في « ظل تواصل الأزمة العالمية الحالية وما تشهده أسواق الطاقة من اضطرابات ومخاطر تتعلق بتقلص الإمدادات وارتفاع كلفة المواد البترولية، وسعيا لتأمين تزويد السوق المحلية بصفة منتظمة» وفقا لنص البلاغ.
لئن كانت الزيادة الثالثة منتظرة خلال الشهر الحالي،فإن نسبة الزيادة هي التي تعد بالمفاجئة ذلك أن قانون المالية لسنة 2022 قد نص على تعديل بالزيادة أوالنقصان في حدود 3 % في الوقت الذي تم إجراء زيادة بنسبة 5 % ،ويذكر نص قانون المالية كالآتي «تفعيل التعديل الآلي للأسعار بالنسبة للمواد البترولية (بنزين، غازوال عادي، غازوال 50 بنسبة 3 % عوضا عن 5 %معتمدة سنة 2021 ،مع الإشارة أنه سيتم مراعاة الفئات الهشة من خلال عدم إقرار زيادة في قوارير الغاز المسال) .وتأتي الزيادة الثالثة بقيم تتراوح بين 85 و240 مليم في اللتر الواحد أي بصعود بنسبة 5 % مقابل زيادتان سابقتان بنسب في حدود 3 % .
وكانت تقديرات الخبراء قد أكدت في وقت سابق أن تعديل بنسبة 3 % لن تكون كافية أمام التطور اللافت في أسعار المحروقات في السوق العالمية وهو ما يمكن أن يخلق ضغطا جديدا على المالية العمومية التي تعاني أسوا أزماتها ،وهو ما يدفع الحكومة تبعا لذلك إلى إجراء تعديلا جديدا في آلية التعديل بما يسمح لها بمزيد من الموارد المالية لا سيما أن الاتجاه التصاعدي للأسعار لا يزال متواصلا فضلا عن على الهدف من إجراء التعديل هو التقليص في قيمة الدعم الذي قدرته الحكومة بـ2891 مليون دينار.
وقد أكد مصدر مطلع ل «المغرب» أنه بالإمكان الصعود بنسبة التعديل إلى 5 % بالنظر إلى الأسعار في السوق العالمية التي نمت بنسبة 70 % مقارنة بالسنة المنقضية مشيرا إلى أن معدل التعديل العالمي الذي تم إجرائه في حدود 7 % وقد بلغ معدل الأسعار في السوق العالمية في 87 دولار للبرميل في جانفي و98 دولار في فيفري و119 دولار خلال شهر مارس وكمعدل للثلاثية ومعدل ب101 دولار للبرميل وهو مايعني زيادة بنحو 40 % مقارنة بين فرضية قانون المالية.
وتفسر الجهات الحكومية الزيادة بأن الحفاظ على انتظامية التزويد والحد من الضغوطات الموظفة على التوازنات المالية يشترط الترفيع في الأسعار وكان قانون المالية قد قدر حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز في سنة 2022بحوالي 5.1 مليار دينار تم ضبطها على أساس المعطيات والفرضيات على معدل سعر النفط عند 75 دولار للبرميل من نوع ”البرنت «ومعدل سعر صرف الدولار 2.920 دينار للدولار ،غير أن للواقع أحكامه،حيث يتزامن ارتفاع أسعار في المحروقات في السوق العالمية مع هبوط في قيمة الدينار مقارنة بالدولار ،فإلى جانب تجاوز السوق العالمية لفرضية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2020والتي أكدت أن الزيادة بـ 1 دولار في سعر البرميل تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بـ 137 مليون دينار ،فإن لسعر الصرف أثر أيضا ،حيث أن الزيادة بـ 10 مليمات في سعر صرف الدولار تؤدي إلى زيادة بـ 40م د في النفقات المذكورة.
وتقدر نفقات الدعم في 2022 بقيمة 7262 مليون دينار منها 2891 مليون دينار مخصصة لدعم المواد البترولية وقد تمت برمجة ماقيمته 1043 مليون دينار كمردود لتعديل أسعار المواد البترولية ، وسيكون لصعود الأسعار المسجل تبعات مالية على ميزانية الدعم .
يبدو أن الظروف جلها مواتية لخنق المالية العمومية وإفراغ جيب المواطن ،فإلى جانب التقليص في ميزانية الدعم و إقرار زيادات في أسعار المحروقات ،فإن الخوف كل الخوف من فتيل ارتفاع هذه المواد على مسار السلع والمنتجات الأخرى والخدمات لا سيما وأن التضخم كان قد سجلا خلال الشهر المنقضي مستوى لم يشهده منذ ماي 2019 ببلوغه 7.2 % ،هذاوتمثل مجموعة النقل وزنا مهما ضمن مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، حيث تحتل المجموعة المرتبة الثالثة بعد مجموعتي التغذية والمشروبات والسكن والطاقة المنزلية وتضم مجموعة النقل حسب تصنيف المعهد الوطني للإحصاء ،السيارات ومصاريف إستعمال السيارات وخدمات النقل العمومي والخاص ،حيث ستساهم الزيادة في أسعار المحروقات في إرتفاع مؤشر أسعار مجموعة النقل التي ستغذي بدورها نسبة التضخم وتباعا مزيدا من تدهور في المقدرة الشرائية ،فهل أخذ التفكير في تأمين تزويد السوق والحفاظ على التوازنات المالية بعين الاعتبار محاربة التضخم والانفلات التي تعاني منه الاسعار...