بعد حربها مع أمريكا .. الصين تستفز جبهة أوروبا: التجارة العالمية: عندما يتصادم الكبار يترنح الصغار

مازالت أصداء الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية قوية إلى حدّ اليوم ولئن كانت الأزمة الصحية قد عمقت الأزمات الناجمة

عن أثار الحرب التجارية إلا أن الندوب التي لحقت بدول نتيجة الحرب بين الشقين لازالت منكشفة. ومع تصاعد التوتر الجديد بين الاتحاد الاروبي والصين يخيم خطر الآثار التي تنتج عن مثل هذه الخلافات وخاصة تلك التي تعد حلقة ضعيفة في سلسلة التجارة العالمية.
اتهم الاتحاد الاروبي بكين بتعطيل صادراتها احتجاجا على فتح سفارة لتايوان في ليتوانيا وتواجه هذه الأخيرة عقبات تجارية غير رسمية وتخفيض لمستوى العلاقات الدبلوماسية مع الصين.
وقد رفع الاتحاد الاروبي قضية لدى منظمة التجارة العالمية ويتبادل الطرفان تهديدات بفرض عقوبات لكنّ المتعارف عليه أن عملية التحكيم في منظمة التجارة العالمية تُعرف ببطئها ويستغرق الوصول إلى نتائج وقتاً طويلاً. وفتح إجراء أول أمس مهلة مدّتها 60 يوماً أمام الطرفين للتوصل إلى حل قبل انتقال النزاع إلى لجنة متخصصة.
وعلى غرار ما كان قد حصل في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين وارتفاع أسعار المواد الاولية واسعار المستهلكين فقد بلغ يوم امس البرميل سعر الـ90 دولار وهو ما يبدو مؤشر مبدئي لما يمكن أن ينجر عن أي توتر بين طرفين يعتبران من القوى التجارية الفاعلة في العالم.
الاتحاد الاروبي الذي يعد من اكبر القوى التجارية في العالم أصبحت الصين في العام 2020 شريكه التجاري الأول للمرة الأولى، متجاوزة الولايات المتحدة، بفضل الانتعاش السريع لاقتصادها الأقل تأثرا بوباء كوفيد-19 من اقتصاديات الشركاء الغربيين.
وقد أثرت الحرب التجارية الأمريكية الصينية في الطلب الخارجي، والأسعار العالمية للنفط، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وكان صندوق النقد العربي قد قدر الآثار بانخفاض معدل نمو الاقتصاديات العربية بنحو 0.57 و0.30 % على التوالي.
ويعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر للصين فهو يستثمر في الصين ما يقرب من 150 مليار يورو، فيما يصل الاستثمار الصيني في الاتحاد إلى 113 مليار يورو. ولئن تبدو الخطوة التي اتخذها الاتحاد الاروبي بشان الصين مازالت تعطي فرصة للحل الدبلوماسي الا أن كل الفرضيات واردة في ظل عالم يشهد تحولات كل ثانية.
القوى الاقتصادية العالمية التي تبدو اصغر تحركاتها تهديدا لبقية الدول تظل المؤثر الرئيسي اما في الاستقرار او في التحولات.
كيف تؤثر ازمة محتملة بين الصين واروبا في تونس؟
يستقبل الاتحاد الاروبي نحو 70.2 % من الصادرات التونسية فيما تسجل تونس عجزا تجاريا مع الصين بحجم 6.3 مليار دينار وتسجل مع مجموع الاتحاد الاروبي فائضا ب 2 مليار دينار و عجز مع الشرق العربي 1.3 مليار دينار وعجز مع مجموع اسيا بنحو 9 مليار دينار. ولا تتجاوز المبادلات التونسية مع افريقيا من 11 %.
وفرضية التوجه الى عقوبات بين الطرفين ستظهر اثاره في تونس عكس الحرب التجارية الصينية الأمريكية التي كانت أثارها أكثر وضوحا في الدول التي تمثل مبادلاتها التجارية مع أمريكا حصة كبيرة من مجموع تجارتها. من شان تخفيف المبادلات او فرض قيود على المنتجات الصينية داخل السوق الاروبين أمام المنتجات الصينية والعكس صحيح ان يقلص من الصادرات التونسية خصوصا من الصناعات الكهروبائية والميكانيكية. فكل تقلص للاستثمار او النمو لدى الشريك الاروبي تتأثر تونس سلبا ففي السنوات الأخيرة تنتقل الأزمات الى تونس لتنعكس في قطاعات ضرورية للنمو الاقتصادي في تونس.
كيفية المرور بأخف الاضرار من كل التوترات
يعد خيار تنويع الأسواق والصادرات ابرز الخيارات التي لا بديل عنها في ظل تسارع التغيرات العالمية وأثار تحولات العلاقات الدولية ففي دراسة لصندوق النقد العربي حول «التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين: أسبابها وآثارها على الاقتصاديات العربية» يطرح الصندوق الحلول الممكنة لتخفيف الآثار اذ يقول أنه بقدر ما تتركه تلك التوترات من تحديات أمام الدول العربية تتمثل بتباطؤ الاقتصاد العالمي فضلاً عن تباطؤ النمو في الاقتصادين الأمريكي والصيني نفسهما، والتقلبات في الأسواق المالية والسلعية، ما يمكن ان يؤثر على الصادرات العربية، فإنها قد تنطوي على فرص تتمثل في تحول جزءً من التجارة بين البلدين -أمريكا والصين- إلى شركائهما التجاريين ومن بينها الدول العربية، مما يستدعي من الدول العربية إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والتجارية للتعامل الإيجابي مع تلك الآثار.
وتتسم تركيبة الصادرات العربية اجمالا باستحواذ المواد الطاقية على النصيب الاوفر مما يجعلها عرضة إلى تقلبات الأسعار والتوترات العالمية، والبلدان التي تعتمد على تنويع منتجاتها تتوجه اغلبها إلى شريك يستحوذ على حجم كبير منها مما يجعلها أيضا أكثر عرضة لمخاطر أي طارئ على غرار تونس وشريكها الاستراتجي الاتحاد الاروبي. رغم محاولاتها تنويع أسواقها من خلال تحالفات منطقة التجارة العربية الكبرى ومنطقة أغادير مع مصر والمغرب والأردن واتفاقية الكوميسا (السوق المشتركة للشرق والجنوب الافريقي)، ومازال حج التجارة العربية البينية من اضعف النسب العالمية
اما بالنسبة الى المغرب العربي فمازالت الفرص مهدورة وفق تقرير لصندوق النقد الدولي حيـث تبلـغ تجارتها البينية أقـل مـن 5 %مـن التجـارة الكليـة في بلدان المغرب العربي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115