع الترفيع في نسبة المساهمة من 1 إلى 2 % على المرابيح.
ومن الإجراءات الجبائية التي من شأنها أن تزيد من الضغط الجبائي، نجد أن المبلغ الأدنى للأداء سيرتفع من 300 دينار إلى 500 دينار ويقصد في هذا الباب أن المؤسسات الخاسرة التي هي مطالبة بدفع حد أدنى بقيمة 300 دينار سابقا ستكون مطالبة بدفع 500 دينار في المستقبل.
كما سيقع الترفيع في قيمة الطابع الجبائي على الفواتير من 600 مليم إلى 1 دينار وهو عبء للمؤسسة و للمواطن،كما سيقع توظيف معلوم بنسبة 0.5 % على العقارات التي يتجاوز ثمنها 3 مليون دينار، كما ينتظر أن يقع الترفيع في الأداء على القيمة الزائدة المتأتية من التفويت في الأسهم .
و في سياق أخر وبعد مراجعة النظام التقديري للحرف والمهن الصغرى،فإن مشروع قانون المالية يتضمن تفعيل قانون المبادر الذاتي عبر وضع نظام جبائي خاص و جباية مبسطة.
وقد أكد رئيس الهيئة أن الإجراءات المزمع تطبيقها خلال العام المقبل سترفع من مستويات الضغط الجبائي إلى أكثر من 34 % وذلك بالنظر إلى حجم الاقتطاعات الاداءات منتظر فرضها خلال العام المقبل مشيرا إلى أن عرض مشروع قانون المالية بالنسبة للهيئة كان قد اقتصر على الجانب الجبائي من ناحية الإجراءات دون تقديم النصوص القانونية وشرح الأسباب ،حيث لاتزال الفرضيات والتوازنات المالية لمشروع قانون المالية لسنة 2023 غير معلومة.
ولاحظ بن صالح أن من النقاط الخلافية بالنسبة للهيئة غياب الإجراءات الجبائية التي تحفز الاستثمارات والتصدير في الوقت أن التطلعات تستهدف دفع عجلة النمو وخلق مواطن الشغل إذ نص المشروع يرتكز على الترفيع في نسبة الضغط الجبائي خاصّة على المهن الحرّة وغياب إجراءات تحفيزية للإستثمار والتشغيل و التصدير تندرج ضمن رؤية إستراتيجية واضحة للنهوض بالإقتصاد الوطني.

ورجح مصدرنا أن نسبة الضغط الجبائي المعلن عنها والتي تقدر بنسبة 24 % لا تأخذ بعين الاعتبار جل الاداءات ،فبالنظرالى المعايير الدولية المعتمدة والتي تأخذ بعين الاعتبار الاقتطاعات العمومية الوجوبية واقتطاعات بعنوان اداءات بلدية بعنوان خدمات تقدمها الدولة وبجل هذه الاقتطاعات تصل نسبة الضغط إلى 34 % وهي نسبة مرتفعة تتشابه مع نسب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتي رغم ارتفاعها في تونس فهي مبنية على توزيع غير عادل و الأمر الثاني فإن مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة في مختلف مجالاتها إزاء القائم بالواجب الجبائي لا ترتق إلى مستوى التطلعات.
ومن المرجح وفقا لبن صالح أن تشهد نسبة الضغط الجبائي مزيدا من الارتفاع بالنظر إلى الاقتطاعات المنتظرة والزيادات في الاداءات خاصة أمام تعثر نسبة النمو،الأمر الذي سيكون له ارتدادات عكسية ،ذلك أن ارتفاع الاداءات الجبائية من شأنه أن يولد حالة من التهرب الجبائي التي ستساهم في توتر مناخ الاستثمار والأعمال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115