من انعكاسات ارتفاع أسعار النفط فوق الـ 100 دولار: زيادة ثانية في أسعار المحروقات وسيناريو تصدير أزمة المالية العمومية إلى جيب المواطن متواصل ...

تزداد وتيرة ارتفاع الأسعار بشكل لافت لتتصاعد معها مخاوف التونسيين نظرا لضعف المقدرة الشرائية وتدهورها الناجم عن تتالي الزيادات في الأسعار لجل المواد

والخدمات التي تغذت بدورها من ارتفاع أسعار المحروقات والتي يبدو أنها ستستمر في شحن موجة الغليان ،حيث أعلنت وزارة الصناعة والمناجم إدخال تعديلات على أسعار المحروقات بقيم تتراوح بين 50 و110 مليم في اللتر الواحد وهي الزيادة الثانية منذ دخول سنة 2022 ،وذلك تطبيقا لآلية التعديل الجزئي لأسعار المحروقات التي تفرض زيادة أو تقليصا بنسبة 3 % تباعا للفارق المسجل بين الفرضية التي بني عليها قانون المالية والأسعار المسجلة في السوق العالمية.

لم تنزل أسعار النفط خلال شهر فيفري المنقضي عن 89 دولار للبرميل وقد تجاوزت 100 دولار مع نهايته ويعتبر هذا الصعود الذي كان متوقعا ،حيث قدرت المؤسسات الدولية أن تتراوح الأسعار بين 73 و100 دولار وفي المقابل وضعت وزارة المالية تقديرات ب75 دولار للبرميل ولئن كانت تبدو واقعية ،فإن التطورات التي تشهدها السوق العالمية من ارتفاع للطلب وعوامل جيوسياسية وتأثير الصراعات في العالم ،قد أجهضت التقديرات الحكومية لتخلق خطرا إضافيا على المالية العمومية ،ذلك أن الزيادة بـ 1 دولار في سعر البرميل تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بـ 137 مليون دينار والزيادة بـ 10 مليمات في سعر صرف الدولار تؤدي إلى زيادة بـ 40مليون دينار في النفقات المذكورة مع العلم أن معدل سعر صرف الدولار للعام الجاري 2.920 دينار للدولار وفقا بتقرير ميزانية 2022.

وقد قاد الارتفاع المسجل في أسعار النفط في السوق العالمية إلى اللجوء إلى آلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات بزيادة في المنتوجات البترولية بنسبة 3% عن السعر المتداول به خلال شهر فيفري و تجدر الإشارة أن الحكومة تتطلع إلى تحصيل 1043 مليون دينار جراء التعديلات المبرمجة والتي وفقا لتقديرات الخبراء لن تكون كافية أمام التطور اللافت في أسعار المحروقات في السوق العالمية وهو ما يمكن أن يخلق ضغطا جديدا على المالية العمومية التي تعاني أسوا أزماتها ،وقد يدفع الحكومة تبعا لذلك إلى إجراء تعديلا جديدا في آلية التعديل بما يسمح لها بمزيد من الموارد المالية لا سيما أن الاتجاه التصاعدي للأسعار لا يزال متواصلا فضلا عن على الهدف من إجراء التعديل هو التقليص في قيمة الدعم الذي قدرته الحكومة بـ2891 مليون دينار.
من ثقل على المالية العمومية إلى وزر

على كاهل المواطن...
لن يقف تأثير إرتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية على المالية العمومية فقط إنما سيطال الارتفاع جيب المواطن فإلى جانب تكفل جيب المواطن بالزيادة في المحروقات على مستوى المضخة وفقا للإلية التي تعتبر ضعيفة مقارنة بالأسعار المسجلة في السوق العالمية ،فإن الزيادة ستكون على مختلف المنتجات والخدمات التي تعتمد على المحروقات خاصة وإنها الزيادة الثانية هذا بالإضافة إلى إعلان منتظر لزيادة في أسعار الكهرباء والغاز،وهو ما سنعكس بشكل خطير على كلفة الإنتاج سواء على مستوى المنتجات أو خدمات النقل .
وتمثل مجموعة النقل وزنا مهما ضمن مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، حيث تحتل المجموعة المرتبة الثالثة بعد مجموعتي التغذية والمشروبات والسكن والطاقة المنزلية وتضم مجموعة النقل حسب تصنيف المعهد الوطني للإحصاء ،السيارات ومصاريف إستعمال السيارات وخدمات النقل العمومي والخاص ،حيث ستساهم الزيادة في أسعار المحروقات في إرتفاع مؤشر أسعار مجموعة النقل التي ستغذي بدورها نسبة التضخم وتباعا مزيدا من تدهور في المقدرة الشرائية ،ذلك أن الزيادة التي سيتحملها القطاع الصناعي أوالخدماتي سيتحملها جيب المواطن في واقع الأمر من خلال دفعه لثمن الخدمة والمواد التي سيستهلكها التي ستطرأ عليها تغييرات تأخذ بعين الاعتبار كلفة الزيادة في المحروقات وبذلك سيكون جيب المواطن المستهدف الأول والأخير من الزيادات التي تستهدف أساسا التخفيف من أزمة المالية العمومية ليقع تصديرها إلى جيب المواطن المتهرئ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115