بعد مرور سنة على تداعيات جائحة كوفيد- 19: مؤسسات تختنق وسط ضبابية إجراءات المساندة

مرت على البلاد سنة سيئة بامتياز كانت كل مؤشراتها سالبة ومحبطة بسبب جائحة كوفيد 19 التي كلفت

تداعياتها الدولة خسائر فاقت 8 مليارات دينار في أزمة اقتصادية خانقة وديون مثقلة غذتها التجاذبات السياسية والعروض البهلوانية في صراعات الكراسي. سنة بتمامها اتت عاصفتها على مفاصل الاقتصاد ورئته التي تمنحه الحياة فعرفت انكماشا اقتصاديا وتراجعت كل مؤشراتها.
انهكت الجائحة اغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة وضربتها في مقتل عمقته الاجراءات الاستثنائية العشوائية التي اتخذتها الحكومة دون فهم لحقيقة الاشياء ودون سياسات تنفيذ ناجحة وبدل ان تساعدها على التنفس والخروج من ازمتها زادت في اختناقها . فكيف كان ذلك وماهي الصعوبات التي واجهتها اغلب المؤسسات مع البنوك؟
تداعيات سلبية
سرحت اغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة المتضررة اعوانها وموظفيها في كل القطاعات وابرزها السياحية من إقامات ونزل وخدمات التنشيط والمحلات التجارية والنقل وغيرها من الخدمات المتصلة، اكثر من 165 الف موطن شغل تمت خسارته منذ الإعلان عن اول حالة إصابة بفيروس كورونا يوم 2 مارس 2020 بعد ان عجز اصحابها عن دفع الاجور وبقي البعض الاخر يقاوم على امل ان تفك هذه الازمة وتسير نحو الاستقرار، وعلى امل ان تتدخل الحكومة جديا بقرارات تساعدها على المقاومة الى ان يحين الانفراج .
وبعد الإعلان عن الحجر الصحي الشامل اتخذت الحكومة بداية من شهر افريل 2020 جملة من الإجراءات الاستثنائية المساندة والتي بلغت كلفتها الجملية نحو 2500 مليون دينار تهدف لحماية الأفراد والمؤسسات من أجل التخفيف من التأثيرات السلبية لتفشي الوباء، غير انها لم تكن كافية لحل ازمة المؤسسات وإخراجها من ازمتها.
تمثلت الاجراءات الموجهة للمؤسسات المتضررة والتي اتخذتها حكومة الفخفاخ في تلك الفترة في تأجيل دفع الأداءات لمدة 3 أشهر وتأجيل دفع المساهمة في الضمان الاجتماعي لمدة ثلاثة اشهر وتأجيل خلاص أقساط الديون البنكية والمؤسسات المالية لمدة 6 أشهرمع جدولة الديون الجبائية والديوانية لمدة 7 سنوات بالاضافة الى وضع خط ضمان بقيمة 500 مليون دينار لتمكين المؤسسات من قروض جديدة للتصرف والأشغال والتمكين من استرجاع فائض الأداء على القيمة المضافة في أجل أقصاه شهر.
شروط معقدة
كل هذه الاجراءات في ظاهرها استهدفت حماية مواطن الشغل ودعم المؤسسات من أجل الخروج من الأزمة، الا انها في الحقيقة وبعد مرور سنة لم تحقق اكتفاء ولا نجحت المؤسسات في التمتع بها وكانت شروطها معقدة اصعب من الحصول عليها فزادت في تعميق ازمة المؤسسات خاصة مع البنوك التي لم تكن اغلبها مقتنعة بالاجراءات و لم تستفد من تدخلاتها الا اعداد قليلة جدا من المؤسسات حيث لم تقبل اغلب البنوك الشروط التي تم وضعها والتي تتعلق اساسا بالقروض التي تم ضمانها من قبل الدولة بشرط ان لا تتجاوز نسبة الفائدة عليها نسبة الفائدة المديرية مع 1.75 % وهو ما رفضته البنوك في اغلب الحالات مبررة رفضها بتعلة ان منح المؤسسات المتضررة ضمن هذه الالية بهذا الهامش ضعيف جدا مقارنة بنسبة المخاطرة لهذه المؤسسات .
وعلاوة على مطالبتها بجذاذة الاهلية طالبت بعض البنوك المؤسسات بإثبات الضرر من جائحة الكوفيد لتمتيعها بتأجيل سداد القروض وهو ما يتنافى مع مقتضيات الامر الحكومى عدد 308 لسنة 2020 دون مشاكل اعادة جدولة الديون الجبائية وما يتعلق بها من مشاكل تطبيقية خاصة في تعامل هياكل وزارة المالية المكلفة بتطبيق هذا الجراء مع المعني بالأداء ومطالبته بوثائق واجراءات إضافية من شانها ان تزيد في اثقال كاهل المؤسسة باعباء جبائية اضافية وتباين واختلاف هذه الاجراءات والمطالب من ادارة الى اخرى. والى اليوم لم يتم نشر أي تقرير او نتيجة لعدد المؤسسات التي استفادت او عن كيفية صرف ما خصص من ميزانية لمساندتها علاوة عن عدم التعامل بجدية مع نتائجها التي عقدت مسارات الاصلاح داخل المؤسسات.
إجراءات جديدة
مرة اخرى تقرر وزارة الاقتصاد والمالية، وحسب بلاغ اصدرته منح الشركات المتضرة من تداعيات جائحة كوفيد- 19، المزيد من التسهيلات في دفع ديونها مراعاة للوضع الاقتصادي الراهن في ظل انتشار الوباء وتأثيره السلبي على سير أنشطتها مشيرة في بلاغها اللى أن الشركات المعنية بهذا الإجراء، هي تلك التي لها جذاذية أهلية على معـنى الأمر الحكومي عدد 308 لسنة 2020 المؤرخ في 8 ماي 2020 والتي تخلدت بذمتها ديون جبائية راجعة للدولة مثقلة بكتابات المحاسبين العموميين خلال سنتي 2019 و2020، والتي لم تبرم بعد رزنامات خلاص في شأنها.
يبدو ان هذا الاجراء حسب ما تحدث عنه بعض الخبراء سيحمل ايضا اشكالا في تطبيقه لاحقا حيث ان هذا الاجراء لا يخص الا الديون المثقلة لسنتي 2019 و 2020 اي تلك موضوع مراجعة جبائية أو اعتراف بدين، و بالتالي فهو لا يخص المؤسسات المتضررة اللتي تخلفت عن ايداع تصاريحها الجبائية لعدم قدرتها على خلاص هذه الاعباء.
و تبقى هذه المؤسسات و تلك المتضررة من الجائحة و التي لا تستجيب لشروط الأمر المذكور في انتظار اجراءات فعالة و سهلة التطبيق و لا تخضع لتأويلات الادارة في تطبيقها أو عفو جبائي كما سبق وأعلن عنه وزير الاقتصاد المالية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115