منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: تونس تعتمد على قوة عاملة غير ماهرة والإفراط في التأهيل مما أدى إلى وجود طبقة متعلمة بمهارات ضعيفة

يعد دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دورا مهما وفق ما جاء في تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان تعزيز الاستقلال الذاتي والثقة لدى الشباب في تونس الذي أكد على وجود عدد من التحديات التي يواجهها الشباب في تونس من ادماجهم في سوق العمل الى الاقصاء والمخاطر الصحية وغيرها والتي أصبحت مرتفعة في الاعوام القليلة الماضية.
وفق آخر تعداد للسكان يمثل الشباب أي من تقل أعمارهم عن 30 سنة 48 % من السكان و24.5 % ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و29 عاما. وبحلول العام 2041 من المنتظر أن يبلغ عدد السكان في تونس ما بين 13.2 و13.9 مليون نسمة وستشهد تونس بالتوازي مع ذلك تراجعا في الشباب بسبب انخفاض معدل الخصوبة. ويستدعي التحول الديمغرافي في تونس إجراء تحليل معمق للطلب الحالي وفي المستقبل على الخدمات العامة لاسيما في التعليم والصحة والاندماج. ولهذا فان المطلوب صياغة سياسات عامة أكثر ابتكارا وتلبي احتياجات الشباب ومستقبل المنطقة في العقود القادمة وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ويواجه الشباب التونسي تحديات كبيرة من عقبات امام المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد والمشاركة في الحياة العامة وتشمل الصعوبات التكوين المهني والتدريب وتكيفه مع احتياجات سوق العمل الحالية وهو ما أدى الى اعتماد اكبر على الأجيال اكبر سنا.
ولفت التقرير إلى انه على الرغم مما بذلته تونس لتعميم التعليم ومجانيته والتّرفيع في نسب المتعلمين إلا أن النظام المدرسي التونسي يتسم بضعف كفاءة الطلاب وفق تدريب قامت به منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2015. إذ احتلت تونس المركز 65 من بين 70 دولة ، كما انه وبعد انخفاض نسبة الأمية منذ الاستقلال إلا أنها عاودت الارتفاع في 2018. وقال التقرير أن المحاولات الأخيرة لإصلاح التعليم في تونس توصف بأنها فاشلة من قبل الطلاب. كما توجد انتقادات كبيرة لنظام التعليم والاستعداد للحياة العملية واحتياجات السوق كما فقد التونسي الثقة في المدارس الحكومية وضمانها للاندماج ىالاجتماعي حيث ارتفع عدد المتلحقين بالمدارس الخاصة من 0.6 % في 1994 من اجمالي عدد التلاميذ الى 6.5 % في 2017.
ويعد تشغيل الشباب تحد للسلطات في تونس ويعد معدل بطالة الشباب في تونس الاعلى في منطقة المغرب العربي
واشار التقرير ان افراط تونس في تاهيل سكانها ادى الى تكوينهم بمهارات ضعيفة لا تتلاءم مع احتياجات سوق الشغل. واجمالا يقول التقرير ان تونس تعتمد على قوة عاملة غير ماهرة ويتخرج سنويا نحو 50 الف شاب من التعليم العالي ويساهمون في بطالة اصحاب الشهائد العليا. بالمقابل تشهد القطاعات التي لا تحتاج الى شهادة جامعية على غرار صناعة النسيج والحرف والبناء لديها اليوم عديد الوظائف الشاغرة.
بالاضافة الى كل هذه المميزات فان عدد كبير من الشباب التونسي ليسوا متعلمين او مشتغلين او متدربين وتبلغ نسبتهم 25.4 % في 2014. وارتفع المعدل في الخمس سنوات لتبلغ النسبة في 2019 معدل 27.4 %. ولمواجهة نقص الفرص يتجه الشباب الى الاقتصاد غير الرسمي. وعلى الرغم من عدم وجود تقيييم لمعدل العمل غير المنظم الا ان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدرها بمعدل يتراوح بين 30 و50 %.
ويشتغل نحو 84 % من الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و19 عاما في سوق العمل غير المنظم. و42 % لمن تتراوح اعمارهم بين 20 و24 %.
وعلى الرغم من عديد اليات تشغيل الا ان الشباب التونسي يفكر في الهجرة ووفق دراسة اجراها المعهد الوطني للاحصاء يمثل الشباب نسبة 73.7 % من المهاجرين التونسيين وغالبيتهم يبررون هجرتهم لانعدام فرص العمل في تونس. ووفق مسح الشباب العربي الذي اجري في 2020 فان 52 % من الشباب التونسي يرغب في الهجرة واكثر من نصفهم ممن تلقوا تعليم عالي. وتواجه فئة الشباب الشعور بالاقصاء بالاضافة الى مخاطر صحية.
وساهمت ازمة كوفيد 19 في تفاقم المشاكل التي يعيشها الشباب التونسي ومن أجل تجنب تفاقم عدم المساواة بين الأجيال في نهاية الأزمة ، من الضروري إشراك الشباب في بناء قدرة المجتمع على الصمود من خلال إدارة أكثر ملاءمة لاحتياجاتهم.