البنك المركزي في مسار صعب: بين تجنب انفلات التضخم وتفادي إجراء تعديلات مربكة

تشير التوقعات الى تواصل ارتفاع نسبة التضخم في السنة المقبلة كما أنها ستنتهي هذا العام في مستوى مرتفع ايضا قد يتجاوز الـ10 % بعد تسجيله 9.8 % في شهر نوفمبر الفارط

وباعتبار دور البنك المركزي في محاربة التضخم من خلال الترفيع في نسبة الفائدة تتطلع كل الأوساط إلى ذلك في هذه الفترة والفترات القادمة باعتبار ان المنحى التصاعدي للتضخم متواصل ويمكن ان تنجر عن اي ترفيع من تداعيات.
يعد العام 2022 مسرحا لتحطيم الأرقام القياسية لنسبة التضخم على الرغم من أن كل المعطيات تشير الى انه لم يبلغ ذروته بعد فبيئة معززة لتواصل الارتفاع مهيأة باعتبار وجود إجراءات ستدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر وما ستشهده السنة المقبلة من رفع الدعم عن السلع وان كان الحل في تعويضها بتحويلات مالية لكن التساؤل الذي يطرح هو إلى أي مدى ستساير التحويلات ارتفاع الأسعار خاصة وان عديد السلع ستتخذ أسعارها منحى تصاعديا على غرار أسعار المحروقات بالاعتماد على القرار الصادر أواخر شهر نوفمبر الفارط والذي ينصّ على أنه لا يمكن أن تتجاوز قيمة التعديل الشهري لسعر البيع للعموم، بالترفيع أو التخفيض، نسبة 7 % من سعر البيع الجاري به العمل منذ آخر تعديل والذي كان أيضا في شهر نوفمبر.
هذا التعديل المزمع اتباعه في قادم الأشهر سيؤثر في بقية السلع والأنشطة مما يجعل بيئة مساعدة لانفجار في نسبة التضخم ربما ستكون أعلى من التوقعات التي تتحدث عن نسبة 10 % أو أعلى بقليل.
محاربة التضخم بالترفيع في نسبة الفائدة قام البنك المركزي بالترفيع فيها في مناسبتين لتكون نسبة التضخم 7.25 %، ودعا صندوق النقد الدولي صراحة وفي عديد المرات السلطات التونسية إلى تشديد سياستها المالية أي الترفيع في نسب الفائدة وان لا تبقى سلبية مقارنة بالتضخم فإلي أي مدى سيساير البنك المركزي ارتفاع التضخم؟
ويبدو البنك المركزي حذر في محاربته للتضخم من خلال ترفيع نسبة الفائدة وقراره الأخير في شهر أكتوبر الماضي القاضي بالتّرفيع ب25 نقطة بعد خمسة أشهر عن ترفيع سابق كان في منتصف شهر ماي الفارط بـ 100 نقطة.
ويؤكد صندوق النقد الدولي أن التضخم المرتفع يضع البنوك المركزية على مسار صعب فمن جهة يقول أن صناع السياسات أن يكونوا حازمين في سعيهم لتجنب إجراء تعديلات قد تكون أكثر إيلاما وإرباكا في المستقبل ومن جهة أخرى يقول إن تصاعد التضخم ووصوله إلى مستويات لم يبلغها منذ عقود يجعل البنوك المركزية تدرك ضرورة التحرك بسرعة اكبر لتجنب انفلات التوقعات التضخمية.
وهناك احتمال كبير بأن يترسخ التضخم المرتفع، وأن تنفلت التوقعات التضخمية عن الركيزة المستهدفة وفق النقد الدولي.
من جهته يقول البنك الدولي إنّ انخفاض التضخم العالمي إلى المستويات المستهدفة قد يتطلب من البنوك المركزية زيادة أسعار الفائدة نقطتين مئويتين إضافيتين ومواصلة جهود احتواء التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي عالمي.
وعادة يكون الترفيع في نسبة الفائدة الأداة الأبرز للبنوك المركزية لمحاربة التضخم الا ان العديد من المخاطر التي تنتج عن هذه العملية أبرزها إبطاء توسيع الاستثمارات او بعث مشاريع جديدة بالإضافة الى الحد من بعث مواطن شغل وارتفاع تكاليف الاقتراض من البنوك الأمر الذي ينتج عنه تراجع الطلب على الاقتراض والتوجه الى إيداع الأموال للحصول على عائدات مرتفعة وكان البنك المركزي التونسي قد رفع في نسبة الفائدة على الادخار في مناسبتين هذا العام لتصبح 6.25 %.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115