خلال ندوة صحفية ينتظر انعقادها اليوم ،كشفت وزارة المالية أمس عن نتائج تنفيذ الميزانية للنصف الأول من العام الحالي والتي نجد فيها استقرار في قيمة دعم المواد الأساسية عند 400 مليون دينار بين شهر ماي وجوان المنقضي مع تراجع في قيمة الدعم بحساب الانزلاق السنوي بنسبة 52 %.
في الوقت الذي اتسم فيه السداسي الأول من السنة الحالية بمستويات قياسية من أسعار السلع الغذائية لا سيما الحبوب والزيوت النباتية والتي كان من المفترض أن ينعكس هذا التطور في الأسعار على مستوى ميزانية الدعم مثلما ماهو مسجل بالنسبة لميزانية دعم المحروقات وإن كانت هذه المادة تشهد بدورها اضطرابا في التزويد ولكن بدرجة أقل مقارنة بالمواد الغذائية ،حيث تشهد قفة التونسي نقصا من عدة مواد غذائية على غرار الزيت النباتي المدعم ،السكر والأرز والقهوة... .
ولئن قدرت وزارة المالية ميزانية دعم المواد الأساسية في حدود 3.7 مليار دينار لكامل 2022 أي بإرتفاع بنحو بنسبة 71 % مقارنة بسنة 2021 ،فإن التنفيذ على أرض الواقع لايزال بعيدا ويبدو أن غياب الموارد المالية حال دون ذلك وهو مايفسر جزئيا على الأقل حالة النقص المسجلة في الأسواق ،فبالنظر إلى نتائج تنفيذ الميزانية نجد أن ميزانية دعم المواد الأساسية قد بلغت 400 مليون دينار فقط في ستة أشهر وهو مايمثل 10 % من إجمالي الميزانية المخصصة لها لكامل السنة مع العلم أن قيمة الدعم لم تشهد تغييرا مقارنة بشهر ماي من السنة ذاتها وفي المقابل تراجع مقارنة بالسداسي الأول من العام المنقضي أين كانت قيمة الدعم في حدود 850 مليون دينار .
مقابل تراجع قيمة دعم المواد الأساسية نجد ارتفاعا في قيمة دعم المحروقات التي ارتفعت بأكثر من 350 % بين جوان 2021 و جوان المنقضي ،فقد أظهرت نتائج تنفيذ الميزانية إلى غاية منتصف العام الحالي تطورا في قيمة نفقات دعم المحروقات إلى 1.4 مليار دينار وهو مايعادل تقريبا نصف الميزانية المخصصة لها على مدار 2022 ويمكن العودة في هذا الباب الى معطيات التجارة الخارجية التي تبرز صعود فاتورة الواردات الطاقية بسبب ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية ،حيث تطور قيمة واردات القطاع الطاقي مع نهاية السداسي الأول من السنة الحالية بنحو 90 % من حيث القيمة لتبلغ 6.5 مليار دينار مع العلم أن واردات النفط الخام قد سجلت تراجعا من حيث الكمية بنحو 13 % إلا أن القيمة قد ارتفعت بنحو 50 في المائة و ذلك بسبب ارتفاع الأسعار في السوق العالمية .
كما ارتفعت قيمة المواد المكررة من 2.1 مليار دينار إلى نحو 4 مليار دينار مع موفى جوان المنقضي كما نمت قيمة واردات الغاز الطبيعي بنسبة 160 % لتصل إلى 1395 مليون دينار مع العلم أن سعر الغاز الطبيعي المورد قد ارتفع بأكثر من 80 % و تباعا نجد ان ارتفاع قيمة الدعم أساسا مرده ارتفاع الأسعار في السوق العالمية و لا يعود إلى إرتفاع في حجم الكميات الموردة وخاصة ان برنامج التعديل الشهري للأسعار كان قد توقف منذ افريل المنقضي وهو مايجعل من فاتورة الدعم ارفع و أثقل خاصة و ان الطلب على المواد البترولية في إرتفاع و العملة المحلية في تراجع و الأسعار العالمية في
إرتفاع.
وقد أدى ارتفاع قيمة دعم المحروقات إلى ارتفاع نفقات الدعم لتصل إلى 2.1 مليار دينار وهو مايمثل 11 % من إجمالي النفقات المسجلة خلال السداسي الأول.
يبدو أن الحكومة اليوم أمام خيارين أحلاهما مرّ،إما توفير الغذاء على حساب تنقل الأفراد وحركة الاقتصاد أوتوفير المواد البترولية لضمان حركية عجلة الاقتصاد وتنقل الأفراد وبين الخيار الأول والثاني هناك مسافة من المعاناة اليومية يقطعها المواطن يوميا لا سيما الفئات الضعيفة والمتوسطة بحثا عن قوت يومه .