غير أنّ المؤشر الذي يتعقّب التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية لسلّة من السلع الغذائية لايزال أعلى بنسبة 23.1 % بحساب الانزلاق السنوي.
ويأتي الانخفاض المسجل خلال شهر جوان بسبب يعكس تراجع الأسعار الدولية للزيوت النباتية والحبوب والسكر وقد نزل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب بنسبة 4.1 في المائة مقارنة بشهر ماي المنقضي، وإن كان لا يزال أعلى بنحو 30 % المائة من مستواه المسجل في جوان 2021 وفسرت الفاو هذا التراجع . ويُعزى التراجع إلى التوفر الموسمي من عمليات الحصاد الجديدة في بلدان النصف الشمالي من الكرة الأرضية وتحسّن أحوال المحاصيل في بعض من البلدان المنتجة الرئيسية وارتفاع توقعات الإنتاج في الاتحاد الروسي.
كما هبط متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الزيوت النباتية بنحو 8 % حيث ساهم ارتفاع الإنتاج الموسمي في البلدان المنتجة الرئيسية مع توقعات تزايد الكميات المتاحة للتصدير من إندونيسيا وسط قوائم الجرد الكبيرة على المستوى المحلي في تراجع الأسعار الدولية.
كما تراجعت أسعار السكر بشكل مشابه مسجّلًة بذلك تراجعًا للشهر الثاني على التوالي وأدنى مستوى له منذ فيفري وألقى التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي بثقله على الطلب الدولي على السكر وأسعاره الدولية وفي مايتعلق بجانب العرض، فقد استمرت التوقعات العالمية الجيدة بشأن الكميات المتاحة في دفع الأسعار إلى الانخفاض.
وفي المقابل نمت أسعار اللحوم بنسق طفيف لتسجل بذلك مستوى قياسيًا جديدًا ليتجاوز مستواه المسجل في جوان 2021 بمقدار 12.7 في المائة وارتفعت الأسعار العالمية لجميع أنواع اللحوم، في ظل ارتفاع أسعار لحوم الدواجن بشكل حاد، لتبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق مدعومة باستمرار حالة انحسار الإمدادات العالمية إثر الحرب في أوكرانيا وتفشي إنفلونزا الطيور في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وارتفعت أسعار لحوم البقر بعدما رفعت الصين القيود المفروضة على الواردات للمشتريات من البرازيل.
كما تطورت أسعار الألبان بنحو 25 %عن مستواه جوان 2021. وقد سجّلت أسعار الأجبان الارتفاع الأكبر، مدعومة بارتفاع الطلب على الواردات للإمدادات الموضعية وسط مخاوف السوق إزاء كمية الإمدادات المتاحة في وقت لاحق من السنة، في ظلّ تأثير موجة الحر الصيفية المبكرة بقدر أكبر على إنتاج الحليب في أوروبا الذي كان ضعيفًا في الأساس.
وكان البنك الدولي قد ذكر في تقرير حديث إن الحرب في أوكرانيا أحدثت صدمة كبيرة لأسواق السلع الأولية، حيث أدت إلى تغيير أنماط التجارة والإنتاج والاستهلاك العالمية بطرق يمكن أن تُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة تاريخياً حتى نهاية عام 2024. وتوقع التقرير أن تزيد أسعار القمح بأكثر من 40 % لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق خلال السنة الجارية. وسيشكل ذلك ضغطاً على الاقتصاديات النامية التي تعتمد على واردات القمح، خاصة من روسيا وأوكرانيا.
وتوقعت المؤسسة المالية أن تؤدي الأزمة إلى تعطل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة، وأمام هذا الوضع، حث البنك الدولي واضعي السياسات على التحرك على وجه السرعة للحد من الأضرار التي تلحق بمواطنيهم وبالاقتصاد العالمي، من خلال برامج لشبكات الأمان الاجتماعي الموجهة، مثل التحويلات النقدية، وبرامج التغذية المدرسية، وبرامج الأشغال العامة، بدلاً من دعم السلع الغذائية والوقود.
وفي مقال نشر في مدونة البنك الدولي مع موفى الشهر المنقضي بعنوان «ارتفاع معدل التضخم وأثره على أوضاع الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أنه إذا استمر ارتفاع الأسعار العالمية في الأشهر المتبقية من عام 2022 بنفس الوتيرة التي كان عليها في الأشهر الأولى من هذه السنة واستمر الدعم قائماً، فإن معدل الفقر سيزداد بـ 2.2 نقطة مائوية في تونس.
وجاء في المقال أن التقديرات تشير إلى أن زيادة الأسعار العالمية أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مائوية، وقد تم التخفيف من أثر ذلك على الأسر المعيشية من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة.