فرص إعادة الإعمار والاستثمار في ليبيا: الفرص أكبر من السعي إلى اقتناصها.. تونس تكتفي بالموجود

على مسافة تتجاوز الألف كلم تختنق العلاقات الاقتصادية بين تونس وليبيا، حيث تعرف المبادلات التجارية تعثرا واضحا لايعكس الخطاب الرسمي الذي يشيد بمتانة العلاقة

بين البلدين فعلى سبيل المثال نسبة الصادرات التونسية تجاه ليبيا لا تتعدى 4 % من القيمة الإجمالية فيما تقف الواردات المتأتية من ليبيا عند مستوى لا يكاد يذكر ونفس الأمر ينطبق على واقع الاستثمارات الليبية التي لاتزال قليلة مقارنة بالتطلعات.
3 عقود والمبادلات التجارية عند مستوى هش...
يوحي اللقاء الأخير بين قيادتي تونس وليبيا بوجود حرص مشترك على مزيد دعم علاقات التعاون في مختلف المجالات خلال المرحلة المقبلة بما يمكن أن يخلق تغييرا جذريا على مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي تعاني قصورا فادحا ، إذ تظهر المعطيات الرسمية ضعفا في المبادلات التجارية لتونس مع ليبيا لعقود متتالية ، حيث لم تشهد قيمة الواردات تطورا مهما خلال العقود الثلاثة المنقضية ،إذ بلغت قيمة الواردات المتأتية من ليبيا في 1990 ، 26.4 مليون دينار وقد وصلت إلى 161 مليون دينار في 2020 ،حيث لاتصل قيمة الواردات التونسية من ليبيا إلى 1 % من إجمالي الواردات .
وعلى المنوال ذاته كانت الصادرات التونسية ضعيفة مقارنة بإجمالي الصادرات عند مستوى 4 %، فعلى الرغم من النمو المسجل فإنها تبق محتشمة مقارنة بالخيرات التي تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي وقد ارتفعت قيمة الصادرات من 141 مليون دينار في 1990 إلى 1.3 مليار دينار في 2020 مع العلم أن السنة الحالية قد شهدت نموا مهما في الصادرات التونسية تجاه الوجهة الليبية ناهزت 2 مليار دينار في 10 أشهر وقد ساهمت صادرات المواد الغذائية و الفلاحية في تسجيل التحسن ،حيث تعد الوجهة الليبية الأولى في استقطابها للغلال التونسية ،حيث تؤكد معطيات المجمع المهني المشترك للغلال استحواذ ليبيا على أكثر من 70 % من الصادرات التونسية وقد بلغت قيمتها 126 مليون دينار منذ بداية الموسم إلى غاية 22 نوفمبر المنقضي.
ويبدو أن مسار المبادلات التجارية بين تونس وليبيا في طريقه إلى النمو ،حيث صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا أنه تم الاتفاق مع الجانب التونسي على توحيد الإجراءات الجمركية بين البلدين وأنه يجري العمل على استكمال فكرة المنطقة الصناعية المشتركة بمنطقة رأس جدير كما تم الاتفاق على إلغاء كافة القيود في حركة السلع بين البلدين .
1.2 مليون سائح ليبي ...
تمثل تونس وجهة مهمة لليبيين ولئن يساهم القطاع الطبي بنسبة مهمة في جذب المواطنين من دول الجوار،فإن القاعدة اللبيبة تبق من أهم الجهات التي تزور تونس ، فقد بلغ عدد الوافدين التونسيين 1.2 مليون سائح في 2019 وهو مايمثل 20 في المائة من إجمالي السياح الوافدين إلى تونس ومن المنتظر ان تتصاعد وتيرة السياح الليبيين في تونس في حال تحسن واقع الاستثمار المشترك .
وتتسع مجالات التعاون بين تونس وليبيا لأكثر من مجال ويعتبر القطاع الصحي أبرزها ،فقد أكد رئيس الغرفة الوطنية النقابية للمصحات الخاصة بوبكر زخامة في تصريح ل»المغرب» أن إمكانيات التعاون في مجال الخدمات الصحية متاحة بشكل يمكن أن يسهم في خلق قطب صحي تونسي يشع على منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.
وبين زخامة أن بناء شراكة ثنائية في القطاع الصحي بين البلدين تستدعي أساسا تمرير الخبرات والكفاءات التونسية من ناحية و تثبيت المرضى الليبيين من ناحية ثانية ،كما أشار المصدر ذاته إلى إن مجال صناعات الأدوية من القطاعات المطلوبة من الجانب الليبي والدواء التونسي من الأدوية التي تلق رواجا مهما خاصة هناك عشوائية كبيرة في سوق الأدوية لدى الجارة.
