مقابل توقعات بأكثر من 3 % للبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية: صندوق النقد الدولي يحمل الاقتصاد الوطني إلى عام «عقيم» بنسبة نمو عند 1.6 % في 2023

يبدو أن طريق تعافي الاقتصاد التونسي مزال طويلا ومحفوفا بالمخاطر التي تتغذى أساسا بحالة عدم اليقين التي تشهدها الساحة العالمية من جهة

والساحة المحلية من جهة ثانية ،ولئن تتجه التقديرات إلى تسجيل نمو متواضع خلال العام الحالي مقداره 2.2 % ،فإن اتجاه النمو خلال العام المقبل سيكون ضعيفا وإن لم تصدر التوقعات الرسمية بعد ،فإن المؤسسة المالية التي دخلت تونس معها في برنامج إصلاحات مقابل تمويل قدره 1.9 مليار دولار قد توقعت نسبة نمو عند 1.6 %.
عرف معدل نمو الاقتصاد الوطني خلال العشرية المنقضية انكماشا ملحوظا،حيث شلت أهم محركات النمو وتباطأ نسق البعض الأخر وكنتيجة لذلك هبط متوسط النمو إلى 0.58 % بين 2011 و2020 مقارنة بـ4.5 % خلال العشرية التي سبقتها وقد كانت سنة 2020 الأكثر تراجعا بنمو سلبي-8.7 بفعل تداعيات جائحة كورونا والتي لاتزال تبعاتها متغلغلة إلى حد اليوم ،جدير بالذكر في هذا الباب الى أن سنة 2015 كانت قد سجلت إنكماش تقني وهو تراجع لثلاثيتين متاليتين وهو ما أثار صدمة وخلف مخاوف من عدم عودة الاقتصاد الى الحركية.
ويبدو أن العشرية الجديدة تسير على الخطى ذاتها للعشرية المنقضية ،حيث تشير التوقعات الى تسجيل نمو عند 2.2 % خلال 2022 وذلك بعد 3.3 % وهو نمو جاء مقارنة بسنة عجاف وهي سنة الجائحة وهو مايجعل من النمو المسجل خلال سنة 2021 و المتوقع للسنة الحالية متأخرا مقارنة بسنوات ماقبل الجائحة والتي كانت بدورها تتسم بالهشاشة والضعف ،وهو مايجعل من حلقة النمو السلبي مستمرة و إن كان في ظاهرها تحسن .
ولم يمكن النمو المسجل خلال السنوات المنقضية من الاستجابة لتطلعات التونسيين في مجال التشغيل والتخفيف من حدة الاختلال الاقتصادية الكلية التي تبعث على الانشغال خاصة مع التوقعات التي أصدرها صندوق النقد الدولي مؤخرا و التي حصرها عند مستوى ضعيف بـ1.6 % وهو مايعني ان العام سيكون عقيما على غرار سنوات العجاف السابقة التي إتسمت بنسب فقر وبطالة مرتفعة زد على ذلك مؤشر التضخم الذي سيحلق قريبا بالمقدرة الشرائية نحو التدهور بعد أن يصبح برقمين ،حيث ظلت نسب النمو منذ 2011 تدور في حلقة من الاداء الضعيف و الفتور مما نجم عنه ارتفاع في نسب البطالة وارتفاع في مستوى المديوينة وتآكل للطبقة الوسطى...
ويبدو ان هذه التوقعات التي تأتي في فجوة مع توقعات البنك الدولي الذي حافظ على توقعاته بين افريل 2022 وأكتوبر المنقضي بمستوى نمو عند 3.3 % وهي مقاربة ايضا لتوقعات البنك الافريقي للتنمية ب3.2 %- مستمدة أساسا من فرضيات التوازن المضمنة في قانون المالية للعام المقبل ،علاوة على ان هذه التوقعات ستكون مرتبطة بطبيعة البرنامج المتفق عليه بين تونس والصندوق والذي ينبني في جزء منه على تراجع قيمة الدعم الذي سيولد بدوره هبوطا في الإنفاق وتباعا تراجعا في محرك الاستهلاك بما سيؤثر حتما على معدلات النمو.
كما يمكن قراءة التراجع المتوقع بالنظر الى نزول في القيمة المضافة لقطاع الفلاحي وذلك أمام توقعات بتراجع صابة زيت الزيتون من جهة وآثار التغييرات المناخية وضعف إيرادات السدود و تأثيرها على الزراعات الكبرى من جهة ثانية وهو ما سيجعل من القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تتراجع .
وكانت وثيقة قد صدرت عن لوزارة المالية منذ شهر فيفري المنقضي اي قبل إنطلاق الحرب الروسية في اوكرانيا قد توقعت تسجيل نمو عند مستوى 2.5 % في 2023 و2024 و3 في المائة في 2025 و2026 وهي توقعات ينتظر أن تقع مراجعتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115