والذي اقرت فيه بمراجعة نظرتها لتونس من مستقرة إلى سلبية، و الإبقاء على ترقيمها السيادي عند « ب » أي درجة مخاطرة،وتحدثت فيه عن انعكاس،الآفاق السلبيّة وتعمّق مخاطر السيولة على مستوى الميزانيّة بسبب تدهور المالية العموميّة تبعا لمخلفات الكوفيد، وهذا الخبر الذي اثار جدلا كبيرا كان متوقعا بسبب العديد من العوامل التي اضعفت قوى البلاد الاقتصادية وقتمت رؤيتها على المدى القريب والمتوسط في الوقت الذي يتطلب اصلاحات ضخمة ومجهودات اكبر بكثير مما يقدمه صناع القرار.
كنا في عدد سابق تحدثنا عن ارتفاع مؤشر (Spread سبريد) الخاص بتونس في السوق المالية العالمية مقارنة بأخر خروج لها والذي يؤشر إلى نسبة المخاطرة لدول اشرفت على الافلاس ، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في الوقت الذي تحتاج فيه ميزانية البلاد الى تمويلات اجنبية لتواجه الوضع المعقد الذي يزداد صعوبة خاصة مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بنحو 676.6 ألفا عاطل من مجموع السكان واكثر من 69 الف مشتغل فقدوا وظائفهم بسبب جائحة كوفيد- 19 وميزان التنمية لم يعدل بعد. هذا التذبذب في صورة البلاد وارتفاع مخاطر اقتصادها يدق منذ مدة ناقوس الخطر الاقتصادي ويضرب بقوة والدولة مطالبة بتوخي الحذر.
الاكثر تضررا
تابعت اغلب الدول التقارير التي تصدر بشان اقتصادياتها مع تسارع تفشي «كوفيد - 19»في عدد كبير منها بقيادة الشركات الثلاث الكبرى «ستاندرد آند بورز جلوبال»، و»موديز»، و»فيتش» والتي اقرت منذ شهر مارس الماضي تاريخ التفشي الاعظم لموجة الجائحة مجموعة كبيرة من عمليات تخفيض التصنيفات الائتمانية التي اعتبرها خبراء المال والاعمال أسرع وتيرة لتخفيض التصنيفات التي شهدتها اقتصاديات العالم. وتونس ليست بمناى عن الوضع العام بل هي الاكثر تضررا بعد ان اثرت سلبا تداعيات الفيروس القاتل على جميع مفاصل الاقتصاد ومحركات النمو و اصابتها في مقتل فتراكمت الديون واغلقت المحافظ المالية وازدادت المسائل تعقيدا بعد تواصل الحاجة الى التداين لتمويل الميزانية وعتبة الفقر في البلاد تزداد علوا .فمالذي يمكن ان يساعد ولو في جزء قليل على التحرك داخل النفق ان لم نستطع الوصول الى اخره وكيف ذلك؟
في الوقت الذي يسجل فيه الاقتصاد الوطني تراجعا حادا بنسبة (-10.0 %) مع تعثر الاصلاحات وتعقيد المفاوضات بين الحكومة والجهات المانحة وفي الوقت الذي تشارف فيه نسبة المديونية على بلوغ عتبة ال 100 % يؤكد اغلب الخبراء والفاعلين في المجال الاقتصادي ان استراتيجيات التنمية في تونس تغيب دور الاستثمارات الخاصة رغم انها تحتاجها وتستحق دعمها بشدة وفي كل لحظة بالنظر الى اقتصادها الهش ومواردها الضعيفة و ثرواتها الطبيعية المتواضعة. فالتشجيع على الاستثمار يتطلب مناخ اقتصادي وقضائي وسياسي مستقر مازالت تونس بعيدة كل البعد عنه على اعتبار عدم توفر الارادة السياسية لدى اغلب الحكومات التي تداولت على سدة الحكم ولدى اغلب صناع القرار السياسي والاقتصادي في البلاد واكتفائهم بالنظريات والصراعات على المنابر الاعلامية وتبادل التهم التي لا تعطي اكلها والزمن تتسارع دقائقه لتحسب في كل لحظة ديون وارباح لم تحقق.
