بعد توصيات صندوق النقد الدولي وتفعيل الحكومة لآلية تعديل الأسعار للمرة الثالثة: مامآل الانعكاسات المرتقبة على المقدرة الشرائية ؟

قالت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أول أمس أنه تطبيقا لآلية التعديل الأوتوماتيكي لأسعار بعض المواد البترولية، وعلى إثر اجتماع

اللجنة الفنية المكلفة بضبط الأسعار لشهر أفريل 2021 تقرر ضبط أسعار البيع للعموم عبر الترفيع في أسعار البنزين الخالي من الرصاص والغازوال العادي والغازوال دون كبريت .
ذكر البلاغ الصادر عن وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أن ابتداء من يوم 20 أفريل الجاري ،فإن أسعار البنزين الخالي سيصبح 2095 مليما /لتر عوضا عن1995 مليما /لتر أما الغازوال العادي فقد بات ثمن اللتر 1605 مليما/لتر عوضا عن 1530 مليما/لتر،كما وقع الترفيع في سعر الغازوال بدون كبريت بـ 85 مليم للتر ليصبح 1805 مليما/لتر عوضا عن 1720 مليما/لتر.
تعتبر هذه الزيادة كإستجابة لصعود أسعار المحروقات في السوق العالمية وتجاوزها لفرضية قانون المالية التي حددت سعر البرميل في حدود 45 دولار غير أن الأسعار قد إتخذت منحى تصاعدي منذ بداية السنة الحالية تجاوز الستين دولار، كان واضحا أن الحكومة ستلجأ إلى مخرج أو إن صح التعبير إلى حيلة إزاء النسق التصاعدي الذي إتخذته أسعار النفط في السوق العالمية والتي تجاوزت التوقعات المرسومة في قانون المالية والمحددة بـ45 دولار للبرميل ،فبعد اعتمادها في 2016 على آلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر بنسبة لا تتعدى 5 %، لجأت وزارة الصناعة السنة المنقضية أمام الانخفاض الصادم في أسعار المحروقات إلى مادون 20 دولار إلى تعديل الآلية من ثلاثة أشهر إلى شهر ومن نسبة تعديل في حدود 5 % نزولا أو صعودا إلى 1.5 % بالترفيع أو بالتخفيض خلال 2020 و2 % بصفة شهرية خلال سنة 2021،غير أن عودة التعافي التدريجي في أسعار المحروقات في السوق العالمية مع إعتماد فرضية بعيدة عن السعر العالمي مع التخفيض في ميزانية الدعم المخصصة للمحروقات قامت وزارة الصناعة بتغيير سقف التعديل مرة أخرى حيث أعلنت مطلع الشهر الحالي عن إدخال تعديل في سقف التعديل الشهر من 2 % إلى 5 %.
يبدو أن آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات أصبحت أداة تطوعها الحكومة تبعا لمستجدات السوق العالمية لأسعار المحروقات من جهة ومعاناة المالية العمومية من جهة ثانية ،فالتغيير الذي ادخل في السنة المنقضية كان يستهدف زيادة أو تخفيض بنسبة لا تتعدى 2 % شهريا خلال 2021 غير أن الترفيع أصبح مع التغيير خلال السنة الحالية بنسبة 5 % شهريا وهي النسبة ذاتها التي كانت تحتسب في 2016 حيث كان التعديل يتم على مدى ثلاثة أشهر وللتذكير ،فإنه منذ اعتماد آلية التعديل الآلي في جويلية 2016 المبني على تعديل كل ثلاثة أشهر تم التخفيض في أسعار المحروقات مرة واحدة فقط حسب بيانات وزارة الطاقة وكانت بتاريخ 16 جويلية 2016 وكانت قيمة التخفيض تتراوح بين 30 و60 مليم في اللتر الواحد وبإستثناء إجراء هذا التخفيض فإنه لم يقع أي تخفيض ،مقابل 6 زيادات تتراوح بين 50 مليم و100 مليم في اللتر الواحد .
أما عن الآلية التي تم إعتمادها السنة المنقضية ، فقد أسهمت منذ افريل و ديسمبر 2020 في تخفيض أسعار الغازوال العادي بنسبة 6 % والغازوال دون كبريت بنسبة 10 % والبنزين الخالي من الرصاص بنسبة 7 %.
أما السنة الحالية ،فقد سجلت الأسعار استقرارا خلال شهر جانفي ،ثم إجراء ترفيع خلال شهر فيفري وشهر مارس وقد قامت وزارة الصناعة بإدخال تعديل على قيمة التعديل الشهري لسعر البيع العموم للمواد البترولية إلى 5 % من سعر البيع الجاري به العمل به منذ آخر تعديل وذلك بالترفيع أو بالتخفيض وهو ما وقع أول أمس بإعلان وزارة الطاقة عن الترفيع في أسعار المحروقات ،حيث زادت الأسعار في السوق المحلية لمجاراة الأسعار في السوق المحلية مع العلم ان معدل سعر النفط خلال شهر مارس كان في حدود 62 دولار.
وكانت وزارة المالية الى جانب تقديرها لسعر منخفض في سعر المحروقات على الرغم من ان جميع المؤشرات كانت تذهب إلى ارتفاع أسعار خلال السنة الحالية ،فقد قامت بالتخفيض في ميزانية دعم المحروقات بشكل لافت من 1,479 مليون دينار في 2020، إلى 401 مليون دينار سنة 2021 وذلك في إطار توجه الدولة الى مراجعة سياسة دعم المحروقات الذي يعتبر من المطالب الأساسية او من الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي للدخول في برامج إقراض جديدة و للتذكير ، فقد قال صندوق النقد الدولي في تقرير مطلع شهر مارس المنقضي إثر اختتام المجلس التنفيذي لمشاورات المادة الرابعة لعام 2021 مع تونس أنه من الضروري إصلاح آلية التعديل لأصناف الوقود الثلاثة عن طريق السماح للأسعار في المضخة بالتحرك بشكل وثيق مع أسعار الاستيراد وتوسيع نطاق تعديلات أسعار الشهرية و في السياق الإصلاح للشركة التونسية للكهرباء والغاز دعا السلطات التونسية إلى النظر في إجراء زيادة في تعريفة الكهرباء والغاز مع الحفاظ على التعريفات الاجتماعية للأسر الفقيرة.
وبعيدا عن توصيات النقد الدولي ،فإن لجوء الحكومة لسد عجز المالية العمومية عبر إثقال كاهل المواطن سيكون له تداعيات وخيمة على المقدرة الشرائية التي زاد ثقلها خلال الاشهر الاخيرة بزيادات طالت مختلف المواد الأساسية ومن المرجح ان تغذي الزيادة الأخيرة في سعر المحروقات أسعار المنتجات سواء غذاء او خدمات نقل وهو ما سيفتح الباب امام المطلبية لعدة قطاعات التي تعتمد على المحروقات في نشاطها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115