لكي تخرج الرابح الأكبر من إجراءات تأجيل أقساط القروض: المؤسسات البنكيةخلقت قرضا جديدا مع فوائض إضافية زادت في تعقيد وضعيات الحرفاء

مازال موضوع تاجيل سداد اقساط القروض الممنوحة للاشحاص يثير جدلا واسعا بين الحرفاء الذين وجدوا انفسهم يواجهون أعباء إضافية

زادت في اثقال كاهلهم وتعقيد مسار دفوعاتهم والتزاماتهم المالية مع تداعيات الكوفيد وبين البنوك في ظل عدم وضوح النص واختلاف التأويلات لدى مختلف المتدخلين.
لقد نصت مناشير البنك المركزي عدد 7 لسنة 2020 وعدد 8 من نفس السنة على الزامية تأجيل سداد القروض الممنوحة للافراد التي حل اجلها اصلا وفائضا لفترة تتراوح بين 7 اشهر بالنسبة للافراد الذين يقل دخلهم الشهري الصافي عن الف دينار وثلاثة اشهر لغيرهم ويمكن للحرفاء الذين لا يرغبون في الاستفادة من هذا الالجراء اعلام البنك بذلك باي وسيلة تترك اثرا كتابيا غير ان القرارات المكتوبة والمناشير كانت تصب في خانة لم تسلكها البنوك ولم تحتسب ما تم الاتفاق حوله في طريقة الاقتطاعات والفوائض والتاجيل. مما زاد المسائل تعقيدا فكيف كان ذلك ومالذي تم الاتفاق حوله؟ ومالذي لم تطبقه البنوك وكيف اخترعت البنوك الية جديدة لتنفيذ الاقتطاعات ولمادا لم تلفتزم المؤسسات البنكية ببلاغ البنك المركزي ولم تخضع لتعهدات الجمعية المهنية؟؟
تحدث العديد من الخبراء في الشأن المالي والاقتصادي خلال تلك الفترة عن صعوبة الوضع العام والانعكاسات المالية لهذا الاجراء الذي اتخذته الحكومة على الافراد من حيث تحميل فوائض اضافية على فترة التأجيل وضرورة الانتباه لما يمكن ان يتحمله الحرفاء من اعباء اضافية قد تثقل كاهلهم وما ستطرحه من اشكاليات محاسباتية لدى البنوك، التي لن تتمكن من ايجاد غطاء لهذه القروض التي سيتم تاجيلها مشيرين في كل مداخلاتهم الى ان البنوك سوف تضرب عرض الحائط بكل الاتفاقات وستعتمد طرقا ملتوية للاقتطاعات غير ان ممثلي الجمعية التونسية لمهني البنوك والمؤسسات المالية المتدخلين في وسائل الاعلام انذاك وفي محاولة منهم لبث الطمانة في قلوب حرفائهم اكدوا بكل ثقة على عدم وجود اعباء اضافية يتحملها الحرفاء وامام هذا الموقف المبدئي للبنوك والتطمينات التي منحت لحرفائها فقد دعا البنك المركزي في بلاغ اصدره بتاريخ 13 افريل 2020 اثر اجتماع المحافظ مع المسؤولين عن البنوك الى انتهاج طريقة موحدة وشفافة في معالجة هذا التأجيل مع تفسيرها للحرفاء ودون ان تترجم هذه الطريقة المعتمدة عن الترفيع في المبلغ الشهري الى اقتطاعات او تحميل الحريف اعباء اضافية وكان النص واضحا كما يلي:
Le Gouverneur a insisté sur la nécessité d’assurer une application uniforme et transparente des mesures de soutien aux particuliers liées au report des échéances de leurs crédits en appliquant une méthode standard par l’ensemble des banques qui doit être portée à la connaissance du public et qui ne doit en aucun cas se traduire par une augmentation de la charge mensuelle de remboursement ni de coûts supplémentaires».
وقد تبنت الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية في ذلك الوقت هذا التمشي في بلاغ اصدرته للغرض مع التأكيد على المبدأ الاساسي وهو عدم الترفيع في المبلغ الشهري للاقتطاعات لكن البنوك ضربت عرض الحائط كل هذه التعهدات واعتمدت طريقة مغايرة للطريقة التي سبق ان وقع تقديمها في بلاغ الجمعية المهنية .
فيما تتمثل هذه الطريقة وماهي انعكاساتها على الحرفاء ؟؟
قامت البنوك في عملية تمويهية يبين ظاهرها استجابة المؤسسات البنكية لما دعت اليه جمعيتهم وما اشار اليه البنك المركزي وباطنها عملية حسابية معقدة يعجز عن فهم تفاصيلها الحريف البسيط الذي قبل بها في وضعية صعبة مدفوعا بإكراهات الوضع الصحي والاجتماعي، فقد تبدو له في شكل مساعدة على الخروج من مازق تسببت فيه الكوفيد 19 التي قلبت موازين البلاد والعباد في وقت قياسي وافرزت وضعا اجتماعيا وماليا منهارا جعل الخروج منه صعبا يرغم الحرفاء على الرضوخ الى قرارات بنوكهم حتى وان كان المقابل ثقيلا جدا على ما يمكن احتماله. ولايجاد طريقة تجعل البنوك مطمئنة على حساباتها وفوائضها شرعت في خلق الية قرض جديد بتكوين قائمه من المبالغ المؤجلة اصلا وفائدة مع اضافة الفائض على فترة التأجيل والإمهال التي تتراوح بين 3 و7 اشهر وباعتبار ان القرض الجديد لن يتم سداده الا بعد الانتهاء من سداد القرض الاصلي فان هذا القرض الجديد يعد منتجا لفوائض طوال هذه المدة وبالتالي فقد اثقلت البنوك كاهل الحرفاء باعباء جديدة وهي الفوائض على مدة التاجيل ورفعت في المبالغ الشهرية للاقتطاعات والفوائض على القرض الجديد الذي تم خلقه وهو يتنافى مع تعهداتها السابقة .
ولتفسير هذا الانعكاس بطريقة مبسطة نفترض ان حريف البنك متمتع بقرض سكني قائمه في تاريخ التأجيل 100 الف دينار وان القسط الشهري الف دينار وان المدة المتبقية للقرض هي عشر سنوات وباعتبار نسبة الفائدة 10 ٪ فان هذا الحريف سيجد نغسه متمتعا بقرض جديد بمبلغ يتجاوز ثلاثة الاف دينار وهو مطالب بدفع 6 الالف دينار بعد العشرة سنوات للقرض الاصلي اي ضعف مبلغ الاقساط المؤجلة مما يتنافى مع تعهداتها السابقة وللاشارة فقط فان هده الطريقة من حيث الشكل مطابقة تماما للتشريعات الجاري بها العمل ولكنها من حيث المضمون والتوقيت مخالفة للتعهدات السابقة للبنوك ولبلاغ البنك المركزي الذي تم اصداره في ظروف اقتصادية واجتماعية استثنائة تمر بها البلاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115