وقال زخامة أن إستكمال علاقات التعاون بين تونس وليبيا تفترض وجود عزم مشترك ودبلوماسية اقتصادية تونسية قوية تذهب بالعلاقات المتينة بين البلدين إلى فعل إقتصادي يرتق بحقيقة إمكانيات التعاون وفرص النمو المشترك.
وتعتبر تونس وتحديدا قطاع الصحة الخاص من الوجهات الأساسية للمرضى الليبيين ،حيث أكد محدثنا أن 70 % من المرضى الأجانب اللذين يرتدون المصحات الخاصة هم ليبيين وهو مايجعل من العمل على بناء شراكة في قطاع الخدمات الصحية ضرورة تستفاد منها كلا الطرفين .
وفي ما يتعلق بملف الديون الليبية، فقد أعرب رئيس الغرفة للمصحات الخاصة في إيجاد حلول للازمة التي مضى عليها سنوات مؤكدا أن قيمة الديون لفائدة المصحات التونسية والبالغ عددها 55 مصحة قد بلغت 260 مليون دينار مشيرا إلى وجود ديون أخرى مازالت في طور الجرد تتجاوز 100 مليون دينار .
وتجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة قد قال أنه قد تم الاتفاق على التسريع بانعقاد اللجنة المشتركة العليا التونسية الليبية في طرابلس في أقرب الآجال مبينا أنه تم تشكيل لجنة مشتركة في الغرض للدراسة الجوي والكهرباء مشيرا إلى أن هذا الملف سيتم تسويته قريبا.
وفي مايتعلق بواقع الاستثمار بين تونس وليبيا ،فإن الأرقام الموجودة لاتزال دون المأمول ،فمن الجانب الليبي قال رئيس حكومة أن 56 شركة تونسية تعمل في مجال المقاولات في ليبيا مبرزا رغبة بلاده في مزيد تطوير التعاون في هذا المجال والعمل على تعزيز مساهمة تونس في عملية إعادة الإعمار في ليبيا.
في حوار لجريدة المغرب مع حاتم السويسي مدير وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي بالنيابة أن مخزون الاستثمارات التي لديها مساهمة ليبية تتجاوز مليار دينار ويقدر عدد الشركات الليبية في تونس 105 شركة بطاقة تشغيلية بنحو 7 آلاف موطن شغل .وبين أن هناك 4 قطاعات تنشط في التراب التونسي أبرزها الصناعات الغذائية يليها النسيج ثم الميكانيك وتضم عموما 55 شركة ويعتبر قطاع العقارات والبناء من اهم القطاعات من ناحية قيمة الاستثمارات فيما يعد قطاع النسيج ضمن ريادة القطاعات التشغيلية .
وقال السويسي في تصريح لــ«المغرب» انه بالنظر إلى ان ليبيا اليوم بصد إعادة الاعمار فإن الكفاءات التونسية ستكون قاطرة لتحقيق البناء المنتظر في ليبيا في مختلف المجال فالي جانب القطاعات التقليدية الصناعات الغذائية والبناء،فإن قطاع الرقمنة وتكنولوجيات الاتصال ومن المجالات الواعدة التي باتت محل إهتمام من الجانب الليبي ويمكن أن تساهم في الترفيع من مساهمة الاستثمار الأجنبي الليبيي الذي يعد ضعيفا ،حيث تقف نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الليبية عند مستوى 3 % من إجمالي المخزون البالغ 33.3 مليار دينار مع العلم أن هذا المخزون يقتصر على مجال الصناعة و الخدمات الكلاسكية أي دون إحتساب أنشطة التجارة والمجال الطاقي وقد أشار إلى أن هناك استثمارات في بعض القطاعات المالية كالبنوك أو التجارة يمكن أن ترفع قيمة الاستثمارات غير أنها تبق ضعيفة و قابلة للتطور والنمو .
وشدد محدثنا على أن الكفاءات التونسية خاصة من الخبرات في مجال الرقمنة والتكنولوجيات باتت مدعوة اليوم إلى السوق الليبية والمساهمة في إعادة إعمار ليبيا بفضل الإمكانيات التي تزخر بها الطاقات التونسية و التي سيمكن حسن إستمثارها من تحسين عائدات الصادرات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115