أصبح تغيير منظومة الدعم والتسويق لهذا التمشي جليا في خطاب كل المسؤولين دون الإفصاح بصفة واضحة حتى يعلم جموع التونسيين ان منظومة الدعم لبعض المواد الأساسية ستلغى، ووضع التونسي أمام الامر الواقع له مخاطر كبيرة يعلمها القاصي والداني اولاها الاضطرابات الاجتماعية بالاضافة الى سقوط عدد كبير من التونسيين في فقر غير مسبوق إذ لن تقدر العائلات الفقيرة على مجابهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
المواد المدعمة هي الحبوب ومشتقاتها والزيت النباتي والحليب نصف الدسم و السكر والعجين الغذائي والكسكسي والورق المعد لطباعة الكراس والكتاب المدرسي لمعاضدة المقدرة الشرائية والتخفيف من وطأة تقلبات الأسعار العالمية وتشجيع الانتاج الوطني من الحبوب والحليب وفي ظل الازمة التي تمر بها تونس من نقص كبير في السلع المعروضة وأبرزها المواد المدعمة تكون سياسة دعم المواد الأساسية قد تخلت عن أهدافها وأصبح المشرفون عنها يخوضون في ارتفاع الأسعار العالمية بدل الحديث عن كيفية التخفيف من وطأتها والحديث عن فشل منظومة الدعم وتقديم بدائل من قبيل توجيه منح للعائلات المستحقة للدعم حتى لا يذهب الدعم إلى غير مستحقيه.
ومع كل حكومة في الأعوام الفارطة تم طرح مسالة منظومة الدعم بحلول مستنسخة من بعضها فالجميع يتذكر المعرف الاجتماعي الوحيد كقاعدة بيانات لمعلومات عامة تتعلق بالمواطنين التونسيين والأيام الدراسية التي نظمها البرلمان المشكل عن انتخابات 2014. وتضمين إصلاح منظومة الدعم في الإصلاحات الكبرى التي كانت محور عديد الندوات والورشات إلا أنها ظلت مسألة نظرية باعتبار حساسيتها. وكانت مجرد محور لجلسات غير مثمرة. والنتيجة مزيد تأجيل تشخيص الوضع وتدهوره اليوم.
الإصلاحات المقترحة إما بطيئة أو أنها لاتنفذ
في تقريرها السنوي التاسع والعشرين قالت محكمة المحاسبات انه لم تتم ترجمة سياسة دعم المواد الأساسية في إطار خطة شاملة تضبط الأهداف المنتظرة بصفة دقيقة والوسائل والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف في آجال محددة كما لاحظت أن الإصلاحات المقترحة تنفذ ببطء او بعدم التفعيل مما ادى الى استمرار الإشكاليات ذاتها، ولم تتول السلط العمومية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق توجهات النهوض بالإنتاج المحلي من الحبوب والزيت النباتي والسكر
وفي ما يتعلق بالفئات المستحقة للدعم قالت محكمة المحاسبات أنها تتسم بعدم الوضوح. كما لاحظت محكمة المحاسبة عدم توفر الآليات الضرورية للدواوين للتأكد من المخزونات الفعلية من المواد المدعمة كما تشكو مراقبة مسالك توزيع المواد المدعمة غياب برامج مراقبة خاص وعدم تخصيص الموارد المادية والبشرية الكافية للقيام بذلك.
أن السياسات الخاطئة وعدم ايلاء الموضوع والملاحظات اي اهتمام من طرف سلط الإشراف ادى الى وضع كارثي يهدد اليوم التونسي في قوته ليتحمل وحده نتائج سياسات المماطلة والفشل وترحيل الأزمات حفاظا على المناصب.
لجنة وطنية لتركيز الاصلاح !!
في التقرير السنوي للقدرة على الأداء لوزارة التجارة وتنمية الصادرة جاء فيه تراجع تقديرات ميزانية الوزارة ب1503 مليون دينار بعنوان 2024 مقارنة بميزانية 2022 وأرجعت هذا التراجع إلى التوجه الحكومي لترشيد نفقات دعم المواد الأساسية لتخفيف الضغط على المالية العمومية وتوجيه الدعم نحو مستحقيه في السنوات الثلاث القادمة بالانتقال من دعم الأسعار إلى دعم المداخيل. التقليص في حجم ميزانية التدخلات تقلص موارد الجهات المعنية بتوفير المواد الغذائية الأساسية على غرار الديوان التونسي للتجارة وديوان الحبوب فثلاثة أشهر قبل نهاية السنة والانتقال إلى هذا التقليص المعلن عنه في ميزانية وزارة التجارة للعام 2022 لن تكون كافية لمعرفة المستحق للدعم من عدمه خاصة وان سياسة الحكومات المتعاقبة لا تبني عما سبق ولهذا فإما انه للحكومة خطة مسكوت عنها ستعلن عنه في الوقت اللازم أو إنها تتخبط في حلول غير مجدية وغياب رؤية لخططها.
كما تضمن التقرير السنوي للقدرة على الاداء الانطلاق في تنفيذ مشروع إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية الذي يهدف إلى تعويض نظام دعم الأسعار بنظام دعم المداخيل. وقد تم إحداث لجنة وطنية لتركيز الاصالح انبثقت عنها فرق عمل تعنى بتحديد المستفيدين وضبط معايير اختيارهم وطرق احتساب منحة الدعم المباشرة وتحديد طرق التسجيل والإشهار والطعن وتركيز قاعدة المعلومات وخزنها وتأمينها وضبط آلية صرف المنح ودوريته الا ان هذا العمل لم يتم الافصاح عن مدى التقدم فيه.
التسويق لخطة رفع الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه: المرور أولا عبر شحّ المعروض و إفراغ جيوب التونسيين
- بقلم شراز الرحالي
- 10:10 27/09/2022
- 932 عدد المشاهدات
• محكمة المحاسبات في تقريرها السنوي التاسع والعشرين: لم تتم ترجمة سياسة دعم المواد الأساسية في إطار خطة شاملة تضبط الأهداف المنتظرة بصفة دقيقة
• تراجع بـ 12.88 % في القيمة التقديرية للدعم في 2023 و29.33 % في 2024