في رفع الدعم على السلع وتعويضه بتحويلات مالية: تونس تعتمد على تجربة إيرانية انفلتت معها الأسعار وفجرت احتجاجات اجتماعية عنيفة

يعد محور رفع الدعم على السلع وتعويضه بآليات أخرى من المحاور الشائكة وغير الواضحة إلى حد ما على الرغم من ان التونسي أصبح يعرف تقريبا معنى أن ترفع الدولة الدعم عن السلع

بعد أن ارتفعت الأسعار لعوامل أخرى أبرزها شح المعروض وتقلص واردات المواد المدعمة والرفع من أسعار المحروقات لكن رغم هذه المعطيات يبقى الانتقال نهائيا إلى سياسة دعم أخرى تعوض السابقة محل جدل كبير وسط ضبابية مريبة.
يكمن التوجه الحكومي الحالي بخصوص رفع الدعم بتعويضه بالية التحويلات المباشرة وهو من خلال التسجيل في منصة في الغرض وتمنح التحويلات في مرحلة اولى لكل المسجلين وتقع الغربلة فيما بعد حسب احقية كل مسجل. هذا التمشي هو ما تم الاعلان عنه في ماي 2021 ابان حكومة هشام المشيشي حيث كانت الخطة الموضوعة تشير الى ان تطبيق هذه الالية يكون عبر مراحل ، ففي مرحلة اولى يتم تحويل منح الى كل المواطنين دون استثناء ثم في مرحلة ثانية سيكون المواطن التونسي مطالبا بتصريح جبائي سيتم وفقه تحديد الفئات المستحقة بناءا على بنك معطيات لكل المواطنين. والفئات الفقيرة والمقدرة بنحو 900 ألف عائلة ستكون آليا مستفيدة من هذا الإجراء ولن يكون صرف المنح بنسبة 100 %. منذ المرحلة الأولى إذ سيكون انتفاع العائلات بالمبالغ المرصودة بالتدرج بناء على نسبة الترفيع في الأسعار ، وبعد سنتين ونصف ستتمتع العائلات المستهدفة بكامل المنحة. وتعيد حكومة بودن استنساخ البرنامج الذي بدوره مستنسخ عن التجربة الايرانية .

وتجدر الاشارة الى ان التجربة الايرانية فاشلة وفق عديد المحللين فقد اشار صندوق النقد الدولي إلى ان نسبة التضخم في هذا البلد ستصل الى 40 %. وفور اعلان الحكومة الايرانية عن الغاء الدعم عن مشتقات الحبوب وتحويل مبالغ مالية في حسابات العائلات بلغت الاسعار مستويات مروعة ولم تكف التحويلات لمواجه موجة الغلاء فقد ارتفعت اسعار منتجات الحبوب 300 % لتنفجر الاوضاع الاجتماعية وتعم الاحتجاجات في كامل البلاد.
يقول عبد الرحمان اللاحقة الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد والخبير لدى قسم الدراسات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل ان لكل دولة خصائصها على غرار مستوى الاجور مبينا ان برنامج العائلات المعزوة هو برنامج فاشل باعتبار ان العديد من الاسر الفقيرة ليست مدرجة ضمن هه الالية والعكس صحيح. اللاحقة يرى ان التجربة الايرانية فاشلة ولا يمكن تطبيقها في تونس إذ ستكون مكلفة جدا بالنسبة الى تونس كما ان التحضير يحتاج الى سنوات وارسائها بالكامل يتم في غضون 4 سنوات. مبينا انه هناك تجارب أخرى انجع على غرار التجربة الهندية التي يقول انه من انصارها والتجربة الهندية تعتمد على المعرف الوحيد باعتبار ان المعطيات الشخصية متاحة ويمكن حصر الاحق بالتحويلات دون اضاعة وقت. مضيفا انه لا توجد افكار واضحة لعمليات الفرز فالشرائح المستحقة للدعم تتعدى العائلات لتصل الى مؤسسات وقطاعات كما ان الامر يحتاج الى دراسات علمية واضحة وحوار كل الأطراف وعلق ان أدوات الفرز غائبة اليوم.

وتعتمد عديد الدول على آليات متنوعة حسب ظروفها وأوضاعها وفي المملكة المغربية التي تستعد الى رفع الدعم في 2023 وفق قانون ماليتها، اشتغلت منذ سنوات على كيفية التحويلات المالية الى الأشخاص المستحقين لها.
ستكون تونس في العام المقبل في مواجهة خطرين اساسيين هما ارتفاع تكلفة التحويلات وكيفية تمويلها في ظرف اقتصادي ومالي صعب وخطر انفلات الاسعار ومواجهة احتجاجات واسعة وفي انتظار ما ستؤول اليه الخطط المزمع تنفيذها يتواصل الصمت الحكومي وعدم الخروج للحديث بالتفصيل عن البرنامج وكيفية مواجهة تبعاته باعتباار انه برنامج مستنسخ عن تجارب سابقة اي ان الوقوع في الفخ غير مبرر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115