ان بلغت امس الجمعة نحو 92.16 دولار للبرميل وذلك للعقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، و 91.42 دولار لخام غرب تكساس وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من 7 سنوات، مع ارتفاع الطلب وتراجع المخزون، هذا الارتفاع المتواتر من شانه ان يثير موجة قلق كبيرة وتخوفات ترعب كبرى اقتصاديات العالم وتربك موازين العرض والطلب في سوق النفط العالمي.
أكد اغلب خبراء الدول المنتجة للبترول ان المخزونات الاحتياطية وصلت أدنى مستوى لها في تراجع غير مسبوق وهذا النقص الحاد الذي كان متوقعا بعد الانفراج النسبي لضغط جائحة الكوفيد 19 على الاقتصاد العالمي لن يعزز الثقة بين المتداولين ولن يكون بإمكانه مواجهة وامتصاص اثار الصدمات التي قد تنجر عن ارباك وتعطل الإمدادات النفطية.
الانقطاعات المفاجئة
لئن بدأت المخاوف على المستوى الدولي تتصاعد تدريجيا وتبلغ اشدها مع مطلع سنة 2022 فان التراكمات او الاسباب التي فجرت الوضع ستزداد حدتها تلقائيا خاصة مع تزايد معدل ووتيرة الانقطاعات المفاجئة في إمدادات النفط من ليبيا وكازاخستان والإكوادور كبرى البلدان المنتجة للنفط في العالم، وانخفاض معروضاتها منه، والتي ستتواصل، حسب ما يؤكده المختصون، مما سيضاعف الطلب على بعض الدول المنتجة مثل السعودية والإمارات والعراق ويزيد من مخاوف تعرض إمدادات النفط المتأتية من منطقة الشرق الأوسط لهجمات الميليشيات الحوثية بسبب تصاعد التوتر بين السعودية وإيران.
تساؤلات كبيرة
دون اعتبار انعكاسات التوترات السياسية بين كل من روسيا من جهة والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى بسبب الوضع في شرق أوكرانيا، وبقية التوترات الجيوسياسية التي تزيد المسائل تعقيدا، فان ما اعلنته منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» وحلفاؤها بقيادة روسيا هذا الأسبوع وتنفيذ الزيادة المتفق عليها بحوالي 400 ألف برميل يوميا بداية من شهر مارس المقبل رغم تحسن الاقبال على النفط سيطرح تساؤلات كبيرة لعل ابرزها هل ستكون هذه الدول مع تراجع المخزونات الاحتياطية من النفط في اغلب الدول بفعل اما قلة الانتاج او الصراعات الجيوسياسية المرتبطة بالأساس بروسيا والسعودية والإمارات، والتهديدات المتوقعة قادرة على مجابهة الطلب الذي يزداد يوما بعد يوم؟؟ وماهي الخطط البديلة التي سيلجأ اليها بقية دول العالم الفقيرة التي مازالت تتخبط في ازمات اقتصادية واجتماعية حادة خلفتها الكورونا وسط مخاوف من تداعيات الانكماش وتراجع عمليات خلق الثروة..
ربما سيكون هناك خطط تسفر عنها اشهر اخرى من المفاوضات بين الدول المنتجة والتي تاثرت سلبا سنة 20 20 بفعل جائجة الكورونا التي عززت وفرة الانتاج وضعف الطلب بسبب انقطاع الصناعات المعملية عن الدوران.
انعكاسات الارتفاع
في الواقع يمكن ان نشير الى ان هذا الارتفاع الذي تشهده حاليا اسعار المحروقات على المستوى الدولي والذي من الممكن ان يتجاوز عتبة 100 دولارا للبرميل الواحد توقعها الخبراء والمختصون وأشاروا الى خطورتاها منذ بداية انفراج ازمة الكوفيد 19 علاوة على الآثار غير المتوقعة لمتحور اوميكرون الجديد مع عودة الانتاج العالمي الى التحرك تدريجيا وتعافي محركات الاقتصاد الدولي وما يترتب عنه من ارتفاع كبير للطلب على المحروقات والمواد الاولية. سيكون للارتفاع الكبير لأسعار النفط المتواترة انعكاسا كبيرا على اقتصاديات العالم تونس ليست بمناى عن هذا الانعكاس حيث تستورد ما يفوق 50 % من احتياجاتها النفطية وارتفاع سعر برميل النفط الذي سيتجاوز ال 100 دولار مما سيؤدي مباشرة إلى الترفيع في كلفة استيراد المواد النفطية التي ترتبط اسعارها مباشرة بأسعار النفط العالمية.
وارتفاع الكلفة سيجبر الحكومة على توفير مداخيل إضافية تساهم في توفير الدعم الموجه للمحروقات
هذا على مستوى الدولة أما بالنسبة للمؤسسات فإن هذا الارتفاع سيكون له انعكاس مباشر على مستوى كلفة الإنتاج وبالتالي اسعار بيع مختلف المنتجات مما سيفاقم من نسبة التضخم
وفيما يتعلق بالافراد فبالاضافة إلى ارتفاع اسعار المنتجات سينعكس ذلك على مستوى اسعار المحروقات وبالتالي تدهور القدرة الشرائية
علما وأن الحكومة اعتمدت في ميزانية الدولة لسنة 2022، فرضية سعر برميل النفط بـ 75 دولارا للبرميل الواحد وزيادة سعر البرميل الواحد من النفط بدولار واحد يكلف الدولة 140 مليون دينار سنويا .