تزداد المخاوف على الدول النامية من إستمرار الغزو الذي تشنه روسيا على أوكرانيا، حيث تدخل الحرب أسبوعها الخامس مخلفة بذلك موجة من صعود في أسعار السلع الأساسية وهو ما تسبب في صدمة اقتصادية جديدة في عدد واسع من الدول التي لاتزال بدورها تعاني آثار الجائحة .
أكد تقرير صدر أول أمس عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل «عاملا رئيسيا مساهما» في الانخفاض الكبير المحتمل في النمو الاقتصادي العالمي، المتوقع هذا العام، بنسبة 1 % وتشير توقعات الأونكتاد إلى نمو في حدود 2.6 % فيما تشير أخر توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى نمو متوقع للاقتصاد العالمي في حدود 4.4 %.
وقد أكدت الأمينة العامة ريبيكا غرينسبان أن آفاق الاقتصاد العالمي تزداد سوءا بشكل سريع داعية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى إتخاذ تدابير طارئة أي تفعيل أدوات التمويل السريع التي يمكن أن يوفرها صندوق النقد الدولي لمساعدة البلدان التي تواجه مسائل تلوح في الأفق في ميزان المدفوعات.
وفي مايتعلق بالبلدان النامية ،فإن إرتفاع معدلات التضخم وثقل عبء ديون الدول النامية التي تبلغ تريليون دولار، وجهت الوكالة الأممية انتقادات للتدابير المالية غير الكافية التي تم اتخاذها بالفعل لمساعدة الدول النامية على مواجهة عدم استقرار سعر الصرف، وإرتفاع أسعار الفائدة، وإرتفاع أسعار الغذاء والوقود.وأشارت المنظمة إلى أن هناك حاجة ملحة للإصلاح المالي متعدد الأطراف، بغرض تحسين السيولة المالية للبلدان النامية.
وبشأن القارة الإفريقية، فقد ذكر التقرير أن توقعات النمو للسنة الحالية ككل ستكون أقل من التقديرات التي تم إجراؤها في وقت سابق من العام. وبين التقرير أن معظم الاقتصاديات الأفريقية إما تعتمد على الغذاء أو تواجه اختناقات في العرض ، مشيرا إلى أن حدوث صدمة السلع العالمية ستعني ضمنيًا «صدمة سلبية نسبيًا للمنطقة ككل ، لا سيما من خلال أسعار المواد الغذائية والاستهلاك المحلي»ولايخفي الأونكتاد مخاوفه بشأن أن يؤدي مزيج من ضعف الطلب العالمي وارتفاع مستويات الديون بسبب الوباء إلى حدوث «موجة من الصدمات المالية» ومن المرجح أن تدفع هذه الصدمات بعض البلدان النامية إلى «دوامة من الهلاك والركود الاقتصادي».
وقد قالت الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا غرينسبان أن البلدان النامية تتحمل العبء الأكبر بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والطاقة والأسمدة،وكذلك بسبب العبء المالي الذي تعيشه البلدان النامية بالفعل» كما أن عدة دول نامية تواجه صعوبة في تحقيق تعاف اقتصادي ديناميكي من الركود المرتبط بكوفيد- 19 وهي تواجه الآن تداعيات كبيرة جراء الحرب،أضافت سواء أدى ذلك إلى اضطرابات أم لا،فإن قلقا اجتماعيا عميقا بصدد الانتشار.
ووفقاً للأونكتاد ، فإن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود سيكون له تأثير فوري على أكثر الفئات ضعفاً في البلدان النامية ، «حيث سيجلب الجوع والمعاناة للأسر التي تنفق معظم دخلها على الغذاء». وذكر التقرير أن «ارتفاع الأسعار يهدد سبل العيش ويقلص الاستثمار ويزيد شبح اتساع العجز التجاري».
ومن المتوقع أن تحتاج البلدان النامية إلى 310 مليار دولار لخدمة الدين العام الخارجي في عام 2022، أي ما يعادل 9.2 % من الدين العام الخارجي المستحق بنهاية عام 2020، وفقًا للأونكتاد، ومن بين هذه البلدان «المعرضة للخطر» باكستان ومنغوليا ومصر وأنغولا وتواجه العديد من البلدان النامية الآن رياحا معاكسة قوية من الحرب.
ودعا المصدر في توصياته إلى زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة لتكملة الاحتياطيات الرسمية وتوفير السيولة في الوقت المناسب لتلافي عمليات التكيف الانكماشية الشديدة.ويتعلق الأمر أيضًا بتعزيز السياسات القطاعية، بما في ذلك ضبط الأسعار والإعانات ،لمعالجة ضغوط جانب العرض والارتفاع على التضخم ، كما يوصي الأونكتاد بتقديم دعم مالي متعدد الأطراف أكبر وبأقل شروط للبلدان النامية لتمكينها من تحمل الصدمات المالية والاقتصادية وزيادة الاستثمارات لدعم النمو الاقتصادي.