والتي تشكّل الدول التي تم تصنيفها «غير صديقة» وهي أكثر من 70 % من الجهات المستوردة للطاقة الروسية من حيث الإيرادات.
في اول رد فعل للأسواق المالية بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي على العقوبات الغربية بعد حربها على أوكرانيا إقبال على شراء العملة الروسية مما نتج عنه في وقت قصير اثر الإعلان عن ارتفاع قيمة الروبل مقابل الدولار فبعد أن تراجع الروبل إمام الدولار واليورو في الأيام الأولى للحرب وارتفع إلى أكثر من 140 روبل مقابل الدولار يوم 8 مارس وهو أعلى معدل في أيام الحرب ليتقلص يوم أمس الى 96 روبل مقابل الدولار تأثرا بالقرار الروسي.
وفي بيانات البنك المركزي الروسي فقد بلغت قيمة العملة الروسية مقابل الدولار واليورو على التوالي 103 روبل و 113 روبل. ومن التداعيات الأولى للقرار كان عودة سعر البرميل في الأسواق العالمية إلى أكثر من 120 دولار للبرميل. و تصل احتياطيات النفط في روسيا ل 30 عاما على الأقل، أما احتياطيات الغاز فتكفي لمدة 50 عاما.
ولئن كانت الخطوة التي اتخذها الرئيس الروسي اول أمس أكثر قوة إلا أنها لا تعد الأولى فالمحاولات تعود الى سنوات سابقة ففي منتصف العام الفارط دعت روسيا للتخلص من احتياطيات الدولار في محاولة للتقليل من هيمنة الدولار الأمريكي على تعاملاتها، وقبل ذلك صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوسائل الإعلام الصينية، قائلا إن روسيا والصين مضطرتان للتطور بعيداً عن الولايات المتحدة والتحول إلى نظام مدفوعات بعملاتهما الوطنية وعملات دولية أخرى بديلة للدولار الأميركي.
من الخطوات الأخرى أعلن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أنه نتيجة لذلك، ستدفع موسكو للدائنين من «الدول غير الصديقة» بالروبل حتى يتم رفع العقوبات. وهو ما خلق هناك خطر من أن تتخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية بالكامل، وتقدر ديون روسيا بـ 38.5 مليار دولار مقومة بالدولار واليورو. وأعلنت روسيا أنها قادرة على تسديد ديونها لولا تجميد حساباتها في الخارج.
من جهة أخرى أعلنت السعودية أنها تدرس إمكانية قبول اليوان الصيني بدلا من الدولار في مبيعات النفط للصين. ومن المنتظر أن يقوم الرئيس الصيني بزيارة إلى المملكة في ماي المقبل بعد قبوله الدعوة السعودية. ويرى عديد المحللون ان الازمة تعد حافز جديد لليوان الصيني لرفع سلم احتياطي العملة.
ورغم الحياد الذي أبدته الصين إزاء الحرب الروسية الأوكرانية إلا أن تغير محتمل في المدفوعات بعملتها الوطنية يدفع الى مساندة غير مباشرة لروسيا. وفي اكتوبر 2016 أضاف صندوق النقد الدولي اليوان الصيني إلى سلة العملات التي تتألف منها حقوق السحب الخاصة بالإضافة إلى الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني. وكان ت بداية التعامل بالعملة الاروبية اليورو ثم إضافة اليوان الصيني الى سلة العملات قد بدا يخلق نوع من التوازن وإنهاء الهيمنة الكلية للدولار.
فلئن مازال الحديث عن تغير في ملامح أي تغيير عالمي سابق لأوانه إلا أن تحول ما بقطع النظر عن حدته حاصل لا محالة.
وفي ماي 2020 نشر صندوق النقد الدولي تقريرا تحدث فيه عن تراجع نصيب الاحتياطيات الدولارية لدى البنوك المركزية إلى 59 % - وهو أدنى مستوى على مدار 25 عاما. وأضاف أن البعض يتوقع أن يستمر انخفاض نصيب الدولار الأمريكي من الاحتياطيات العالمية مع سعي البنوك المركزية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى مزيد من التنويع في تكوين احتياطي العملات لديها. وهناك بضعة بلدان، مثل روسيا، أعلنت بالفعل عن نيتها القيام بذلك.
ترجيح الـ«يوان» الصيني كملاذ آمن لروسيا ودول أخرى:
هل يتم احياء اتفاق التبادل بالـ«يوان» الصيني والدينار التونسي ؟
تساهم روسيا في العجز التجاري الجملي لتونس بنحو 1.4 مليار دينار، وتورد تونس من روسيا نحو 45 منتوج أبرزها المواد البترولية والمواد الأولية ونصف المصنعة والحبوب والفواكه ومواد التنظيف ومحركات السيارات والملابس والملابس المستعملة، ويبلغ سعر صرف الروبل مقابل الدينار التونسي 0.030 دينار تونسي. وتعد السلع الروسية ذات أسعار تنافسية لهذا هي ملاذ عديد البلدان النامية والصاعدة.
ونظرا إلى الانقسام الذي أبداه العالم إزاء الحرب الروسية الأوكرانية فان اليوان يصبح ملاذا آمنا لروسيا والدول الصديقة لها التي تدعمها سواءا صراحة أو بطريقة غير مباشرة ويحتل اليوان المرتبة الخامسة في تكوين سلة العملات ويحتفظ بها كعملة احتياطية في نحو 75 دولة وكان توسع دور الصين في التجارة العالمية أهم محدد لاحتياطات اليوان وكان البنك المركزي الاوروبي قد أضاف العملة الصينية كعملة احتياطية حين أصبحت الصين اكبر شريك تجاري لأوروبا. وكذلك عديد البلدان الأسيوية والإفريقية. وكل المؤشرات تحيل إلى أن اليوان الصيني سيبرز كعملة احتياطية ذات مكانة كبرى.
وتعد الصين اوّل مساهم في العجز التجاري التونسي بنحو 6.3 مليار دينار وفي 2016 اتفقت تونس مع الصين على مبدأ تبادل عملة اليوان الصيني والدينار التونسي بهدف سداد جانب من العمليات التجارية والمالية بين البلدين إلا انه لم تسجل العملية اي تطور او تقدم وهو ما يعيد طرح هذا الخيار في ظل حرب العملات أن صح التعبير والتوجه إلى عملات آمنة بعيدة عن التأثر بالأزمة الحالية.
وتتاثر عديد الدول بالازمة وتظهر الاثار بسرعة كبيرة وعكس ما حدث في مصر مؤخرا خروج مئات الملايين من الدولارات من أسواق النقد الأجنبي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا مع إقبال المستثمرين على الفرار من الأسواق الناشئة إلى استثمارات أكثر أمانا فانه في تونس لا يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر باعتبار أن خروج العملة من تونس يتطلب ترخيصا من البنك المركزي. لذلك ففي مثل هذه الأزمات لا تشهد تونس تأثرا كبيرا.