كل الصراعات التي نشاهدها باستمرار والتي تغذي المشهد السياسي من شانها ان تساعد على تعتيم صورة البلاد في الخارج وتزيد من سلبية افاق تصنيفاتها الاىتمانية وترهب المستثمر الذي يرفض التورط في بلد لم تحدد سياساته التسييرية وجهتها ولم تتمكن من فرض استراتيجيات جالبة للاستثمار او قوانين قاطعة مع التعطيلات الادارية واضاعة الوقت في استخراج الوثائق مع غياب مرفق عدالة يضمن حق المستثمر في صورة نزاع مع الدولة او احد المنافسين وغيرها من العراقيل وهي كلها هنات تخوف وترعب المستثمر لا فقط الاجنبيي بل ايضا المحلي وهو ما يجب حله .
الصورة القاتمة
يتخوف المستثمرون كثيرا من الصورة القاتمة لأي بلد يريدون التوجه اليه والتي تظهر بالأساس في غياب التوافقات السياسية حول الشان الاقتصادي والتركيز على الصراعات السلطوية لصناع القرار في البلاد وهو ما يلاحظه المتابعون من خلال الاتهامات الخطيرة التي تتصدر الصحف المحلية والعالمية كل يوم واخر حول الوضع السياسي والاقتصاي وحتى التخويف من السجلات القضائية التي تفتحها المحاكم بين يوم واخر وهذا الوضع المعقد اذا ما تزامن مع تصنيف البلاد السيادي عالي المخاطر واذا ما تزامن مع صراعات الحكوماات والبنك المركزي في الوقت الحالي فلن يكون الا قوى جذبا الى الخلف ويمنع المستثمرين من تركيز استثماراتهم في التراب التونسي لا فقط الاجانب وبل حتى لابناء البلد الذين انكمشت اعمالهم بسبب انتشار جائحة الكوفيد من جهة وبسبب عدم وضوح الرؤية السياسة في البلاد من جهة اخرى.
هذا الوضع الذي يتسم في مجمله بالدقة والتعقيد زاد في تعميق احباط فئة من الشباب في البلاد مع ارتفاع نسبة البطالة بينهم والتي وكذلك في صفوف حاملي الشهادات العليا بنسبة 30.1 % بفي غياب المشاريع التنموية الضخمة التي تساعد على احتواء المنسوب المرتفع من الاحتقان في عدد كبير من الجهات والاقتصار على تدخل الدولة في حالة الغليان. هذه الحلول الظرفية يجب القطع معها والبحث عن اليات اكثر حكمة ونجاحا لامتصاص الشعور بالتفاوت الاجتماعي الذي يولد الحقد الطبقي وعدم الارتياح وبالتالي الرفض وردود الفعل غير محسوبة النتائج..
مهما كانت الايادي التي تحرك الغليان في البلاد ومهما كانت الادمغة التي تخطط لمرحلة التعقيد الاقتصادي بأهداف لا احد يستطيع فهم خلفياتها فان الوضع اصبح خطيرا وبامتياز وان تونس وضعيتها الاقتصادية تتطلب ذكاء كبيرا للتصرف في الامكانيت المتاحة بعيدا عن فرض هيمنة طرف على اخر..
مع استقرار النظرة السلبية للترقيم السيادي لتونس: ناقوس الخطر الاقتصادي يضرب بقوة والدولة مطالبة بتوخي الحذر..
- بقلم زمردة دلهومي
- 09:37 25/11/2020
- 927 عدد المشاهدات
تداولت أمس كافة المواقع الاخبارية وفضاءات التواصل الاجتماعي البلاغ الذي أصدرته وكالة «فيتش رايتينق» للتصنيف الائتماني ،