بين تكلفة الاقتراض المرتفعة وفقدان السيطرة على ارتفاع الأسعار: 2022 السنة الأغلى ثمنا

على الرغم من غياب إحصائيات رسمية خاصة بالمقدرة الشرائية للتونسي ومدى القدرة على تحمل تكاليف المعيشة خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة والضعيفة

إلا انه لا يمكن نفي ارتفاع الكلفة الجملية لكل السلع الاستهلاكية بمختلف استعمالاتها وهو ما زاد من قوة الضغط على جيب المستهلك وتعد السنة الجارية الأكثر تسارعا للأسعار فالزيادات لم تقتصر على عدد معين من المنتوجات بل غطت كل السلع.
تبدو السنة الحالية الأعلى ثمنا من بين كل السنوات فلم يعد من المفاجئ أن ينسحب ارتفاع الأسعار على أي منتوج وسلعة استهلاكية مهما كان استعمالها ، محروقات ، غذاء ، نقل، مشروبات ، خدمات، سكن و غيرها عرفت ارتفاعا في تكلفتها فهل هي منطلق لخروج التحكم في الأسعار عن السيطرة.؟
منذ يومين أعلن البنك المركزي الترفيع في نسب الفائدة المديرية بـ 0.75 % لمزيد الضغط على الاسعار من خلال الضغط على الطلب لكن عندما تصبح كل السلع في منحى تصاعدي فأي المنتوجات يمكن للتونسي التنازل عنها ؟ كما أن تكلفة القروض الاستثمارية سترتفع وهو ما سينعكس على الأسعار . فيبدو أن الضغط على الأسعار يستوجب العديد من الإجراءات الأخرى التي تكون لها نتائج فورية.

التنقل أصبح بكلفة عالية بعد الترفيع المتكرر لأربع مرات هذا العام والتعديل الخامس قاب قوسين أو أدنى، منتوجات غذائية في ارتفاع صاروخي لتكلفتها وسط توقعات بمزيد من الانفلات في أثمانها. خاصة أمام عدم انسجام الخطاب الحكومي فعلى سبيل المثال كان لتصريح وزير الفلاحة والصيد البحري في نشرة رئيسية للأنباء أن مراجعة مرتقبة لأسعار البيض و الدواجن والحليب أثر في الأسعار في صبيحة اليوم الموالي رغم إعلان الحكومة في نقطة إعلامية أنه لا وجود لأي مراجعة حاليا.
كما ارتفعت أسعار مواد البناء تاثرا بالظرف العالمي وارتفاع أسعار المحروقات مما يزيد أعباء إضافية على كاهل التونسي قد تتبخر معها آماله في بناء منزل.

ومع هذا كله قد لا يستطيع التونسي الاقتراض نظرا لارتفاع نسبة الفائدة على الرغم من استحالة هذا الامر ففي بحث ميداني قام به المعهد الوطني للاستهلاك في ديسمبر 2018 وحسب البحث الذي تم إنجازه على عينة شملت 3015 رب أسرة 27 % من العائلات التونسية مايعادل 757 ألف أسرة تعتقد أن التداين أو الاقتراض ضرورة يفرضها ضعف القدرة الشرائية و 20 % من الأسر المتداينة تستخدم آلية الدين لتسديد ديون أخرى وبالتالي الدخول في دوامة متواصلة من التداين.
الإشكال الذي قد يظهر في مثل هذه الحالات هو الالتجاء الى الاقتراض الموازي وهو ما يهدد بالدخول في دوامة اخرى وهي الاقتراض بتكلفة باهظة وصعوبات التسديد وما يمكن ان ينجر عنه.
نحن اليوم امام صورة قاتمة لمصير عدد لا يستهان به من التونسيين وهو التحدي الاكبر امام الحكومة حتى لا تصطدم بحائط الاضطرابات الاجتماعية التي حذرت منها كل المؤسسات الدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115