اتخذتها تونس كأغلب دول العالم التي أصابتها جائحة الكوفيد19 خلال فترة ارتفاع وتيرة عدوى هذا الفيروس الذي اصاب العالم في مقتل وفشلت كل محاولات مقاومته بسبب العجز عن ايجاد علاج أو لقاح مؤكد، وذلك على الرغم من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على البلاد التي تعاني من صعوبات هيكلية معقدة ويعود موضوع الحجر الصحي الشامل ليطرح من جديد في الاوساط الصحية والاجتماعية بين مؤيد ورافص خاصة وان بعض الدول بصدد دراسته وربما فرضه من جديد.
لئن مثل الحجر الصحي قرارا خطيرا لعب دور كبيرا في التصدي للعديد من الأمراض والجوائح التي حصدت أرواح الملايين على مر التاريخ،فان انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية ايضا كانت وخيمة على اغلب الدول ومن بينها تونس التي مازالت الى اليوم تتخبط في اثار وانعكاسات حجر شامل لم تقرا له حسابا فماذا يعني الحجر الصحي بالأرقام ؟؟ وكيف يمكن قراءة انعكاساته خاصة على المستوى الاقتصادي والمالي للأفراد والمؤسسات وكيف كانت انعكاسات اخر ما عاشته البلاد خلال شهر افريل المنقصي بالارقام ؟؟ بناء على ما اكده الخبير في المالية والبنوك سفيان الوريمي لـــ:«المغرب».
مرة أخرى يطرح موضوع الحجر الصحي العام بين مؤيد و رافض لما فيه من انعكاسات و آثار جانبية على الاقتصاد التونسي وعلى الفئات الهشة خاصة و دون الخوض في نجاعة هذا الاجراء من عدمه في الحد من انتشار العدوى، فإن المؤكد هو انعكاسه المباشر وغير المباشر على تراجع الاقتصاد التونسي و الفئات الهشة خاصة وفق ما أكده لـ«المغرب» الخبير المالي سفيان الوريمي.
مع توقع تراجع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 7٫3- % سنة 2020 وبفرضية نمو بـ 4 % سنة 2021 استنادا الى جملة المؤشرات الإيجابية في نهاية 2020, فانه و أمام تواصل مخاطر عدم التحكم في الجائحة، بات من الصعب تحقيق هذه التوقعات مما قد يؤدي مجددا الى تراجع الدخل الفردي الى مستوى ادنى من 9575 دينار، و هو المستوى المسجل سنة 2020.
بالإضافة إلى هذه المعطيات والأرقام، فقد اكد الخبير المالي سفيان الوريمي على خطورة انعكاس حجر صحي عام جديد على دخل الفئات الهشة من شباب و نساء خاصة منهم العاملين بالقطاعات الغير منظمة. هذه الانعكاسات كانت موضوع تقرير مفصل و مفزع لمنظمة اليونيسيف كشفت فيه انعكاسات اجراءات الحجر الصحي على الاطفال الاكثر فقرا في تونس.
كما اشار الخبير الى امتداد هذه الانعكاسات لتشمل المؤسسات من أشخاص طبيعيين و شركات بالإضافة إلى العاملين بها في ظل التوقف الكلي للانتاج و الخدمات والمداخيل المحققة لبعض القطاعات غير المصنفة كقطاعات حيوية
مؤسسات تشغل مئات الالاف من العمال و العاملين لحسابهم الخاص والتي يبلغ عددها وفق اخر احصائيات السجل لإحصائي للمؤسسات المعهد الوطني للاحصاء نحو 782.115 مؤسسة بين شركات واشخاص طبيعيين 80 % قطاعات غير اولوية توقف نشاطها كليا أو جزئيا تشغل هذه الشركات حسب التقرير نحو 1.144.215 عامل اكثر من نصفهم توقفوا عن العمل كليا او جزئيا مما ساهم في ارتفاع نسبة البطالة من 15 الى 18 % دون اعتبار توقعات التقرير الذي اعدته وزارة التنمية والتعاون الدولي سنة 2020 ببلوغ نسبة البطالة 21.6 % أي ما يقابل 274.500 عاطل جديد.
كما عرج الخبير في معرض حديثه عن انعكاسات الحجر الصحي العام عن خيبة أمل كبيرة يشعر بها المواطن التونسي و أصحاب المؤسسات إزاء مختلف إجراءات المساندة التي أعلنت عنها الحكومات المتعاقبة علبى غرار صندوق الاستثمار واعادة هيكلة المؤسسات الذي لم ينفذ بعد والقروض بضمان الدولة الذي لم تلتزم به البنوك في اغلب الحالات ان لم نقل جميعها علىا اعتبار ان الدولة لم تبد التزامها بضمان 100 % من القروض واكتفت بصمان جزء منها قد يصل الى 70 % وهو ما اثار مخاوف الممولين ورفضوا التقيد به والخوص فيه الا مع بعض المؤسسات بشروط معينة وكذلك موضوع تنفيل الدولة بـ 3 % من نسبة الفائدة على قروض الاستثمار والتي اصطدمت بطول الاجراءات وتعقيدها .
كل هذه المؤشرات التي تم تقديمها وكل المسائل التي تم طرحها والاجراءات التي واجهت تعقيدات كبيرة ساهمت في افشالها او ابطال جزء منها ساهمت في تعميق انعكاسات الجائحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وبينت ان تونس على مستوى بنيتها التحتية المالية غير مؤهلة للخوص في حجر صحي جديد لا احد قادر على التنبؤ بمدى فاعليته من عدمها .
لقد ظلت اغلبية هذه الاجراءات حبرا على ورق و اصطدمت في أفضل الحالات ببطء الاجراءات وتعقيدها و رفض البنوك خاصة التقيد بها و ما الجدل الأخير الحاصل حول تثقيل مختلف البنوك لاعباء اضافية على كاهل الحرفاء أثر إجراء تأجيل سداد القروض، رغم تعهدات الجمعية المهنية للبنوك و المؤسسات المالية و رغم البلاغات الصادرة عن البنك المركزي، الا دليل على تداعي ثقة المواطن في نجاعة القرارات والاجراءات المتخذة لمساندتهم في هذه الازمة.