إما تشديد السياسة النقدية ورفع نسبة الفائدة -وهو الخيار الذي ذهبت إليه عديد البنوك المركزية وأكبرها- أو انتظار العودة إلى مسار التضخم العادي وهنا يوجد خطر انفلاته.
سجلت معدلات التضخم في اغلب الاقتصاديات العالمية ارتفاعا غير مسبوق مدفوعا بعودة النشاط الاقتصادي وارتفاع الطلب والاستهلاك وارتفعت أسعار المواد الأولية والأساسية. معدل التضخم الذي بلغ في الولايات المتحدة الأمريكية مستويات لم يسجلها منذ 40 سنة دفع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي إلى التّرفيع في نسبة الفائدة بمقدار 25 نقطة ومازالت فرضيات التّرفيع ممكنة في قادم الأشهر.
وفي موجة التّرفيع في نسب الفائدة في العالم عبر مجلس إدارة البنك المركزي عن انشغاله الشديد «إزاء المخاطر التصاعدية التي تحيط بآفاق تطور التضخم، مؤكدا على ضرورة الانطلاق، في أفضل الآجال، في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة التي من شأنها أن تسهم في تصحيح المالية العمومية واستعادة نمو سليم ومستدام وإدماجي».
المخاطر التصاعدية للتضخم ستظهر نتائجها على أقصى تقدير في نتائج هر افريل فارتفاع الواردات في هذه المرحلة لا يعكس بالأساس الانتعاش الاقتصادي بقدر ما هو توجه الشركات إلى تكوين مخزونات توقيا من ارتفاع الأسعار جراء الظرف العالمي المتوتر. والأسعار العالمية الحالية وفي الفترة القريبة الماضية تتسم بمستويات عالية جدا لهذا فان ارتفاع التضخم حتمي في هذا الظرف.
وارتفع التضخم في شهر جانفي بنسبة 6.7 %. وانتهت سنة 2021 على معدل تضخم سنوي بنسبة 5.7 % في تونس ويتوقع البنك المركزي أن تبلغ نسبة التضخم لكامل السنة الحالية نسبة 6.8 %. ويبقى الترقب سيد الموقف في هذا الظرف مع تعدد الفرضيات والاحتمالات.
فالبنوك المركزية في العالم والتي كانت قد خفضت نسب الفائدة خلال جائحة كرونا بهدف تشجيع الاستهلاك وتمكين الشركات من الاستمرار بالعمل والحفاظ على الوظائف. عادت إلى التّرفيع منذ مارس الجاري على الرغم من الانتعاش الاقتصادي البطيئ والذي يفرض الإبقاء على السياسة النقدية السابقة وهو ما كان خيار بنوك مركزية أخرى.