إلا انه لا يمكن نفي ارتفاع الكلفة الجملية لكل السلع الاستهلاكية بمختلف استعمالاتها وهو ما زاد من قوة الضغط على جيب المستهلك وتعد السنة الجارية الأكثر تسارعا للأسعار فالزيادات لم تقتصر على عدد معين من المنتوجات بل غطت كل السلع.
تبدو السنة الحالية الأعلى ثمنا من بين كل السنوات فلم يعد من المفاجئ أن ينسحب ارتفاع الأسعار على أي منتوج وسلعة استهلاكية مهما كان استعمالها ، محروقات ، غذاء ، نقل، مشروبات ، خدمات، سكن و غيرها عرفت ارتفاعا في تكلفتها فهل هي منطلق لخروج التحكم في الأسعار عن السيطرة.؟
منذ يومين أعلن البنك المركزي الترفيع في نسب الفائدة المديرية بـ 0.75 % لمزيد الضغط على الاسعار من خلال الضغط على الطلب لكن عندما تصبح كل السلع في منحى تصاعدي فأي المنتوجات يمكن للتونسي التنازل عنها ؟ كما أن تكلفة القروض الاستثمارية سترتفع وهو ما سينعكس على الأسعار . فيبدو أن الضغط على الأسعار يستوجب العديد من الإجراءات الأخرى التي تكون لها نتائج فورية.
التنقل أصبح بكلفة عالية بعد الترفيع المتكرر لأربع مرات هذا العام والتعديل الخامس قاب قوسين أو أدنى، منتوجات غذائية في ارتفاع صاروخي لتكلفتها وسط توقعات بمزيد من الانفلات في أثمانها. خاصة أمام عدم انسجام الخطاب الحكومي فعلى سبيل المثال كان لتصريح وزير الفلاحة والصيد البحري في نشرة رئيسية للأنباء أن مراجعة مرتقبة لأسعار البيض و الدواجن والحليب أثر في الأسعار في صبيحة اليوم الموالي رغم إعلان الحكومة في نقطة إعلامية أنه لا وجود لأي مراجعة حاليا.
كما ارتفعت أسعار مواد البناء تاثرا بالظرف العالمي وارتفاع أسعار المحروقات مما يزيد أعباء إضافية على كاهل التونسي قد تتبخر معها آماله في بناء منزل.
ومع هذا كله قد لا يستطيع التونسي الاقتراض نظرا لارتفاع نسبة الفائدة على الرغم من استحالة هذا الامر ففي بحث ميداني قام به المعهد الوطني للاستهلاك في ديسمبر 2018 وحسب البحث الذي تم إنجازه على عينة شملت 3015 رب أسرة 27 % من العائلات التونسية مايعادل 757 ألف أسرة تعتقد أن التداين أو الاقتراض ضرورة يفرضها ضعف القدرة الشرائية و 20 % من الأسر المتداينة تستخدم آلية الدين لتسديد ديون أخرى وبالتالي الدخول في دوامة متواصلة من التداين.
الإشكال الذي قد يظهر في مثل هذه الحالات هو الالتجاء الى الاقتراض الموازي وهو ما يهدد بالدخول في دوامة اخرى وهي الاقتراض بتكلفة باهظة وصعوبات التسديد وما يمكن ان ينجر عنه.
نحن اليوم امام صورة قاتمة لمصير عدد لا يستهان به من التونسيين وهو التحدي الاكبر امام الحكومة حتى لا تصطدم بحائط الاضطرابات الاجتماعية التي حذرت منها كل المؤسسات الدولية.