حيث تجاوزت المعدلات ما تم تسجيله قبل 40 سنة وقد نوعت بعض البلدان في آليات المحاربة بينما اكتفت أخرى بالآلية التقليدية أي الترفيع في نسبة الفائدة.
يعد التّرفيع في نسبة الفائدة أولى الأسلحة التي تعتمدها البنوك المركزية عند ارتفاع التضخم وتواصل منحاه التصاعدي والغرض من هذا الإجراء الضغط على الطلب للتخفيض في الأسعار لاحقا الإجراء الذي يزم أهل الاختصاص انه لا يؤتي أكله إلا في فترة تتراوح بين 6 آو 9 ثلاثيات قد يكون حينها متأخرا.
هذا الإجراء يمكن أن يؤثر في الطلب لكن لن يؤثر في العرض نظرا لارتباط التضخم ايضا بعوامل خارجية فهو عائد أساسا إلى ارتفاع الأسعار العالمية. قد لاتنجح البنوك المركزية في كبح جماح التضخم بهذه الآلية في هذا الظرف الا انها لن تقف مكتوفة الأيدي.
كما تم في عديد البلدان وبالإضافة الى ترفيع نسبة الفائدة اعتماد إجراءات أخرى مصاحبة نظرا للأثر الكارثي الذي يخلفه التضخم والذي ينعكس على الجانب الاقتصادي والإجتماعي.
يعود هذا الانفلات في معدلات التضخم في كبرى الدول الى ضخ أموال للإنفاق على برامج الدعم العمومية لمواجهة أزمة “كورونا” وهو ما نجم عنه ارتفاع السيولة التي أدت الى التضخم فيها انعكست ظلالها في بقية البلدان حتى تلك التي لم تعتمد برامج انتعاش اقتصادي على غرار تونس.
في تركيا ارتفع التضخم الى مستويات أصبحت تهدد المقدرة أطلقت الحكومة سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى استخدام البنوك وأسواق السندات لتهدئة التضخم المتصاعد، وتثبيت العملة المتراجعة.
في المغرب مازال التضخم تحت السيطرة الا أن الحكومة المغربية قامت بوقف رسوم الاستيراد لمواجهة ارتفاع أسعار الزيوت الخام على المستوى الدولي نتيجة الصراع الروسي الأوكراني وضعف إنتاجها المحلي.
في مصر أعلنت حكومتها مؤخرا صرف زيادات في الأجور والمعاشات في إطار حزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية. ومساعدة العائلات الضعيفة كما قامت برفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل بنسبة 25 % للتخفيف من آثار الوضع الاقتصادي الراهن.
وزادت الحرب الروسية الأوكرانية من حدة ارتفاع أسعار السلع الأساسية في العالم من أسعار الطاقة والغذاء بالإضافة الى اضطراب سلاسل التوريد. وكانت البلدان الاروبية الأكثر والأسرع تاثرا نظرا لارتباطها بكل من روسيا وأوكرانيا بالتزود بالطاقة والغذاء ففي ألمانيا بلغ معدل التضخم لشهر ماي معدل لم يتم تسجيله منذ 1973 ونقلت مصادر إعلامية عن محافظ البنك المركزي الألماني قوله إنه يتعين على البنك المركزي الأوروبي العمل بقوة من أجل إعادة التضخم إلى معدلاته المستهدفة. مضيفا ان التضخم في منطقة اليورو لن يتباطأ من تلقاء نفسه»، فيما التزم البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة في جويلية المقبل.
صندوق النقد الدولي الذي وصف ارتفاع التضخم في نهاية السنة بالتضخم المروع عاد مع الانفلات في المعدلات العالمية لاي اعتباره خطرا حقيقيا على الاقتصاد العالمي داعيا الدول الى التعامل معه وفق بياناتها الخاصة أي أن لكل بلد ظروفه ومميزاته التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند محاربة التضخم.
إلى حد الآن اقتصرت تونس على التّرفيع في نسبة الفائدة على الرغم من النداء الذي أطلقه البنك المركزي مؤخرا إلى ضرورة مزيد التنسيق الوثيق مع كافة الأطراف الفاعلة بهدف الحدّ من تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على التوازنات الكلية للميزانية وبالتالي على التضخم.