بمزيج من الطمأنة والدعوة الى عقلنة الاستهلاك ،عقدت وزارة التجارة وتنمية الصادرات ندوة صحفية يوم أمس تحت عنوان «دور التحكم في الأسعار والتزويد» ،حيث hختارت وزارة التجارة ان تنظم اللقاء بمقر المعهد الوطني للاستهلاك لإعطاء المستهلك دورا اساسيا في حربها ضد الاحتكار والمضاربة غير المشروعة.
بعد أكثر من لقاء جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة التجارة فضيلة الرابحي تم فيه تناول واقع التزويد و اشكاليات النقص في المواد الاساسية ،عقدت وزارة التجارة يوم امس ندوة صحفية غابت عنها الوزيرة مما أبقى عدة نقاط محل إستفهام ودون إجابة.
وقد حضر الندوة مدير المعهد الوطني للاستهلاك عبد القادر التيمومي الذي قدم مداخلة موسعة كشف فيها عن اسباب ارتفاع معدلات التضخم و الاجراءات المتخذة من قبل سلطة الاشراف للتحكم في الاسعار، حيث إعتبر التيمومي ان ارتفاع نسبة التضخم و التي بلغت 8.2 % خلال شهر جويلية المنقضي تعود الى تداعيات الاوضاع العالمية ،فإلى جانب تأثيرات كورونا التي لاتزال تلق بضلالها ،عمقت الحرب الروسية في أوكرانيا الازمة وهو ما خلق مزيج من الارتفاع في اسعار المواد الاولية و مدخلات الانتاج وتراجع في العرض.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
وأضاف المصدر ذاته ان العوامل المناخية التي مرت بها البلاد خلال الأشهر المنقضية بالاضافة الى الاشكالات الهيكلية لمنظومات الانتاج و التوريد و ارتفاع الكلفة و الاضطرابات المتكررة للتزويد علاوة على تنامي الممارسات الاحتكارية و التجاوزات السعرية في بعض القطاعات خاصة المواد الحساسة و المدخلات الاساسية للانتاج جلها عوامل قد غذت و لازالت - المنحى التصاعدي للاسعار و تباعا ارتفاع مستويات التضخم .
ولفت التيمومي إلى انه لولا الاجراءات المتخذة من طرف وزارة التجارة لكانت نسبة التضخم برقمين على غرار دول مجاورة ،حيث تمكنت تونس نسبيا من التحكم في نسبة التضخم مقارنة بمصر 13.6 % او الجزائر 11.7 % و قد وصلت الى مستويات مرتفعة في بضع دول القارة مثل اثيوبيا عند 33 في المائة مع موفى شهر جويلية المنقضي.
و استعرض جملة من الاجراءات المتخذة للتحكم في الاسعار ،حيث وقع تأمين انتظامية التزويد بالمواد الأولية والأساسية من خلال و ضع برامج خصوصية لتحسين التزويد والرفع من مستوى العرض خلال المواسم الاستهلاكية الكبرى ،كما تم إقرار إجراءات ترتيبية وتنظيمية لتعديل التزويد من قبيل منع التصدير و ضبط اسعار بعض المنتوجات الاساسية و تحديد هوامش ربح على مستوى الإنتاج و التوزيع .
ومن ضمن التدابير التي وضعت للحفاظ على مسويات معتدلة من التضخم ، برنامج رقابي لضرب الاحتكار و المضاربة و التهريب و تدعيم المنظومة التشريعية و المؤسساتية لمكافحة الاحتكار ورقمنة مسالك التوزيع.
الحذر واجب وترشيد السلوك الاستهلاكي مطلوب ....
وجه المسؤول بالمعهد الوطني للاستهلاك دعوة الى المستهلك بضرورة تبني العقلنة وترشيد النفقات لدى إقتنائه لحاجياته لا سيما أن الفترة المقبلة تستوجب المزيد من الحذر ، حيث تفيد التوقعات بتسجيل صعوبات في التزويد خلال الفترة القادمة بالتزامن مع إحتداد الصعوبات الهيكلية لمنظومات الانتاج من الالبان و منتجات الدواجن ،اللحوم الحمراء و الخضر و الغلال بالاضافة الى دخول الفجوة الخريفية و التي تتميز بدورها بتراجع طبيعي في الانتاج لعدد من المواد الفلاحية الطازجة من الخضر البطاطا والبصل و الطماطم و الفلفل والغلال والالبان وبالتالي إمكانية ارتفاع أسعارها .
و ذكر التيمومي أن الدراسات التي قام بها المعهد الوطني للاستهلاك حول أنماط الاستهلاك الغذائي و عمليات الشراء بالعائلات التونسية اظهرت ضعفا في إلمام المستهلك بحقوقه كمستهلك، علاوة على غياب الوعي بالمنتجات التي يقتنونها ،حيث كشفت الدراسات ان 95 % من المستهلكين لا يطلبون معلومات حول الخصائص الفنية للمنتجات وان 59.5 في المائة من الاسر لا يهتمون الى إشهار الاسعار من عدمها.
