في صياغة أخرى وبتبريرات مختلفة قامت كل من وزارة التّجارة وتنمية الصادرات ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة ووزارة الصحّة بنشر بلاغ إلى كافّة الموردين جاء فيه أنّه،تقرر اعتماد نظام مراقبة قبليّة على عمليّات توريد المنتوجات الاستهلاكية الواردة بالقائمات الملحقة بهذا البلاغ مع فرض توريد هذه المنتجات بصفة مباشرة من المصنع المنتج له ببلد التصدير.
بررت الوزارتين القرار بحرصهما على ضمان جودة المنتوجات المورّدة وعلى سلامة المستهلك، البلاغ الذي تضمن 8 نقاط يحيل عند قراءته إلى أن الهدف هو مزيد الرقابة على الواردات وهو امر هام نظرا للعجز التجاري القياسي الذي تم تسجيله مؤخرا ب 19 مليار دينار .
وينقسم حجم الواردات المقدر ب 61.5 مليار دينار إلى حدود شهر سبتمبر الماضي الى نحو 11 مليار دينار منتوجات طاقية و 12.5 مليار دينار منتوجات استهلاكية و 9.6 مليار دينار منتوجات تجهيز و 22 مليار دينار المواد الأولية والمنتوجات الوسيطة و نحو 7 مليار دينار منتوجات غذائية والتي تعد أساسا الزيت النباتي والقمح الصلب والسكر وفول الصويا.
الاستثناءات الواردة في البلاغ تشمل واردات الدولة والمنشات العمومية والجماعات المحلية والواردات من المواد الأولية والمواد نصف المصنَّعة لفائدة القطاع الصناعي والخدمات ذات الصلة وقطاع الصّناعات التّقليديّة و المواد الأوّلية ونصف المصنَّعة والتّجهيزات وقطع الغيار المورَّدة من قبل الصّناعيّين واللاّزمة لنشاطهم الواردات من المعدات والتجهيزات الموجهة لمشاريع إنتاج الطاقات المتجددة، والواردات بدون دفع أو بدون تحويل عملة.
والواردات المنتفعة بإعفاءات جبائيّة على غرار واردات السّفارات والهيئات المماثلة وواردات المؤسّسات الناشطة تحت أنظمة توقيفية والواردات المنجَزة من قبل التّونسيّين المقيمين بالخارج في إطار بعث مشاريع أو المساهمة فيها.
تجارب سابقة فاشلة
الإجراء الذي تم اتخاذه للحد من عجز الميزان التجاري هي إجراءات متجددة وبصياغة مختلفة ففي العام 2019 اتخذت وزارة التجارة إجراءات تمثلت في حصر قائمة من منتجات استهلاكية غير ضرورية كما أسمتها قالت انها ستصبح مقيدة اكثر قائمة تضم عديد المواد على غرار الاجبان والبسكويت ورقائق البطاطس والموز والعصائر، والشكولاطة، ومواد التنظيف، مواد ومستحضرات التجميل. ويشمل أيضا الأحذية ولعب الأطفال، والسلع المنزلية، والهواتف المحمولة. هذه القائمة التي تعود الى اربع سنوات خلت جاءت حينها بعد سنة من إجراء آخر كان قد اتخذه البنك المركزي والذي كان قد نشر في رسالة وجهت الى البنوك تضمنت قائمة باكثر من 200 منتج بمختلف أصنافها والتي كانت لأجل التحكم في العجز المسجل في الميزان التجاري والذي كان آنذاك 11.5 مليار دينار.
وتحدثت الرسالة ايضا أنه تبعا لتفاقم عجز الميزان التجاري تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية بربط فتح خطابات الاعتماد لتوريد المواد غير الضرورية التي تعتبر بالنظر للظرف الاقتصادي الراهن غير ذات أولوية بتوفير الموردين المعنيين ضمانا مسبقا من أموالهم الذاتية يغطي قيمة الواردات موضوع خطاب الاعتماد. لكن ظل عجز الميزان التجاري يتسع بطريقة كبيرة، فالمشكل ليس في ترسانة الاجراءات بل في تطبيقها ومدى قابلية الوضع التونسي لتطبيقها.
إجراءات فرنسية
الاجراءات التي تم اتخاذها على أساس مزيد تقييد التوريد مشابهة الى حد كبير اجراءات اتخذتها فرنسا في 2021 بعنوان « تقييد او حظر بعض الواردات» ولنفس الأسباب تقريبا الصحية والتقليد وحماية المحيط والإنتاج المحلي لكن الميزان التجاري الفرنسي تفاقم في العام الأخير الى71 مليار يورو وكان في العام 2020 في حدود 64 مليار يورو والعجز التجاري لفرنسا يعود إلى ارتفاع تكاليف الطاقة خاصة.
الأمر ذاته في تونس فالعجز التجاري متأت بنسبة تزيد عن 35 من العجز الطاقي وبالنظر إلى البلدان المساهمة في العجز التجاري (روسيا والصين والجزائر وايطاليا) هي البلدان التي تستورد منها تونس الغاز والحبوب والمشتقات النفطية.
فلقد أثبتت التجربة أن الحد من الواردات او ترشيدها او بتقييدها لا يمكن ان يحد من العجز التجاري بل ان عودة الإنتاج وخاصة القطاعات المصدرة وتنويع الصادرات والأسواق يمكن ان يقلص في العجز خاصة.
كان بالإمكان الوقوف بحزم في هذه الفترة والعمل اكثر على اجراءات تعزيز صادرات الفسفاط التي تشهد سوقها العالمية ارتفاعا في الطلب وفي الاسعار وكذلك اضفاء قيمة مضافة على الصناعات الغذائية التي تعد ايضا بابا يمكن من خلاله تعزيز الصادرات التونسية في كل الاسواق العالمية وعدم الاختصار على زيت الزيتون.
تونس تجتهد ولا تصيب وتصرّ على الأجر الواحد: تقييد الواردات لـم يصب الهدف مرتين سابقتين.. فن سَنّ الإجراءات الضعيفة يتواصل ...
- بقلم شراز الرحالي
- 09:21 19/10/2022
- 886 عدد المشاهدات
• 2018 و2019 اجراءات لوزارة التجارة والبنك المركزي لم تحد من اتساع العجز التجاري وارتفاع الواردات
• 2021 فرنسا وضعت إجراءات مماثلة للإجراءات التونسية الجديدة ولم تنجح في الحد من عجز ميزانها التجاري