وأثار الحرب الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى الأزمة الداخلية المستمرة منذ سنوات- لم يعد بالإمكان تجاوزه إلا بتكاتف الجميع ولن تكون الأيام والأشهر القادمة سهلة فموجة الغلاء وتراجع المقدرة الشرائية أرهقت كل العائلات.
رغم أن خطاب الحكومة بعيد كل البعد عن مصارحة الشعب بالوضعية الصعبة للاقتصاد التونسي، إلا أن كل مظاهر الحياة تحيل إلى أن الأزمة خانقة ولعل المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل ابرز دليل. فالحديث عن نسب ترفيع متداولة اعلاميا بعيدة عن نسبة التضخم المرتفعة جدا مقارنة بالسنوات الماضية تظهر وعي الجميع بان المرحلة صعبة، ورغم أن المفاوضات ترتكز على أن تكون الزيادة في الأجور في علاقة بنسبة التضخم وذلك اكبر دليل على الاكراهات التي تعاني منها الحكومة باعتبار ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي المرتبط بنقاط أبرزها التحكم في أجور الوظيفة العمومية والقطاع العام واكراهات أخرى للاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعلم جيدا أن عدم حصول تونس على قرض من النقد الدولي سيدخل البلاد في مرحلة أصعب باعتبار الحاجة الملحة للسيولة وللتمويل الخارجي خاصة.
فرضية نجاح الحكومة في ابرام اتفاق مع المنظمة الشغيلة سترسم طريقا سالكة لها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وبإمكانها طرح سنداتها على السوق المالية الدولية وتجنب حراك اجتماعي في قادم الأشهر، لكن ستكون حياة التونسيين أصعب وأعسر مما سبق فانفلات الأسعار خاصة في المواد الحرة وعدم توفر المواد المؤطرة والمدعمة على غرار الزيت والسكر يزيد من شكوك المستهلك حول القدرة على الاستمرارية في تزويد السوق بكل المتطلبات وبأسعار تراعي مقدرة شرائية متضررة وسط غياب أجور تأخذ بعين الاعتبار التضخم الذي بلغ 8.6 % الشهر الفارط والمستمر في الارتفاع منذ أكثر من سنة.
ما من شك ان الوضع العام للبلاد يستدعي تقديم تنازلات من الجميع فلئن ضفرت الحكومة باتفاق يساعدها على المرور إلى مفاوضات آمنة وهادئة مع صندوق النقد الدولي إلا أن حياة التونسيين بقوة شرائية ضعيفة لأجورهم سيكونون في معيشة ضنكا.