ويوصي المعهد الوطني للاستهلاك بضرورة اخذ الحذر أثناء الاستهلاك ،مثلما دعا المستهلك الى عدم التوسع في الشراء و الحذر الشديد في قضية الشراء المسبق لانها إستنزاف جدي لجيب المواطن،كما يشدد المعهد الى ضرورة ترتيب الاولويات التي تستحق الانفاق وفقا للاوضاع الجديدة و حسب مايتناسب مع الاحتياجات الحالية وعدم الانسياق وراء الاشاعات و التثبت من المعلومة بالاضافة الى التوصيات المتعارف عليها وهي تجنب اللهفة و التبذير.
وفي تصريح لجريدة «المغرب» ، قال عبد القادر التيميومي ا ناي ارتفاع في نسبة التضخم سيكون له إنعكاس سلبي على المقدرة الشرائية للمواطن وتوقعاتنا تشير الى تسجيل نسبة تضخم لكامل 2022 دون 9 % وعن تأثير موجة الغلاء التي تشهدها أسعار المنتجات الأساسية على المقدرة الشرائية ،قال ان المعهد بصدد إنجاز دراسة ستمكننا من معرفة نسبة تراجع المقدرة الشرائية جراء ارتفاع معدلات التضخم .
نحو تسقيف أسعار بعض المنتجات الغذائية...
ومن جهته اكد مدير المرصد الوطني للأسعار بوزارة التجارة رمزي الطرابلسي انه سيقع خلال الفترة المقبلة تسقيف عدد من المنتجات الغذائية في حال عرفت ارتفاعا مشطا في الأسعار وقد أكد خلال مداخلته انه تراجع أسعار اللحوم البيضاء إلى مستوى شهر جوان المنقضي وذلك بعد الاتفاق مع المهنيين على التقليص في هامش الربح الى 10 % عوضا عن 15 و20 % ،مشيرا الى ان قيمة التراجع ستكون على مستوى المذابح بين 200و400 مليم و هي قيمة هامشية بالنظر مكانة منتجات الدواجن ضمن قفة التونسي علاوة على أن التخفيض المقترح متواضع أمام الأسعار التي باتت مشابهة بشكل مهم لأسعار اللحوم الحمراء.
وفي ما يتعلق بالحصيلة الرقابية، قال الطرابلسي ان الجهاز الرقابي قد انجز حوالي 500 الف زيارة تفقدية قد اسفرت عن تسجيل 60 الف مخالفة إقتصادية وحجز اكثر من 6 آلاف طن من المواد الغذائية و الفلاحية ..كما تم أخذ قرارات بعدم التزود ،حيث تم منع 60 تاجر جملة بالتزود بالزيت النباتي المدعم .
وصول 80 ألف طن من السكر خلال النصف الأول من الشهر المقبل ...
وفي ما يتعلق بالمواد التي تشهد نقصا، أكد المكلف بالإعلام بوزارة التجارة محمد علي الفرشيشي في مداخلة له وجود صعوبات في التزود مشيرا الى ان توفير المواد الغذائية المدعمة أصبحت تخصص له مجالس وزارية في الغرض ،مطمئنا المواطنين بوجود كميات قادمة من السكر و القهوة ،حيث من المنتظر أن تصل شحنة من السكر من الجزائر بحجم 50 ألف طن خلال الأيام القليلة المقبلة و30 ألف طن ستصل بتاريخ 12 سبتمبر المقبل مع العلم أن حجم المخزون بالديوان التونسي للتجارة يقدر بـ7 آلاف طن .
أما عن مادة القهوة ،فقد قال الفرشيشي أن هناك 5 آلاف طن من القهوة موجودة tفي أحدى الموانئ بصدد استكمال إجراءات تفريغها علاوة على 200 طن مخزون بالديوان التونسي للتجارة .
وعن سبب الاضطراب في التزويد قال الفرشيشي في تصريح ل» المغرب» ان هناك ارتفاع صاروخي في تكاليف الشحن يعطل سير الامدادات خاصة في ظل الصعوبات المالية الحالية ،اما عن ازمة السكرو تداعيتها على مستوى الصناعيين ،فقد اكد ا أن الكميات المبرمج توريدها سيقع ضخها في الاسواق سيخصص جزء منها للصناعيين مشيرا الى أنه لن يقع تغطية حاجيات الصناعيين بالشكل المطلوب في الوقت الراهن.
وقد حضر الندوة الصحيفة كل من رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك عمار ضية ورئيس منظمة ارشاد المستهلك لطفي الرياحي ،حيث اكد عمار ضية انه من ضروري الالتزام بمصداقية الخبر و سرعة الاعلام في حال تم تسجيل إضطراب في التزويد باي مادة وذلك تجنبا للاشاعات التي تتسبب في لهفة المستهلك ،كما يقع إستغلال غياب المعلومة في الوقت المحدد الاشاعات لخدمة أغراض تجارية و سياسية ،حيث دعا وزارة التجارة الى مزيد من التنسيق مع وسائل الاعلام لتوفير المعلومة الصحيحة وفي الوقت المطلوب.
من جهته دعا لطفي الرياحي الى مزيد الضغط على هوامش الربح و التحكم الجدي في أسعار المواد الحرة التي تشهد تطورا مهما مقارنة بالمواد المؤطرة.