به لاحقا باعتبار أن لتونس سابقة في هذا الشأن في 2018 حين اتفقت مع المؤسسة المالية الدولية إلا أن إمضاء اتفاقية بين الحكومة آنذاك والاتحاد العام التونسي للشغل أنهى الاتفاق في منتصفه.
تمر الحكومة بظرف حرج لم تسبقها إليه أي من الحكومات السابقة باعتبار ان كل من سبقها استفاد من الدعم الدولي للتجربة التونسية بهدف إنجاح الانتقال الديمقراطي ولم تكن شروط الحصول على تمويلات مشددة مثلما تشهده اليوم فقد ربطت كل المؤسسات والوكالات حصول تونس على تمويلات من المقرضين بنجاحها في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهذا الأخير يشترط أن يتم التوافق داخليا أي مع المنظمة الشغيلة بالأساس تجنبا لأي حياد عن النقاط المتفق عليها.
يقول نور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل ان وجهات النظر متباينة لكن حبل الود لم ينقطع في انتظار تواصل اللقاءات بين الحكومة والوفد المفاوض إلى حين قول الكلمة الفصل. والجميع في تونس يعلم الأزمة التي تمر بها البلاد من ضعف النمو الاقتصادي وعجز المالية العمومية وصعوبة الاقتراض.
فالإصلاحات التي كانت في الأعوام الماضية تحت تصرف الأحزمة السياسية لم تمر على الرغم من أن الخبراء أكدوا على ضرورة تمريرها حتى لا تكون الأزمة مضاعفة لاحقا وهو ما حصل فعلا. فالندوة التي تم تنظيمها للترويج للإصلاحات الكبرى والمعلقات الاشهارية في الشوارع للتحسيس بأهمية الإصلاح لتجنب سيناريوهات كارثية تبدو اليوم أنها كانت موظفة سياسيا وان مصلحة المجوعة الوطنية كانت ابعد ما يكون عن برامج سياسيين بنظرة ضيقة.
وسيكون الوضع الذي من المتوقع أن ينتج عن عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد الترفيع في الأجور عنوانه الأبرز التقشف من خلال تقليص الشراءات بعنوان الواردات وبالتالي تسجيل نقص في المعروض من السلع المعتمدة أساسا على الواردات على غرار المحروقات والمواد الأساسية.
سيكون على الحكومة عند التفاوض وضع خارطة طريق لإصلاحاتها للمؤسسات العمومية والدعم والاجور حتى تتجنب لاحقا مآزق الاضطراب الاجتماعي الذي حذرت منه عديد المؤسسات في علاقة بارتفاع الاسعار.
وكان بيان صندوق النقد الدولي في ختام زيارتهم الى تونس قد اكد على دعمه للسياسات والإصلاحات الاقتصادية.من تحسين العدالة الجبائية ، وتوسيع نطاق تغطية شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة التحويلات النقدية، وتحسين أداء المؤسسات العمومية، واحتواء النفقات العامة الجارية الذي يتطلب الحد من نمو كتلة الأجور والإلغاء التدرجي للدعم.
فالتوفيق بين متطلبات الوضع الداخلي اي يرتبط بدوره بضرورة تحقيق انفراج في الوضع الخارجي من اشد الصعوبات التي تعيشها الحكومة اليوم.