متأثرة بتراجع سعر الصرف وارتفاع الأسعار في السوق العالمية: كلفة يوم توريد تصعد بنحو 30 % وتتجاوز 190 مليون دينار خلال ماي الجاري

تحدث بيان مجلس إدارة البنك المركزي الأخير عن إتساع العجز الجاري خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية الذي بلغ 2.7 -% من الناتج الإجمالي

المحلي مقابل 1.7 -% خلال الفترة ذاتها من السنة المنقضية.
وتشير معطيات البنك المركزي إلى إرتفاع قيمة الموجودات الصافية من العملة الأجنبية بنحو 12 % بتاريخ 23 ماي الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المنقضية ،فإن هذا التحسن يعد شكليا وذلك بالنظر إلى عدد أيام تغطية التوريد،حيث بلغ مستوى احتياطيات الصرف بتاريخ 23 ماي2022، 23.943 مليون دينار أي ما يعادل 125 يوما من التوريد وفي المقابل كان الاحتياطي في العام المنقضي عند 20951 مليون دينار و المقابل كان حجم تغطيته لأيام التوريد قد وصلت الى140 يوما من التوريد ويتضح أنه على الرغم من أن قيمة الموجودات من العملة الصعبة لسنة 2022 تعد ارفع من سنة 2021 فإن تغطيتها لأيام التوريد جاءت أقل ،ذلك أن قيمة يوم التوريد قد إرتفعت إلى 191 مليون دينار بعد أن كانت 149 مليون دينار أي بنمو بنسبة 28 %. وهو ما يجعل من يوم التوريد أكثر كلفة.
ويعود هذا الصعود في قيمة التوريد إلى عدة أسباب أبرزها ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق العالمية من طاقة وغذاء بالإضافة إلى تراجع سعرصرف الدينار،حيث زادت كلفة يوم التوريد بإيعاز من انزلاق قيمة سعر صرف الدينار،حيث سجل سعر صرف الدينار مقابل الدولار تراجعا بنسبة 14 % في سنة وقد نزل بنسبة 7 % منذ بداية العام مثلما تراجعت العملة الوطنية أمام الاورو بنسبة 3 %.

تتزايد الضغوطات على ميزان المدفوعات بما يستدعي مزيد العمل على القطاع الخارجي من إستثمار وتصديروقطاع سياحي لجذب العملة الصعبة التي بدورها تعد مؤشرا لتأمين حاجيات البلاد من السلع الغذائية والطاقة ...مثلما تمثل حاجزا لمنع مزيد من انزلاق العملة الوطنية مع العلم ان التحسن المسجل في عائدات القطاع السياحي والشغل والاستثمار لم يكن بالشكل الذي يمكن من خلال مجابهة قيمة عجز الميزان التجاري .

وسيؤدي إرتفاع كلفة يوم توريد إلى مزيد إتساع العجز الجاري الذي يعكس بدوره تدهور الحاصل التجاري وهو ماتكشفه أرقام التجارة الخارجية للمعهد الوطني للإحصاء،حيث سجل الميزان التجاري مع موفى أفريل المنقضي عجزا بقيمة 6.6 ملياردينارمسجلا بذلك تطورا بنحو 50 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي ويعتبر الحاصل التجاري العمود الفقري لميزان المدفوعات إلى جانب الاستثمار وعائدات الشغل والسياحة.

ويضاف إلى إرتفاع عجز الميزان الجاري ،تسجيل هبوط في قيمة الدينارأمام الدولار وارتفاع في نسبة التضخم إلى مستويات مرتفعة عند 7.5 % ،وترتبط جل هذه المؤشرات يبعضها البعض ،حيث سيكون لإتساع العجز التجاري أثر خطير على العملة الوطنية وتباعا على التضخم.

وإن التطور اللافت المسجل في قيمة العجزالتجاري والتعمق بخمسين في المائة في سنة واحدة ناجم بالأساس عن صعود قيمة الواردات بـ 30 % والتي وإن كانت تمثل إستنزافا للعملة الصعبة ،فإن من شأن الارتفاع لواردات المواد الأولية ونصف المصنعة خلال الفترة أن ييسر تواصل انتعاشة الإنتاج الصناعي في الأشهر القادمة ،جدير بالذكر إلى أن إرتفاع قيمة العجز التجاري مرده أساسا فاتورة توريد المواد الطاقية التي زادت بنسبة 85 % ويأتي بدعم من إرتفاع فاتورة المحروقات التي تأثرت بصعود الأسعار جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.

إن تعمق عجز الميزان يقوي المخاطر المحيطة ببلد ما ،ذلك أن الأهمية الاقتصادية لوضع البلد المالي تتعلـق بالجزء الأول من ميزان المدفوعات، وهو الحسـاب الجاري، الذي يشمل المعاملات العادية كاستيراد وتصدير السلع والخدمات، تحويلات المغتربين والوافدين، والمنح الخارجية ، كما أن صندوق النقد الدولي يطلب غالبا من جميع أعضائه تقديم موازين مدفوعاتها سنويا لكون هذا الميزان من أهم المؤشرات دقة في الحكم على المركز الخارجي للدولة العضو.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115