بعد الغذاء والطاقة تهافت الدول على الأسمدة لضمان غذائها: المغرب يؤسس لـ«دبلوماسية الفسفاط» وتونس خارج قائمة الدول المراهن على تعزيزها للإنتاج العالمي

تتسابق دول العالم من أجل ضمان حاجياتها من الأسمدة لإنجاح المواسم القادمة من زراعتها وفي هذا التهافت على الشراءات من البلدان المنتجة نجد تونس خارج

القائمة لأكثر الدول إنتاجا للفسفاط. وتحذر عدة منظمات من أزمة غذاء ناجمة عن نقص الأسمدة المتأثر باضطراب سلاسل الإمدادات.

تتصدر الصين قائمة اكبر الدول المنتجة للفسفاط تليها المغرب والعربية السعودية وروسيا ومملكة المتحدة والأردن والمكسيك واستراليا ومصر وإسرائيل. وتسجل عدة دول تأثرا بنقص الإمدادات من روسيا والصين مما دفعها إلى التوجه إلى المغرب فالاضطرابات في سلاسل الإمدادات العالمية توجه الموردين نحو الفسفاط المغربي ، وتداولت عدة مصادر إعلامية تسمية جديدة «ديبلوماسية الفوسفاط» لما يشهده المغرب من زيارات لمسؤولين ساميين من دول كانت تعتمد على الفسفاط الروسي والصيني.

تتحدث الأرقام عن وجود 70 % من احتياطيات الفوسفات العالمية في المغرب والصحراء الغربية ، ويريد المغرب تلبية جزء من الطلب وزيادة إنتاجه بنسبة 10 في المائة هذا العام. في ظل هذا التسابق العالمي لأجل تامين حاجة الدول للأسمدة لزراعتها تواجه تونس صعوبة في توفير حاجياتها المحلية مع إمكانات كبيرة وإنتاج فائت وغير مستغل. ففي 2010 أنتجت تونس 8.107 مليون طن من الفسفاط واحتلت المركز الخامس عالميا وبدأت بعد ذلك سلسلة من التقهقر لم تتوقف.

بلغ إنتاج الفسفاط خلال في 2021 نحو 3.726 مليون طن وكانت التوقعات تشير الى انجاز 6.5 مليون طن في حين تم إنتاج مسجلا تراجعا بـ 54 % مقارنة بـ 2010 وتتفاوت عادة التقديرات مع المنجز باعتبار أن الظرف متغير وتحت تأثير المناخ الاجتماعي بمناطق الإنتاج، ولم تنجح إنتاج الفسفاط في بلوغ نسبة انجاز مائة ٪ طيلة العقد الفارط فقد سجل الإنتاج في 2018 معجل 2.8 مليون طن وفي 2019 معدل 3.73 مليون طن وفي 2020 نحو 2.83 مليون طن من بين 5.6 مليون طن مقدرة أي بتراجع يقدر بـ44 % مقابل تراجع قدره 16 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.وتعود أسباب هذا التراجع وفق تبريرات السلط المعنية إلى التحركات الإجتماعية منها المطالبة بالتنمية والتشغيل ومنها المتعلقة بالمرافق الأساسية كنقص الماء الصالح للشراب. وقد أدى النقص في إنتاج ونقل الفسفاط إلى تراجع حاد في المعدل السنوي لصادرات مشتقات الفسفاط خلال الفترة 2011 - 2020 مقارنة بسنة 2010 .أما عن قيمة الصادرات السنوية للفسفاط ومشتقاته خلال سنة 2020، فقد تراجعت بحوالي 31 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 وبـ 66 % مقارنة بإنجازات سنة 2010. اما العام الحالي فان سقف الآمال ارتفع إلى 7.5 مليون طن. وقد ارتفعت ساعات التوقف عن العمل أيضا حيث بلغت في 2020 معدل 70 % بسبب الاحتجاجات والاعتصامات بالحوض المنجمي والإضرابات العشوائية لأعوان الشركة لنقل المواد المنجمية.

وهو ما كانت له تداعيات مازالت مستمرة من بينها وفق سلطة الإشراف عدم قدرة المجمع الكيمائي التونسي على الاستجابة للتعهدات المبرمة مع حرفائه ومزوديه بالأسواق العالمية للمواد الفسفاطية، وتدني الترتيب العالمي للمج مع وتأخره في إنجاز المشاريع، و تهديد ديمومة القطاع وتموقعه في الأسواق العالمية، وعدم القدرة على الحفاظ على الأمن الفلاحي والغذائي حيث يوفر المجمع الكيميائي التونسي سنويا ما قيمته 260 مليون دينار من الأسمدة الأساسية يضعها على ذمة الفالحة الوطنية وبصيغة مدعمة، فقدان القطاع لبعض الحرفاء الاستراتجيين وخسارة تموقعه في بعض الأسواق العالمية لفائدة المنافسين كالمغرب وروسيا وليتوانيا والأردن والصين وغيرها والمنتجين الجدد مثل السعودية والجزائر.

على الرغم من كل هذا التسابق الدولي لكسب أسواق جديدة وتدعيم الحضور في الأسواق التقليدية واعتماد «ديبلوماسية الفسفاط» لم تعلن تونس عن أي خطة لاجل النهوض بقطاع ارهق الاقتصاد واثقل كاهل الدولة.

ففي قانون المالية للعام 2020 تم خصّ شركة فسفاط قفصة بإجراء يتمثل بالأساس في التخفيض في نسبة المعلوم المنجمي (الأتاوة المنجمية ) الذي تخضع له شركة فسفاط قفصة والمنصوص عليه بالفصل 87 من الأمر العلي المؤرخ في 1 جانفي 1953 المتعلق بتحوير نظام المناجم من 10 % إلى 1 % من نتيجة الاستغلال الخاضعة للضريبة على الشركات وذلك في إطار مساندة مجهود الدولة لإنقاذ الشركة الوطنية المذكورة.

ففي هذه المرحلة المهمة بالنسبة الى قطاع الفسفاط لم يتم تسجيل أي جلسة عمل تخصص للنظر في إمكانات تونس وكيفية استغلال الظرف لصالحها باستثناء الحديث عن لقاء تونسي امراتي ضم الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة. وامام عدم الافصاح عن أي خطط أن وجدت ستكون الارقام في نهاية السنة خير دليل عن أي مساعي تم اتخاذها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115