ما انفك العام الحالي يكشف عن مفاجآته التي انطلقت بالحرب الروسية الأوكرانية وما انجر عنها من أزمة الغذاء والطاقة وموجة التضخم القياسية وبطء النمو وشبح الركود التضخمي ثم كان ارتفاع الدولار وهو عبارة علبة مفاجآت 2022 التي مازالت مفتوحة على كل الاحتمالات وذلك قبل أكثر من شهرين على انتهائه.
يشهد الدولار ارتفاعا مقابل كل العملات فقد قال صندوق النقد الدولي في تقرير بعنوان «كيف تكون الاستجابة الملائمة من البلدان تجاه ارتفاع سعر الدولار « انه بلغ أعلى مستوى له منذ العام 2000 بتسجيله ارتفاعا مقابل ابرز العملات الموجودة قي سلة العملات للنقد الدولي فقد ارتفع ب 22 % مقابل الين و13 % مقابل اليورو و 6 % مقابل عملات الأسواق الناشئة .
يقدر صندوق النقد الدولي القروض وسندات الدين الدولية المقومة بالدولار بالنصف وهو ما ينطوي على انعكاسات اقتصادية كلية كبيرة بالنسبة لكل البلدان تقريبا، نظرا لهيمنة الدولار في مجالي التجارة الدولية والتمويل.
وفي ظل هذه الظروف، قال النقد الدولي انه هناك عدة بلدان تلجأ بالفعل إلى القيام بتدخلات في سوق الصرف ولهذا انخفض المجموع الكلي للاحتياطيات الأجنبية لدى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بأكثر من 6 % في السبعة شهور الأولى من هذا العام وهو ما تشهده تونس فقد تراجع الاحتياطي من العملة الأجنبية الى 104 يوم توريد وارتفع الدولار مقابل الدينار 16.04 %. وتقدر القروض المقومة بالدولار بنسبة 24.4 %. وتقدر الواردات المقومة بالدولار بـ 40 %.
في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بخلاف الصين، فقد كان الكثير منها متقدما في دورة التشديد النقدي العالمية مما قد يرجع في جانب منه إلى القلق بشأن سعر صرف عملاتها مقابل الدولار – بينما مرت مجموعة الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية بصدمة إيجابية في معدلات التبادل التجاري. وبالتالي، كانت ضغوط أسعار الصرف في اقتصادات الأسواق الصاعدة أقل حدة مما كانت عليه في الاقتصادات المتقدمة.
الاضطراب الحاد في اسواق العملات يمكن أن ينشئ حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي. وفي هذه الاوضاع يكون من الملائم القيام بعمليات تدخل مؤقتة في سوق الصرف الأجنبي.