شهد مستوى الادخار خلال السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا وقد زاد التراجع غير المسبوق الذي عرفه الناتج الداخلي الخام والدخل الوطني المتاح بصفة مباشرة في هبوط مستوى الادخار الوطني إذ من المتوقع أن تتراجع نسبة الادخار الوطني لكامل سنة 2020 إلى 4.6 % من الدخل الوطني المتاح مقابل التقديرات الأولي 9.4 %، لتكون بذلك عند أدنى مستوى عرفته البلاد طيلة عقود من الزمن مع العلم أن مستوى الادخار كان في حدود 9.3 % سنة 2019.
لم تتجاوز نسبة الادخار الوطني خلال السنوات الأخيرة العشرة في المائة في وقت كانت تونس تحقق مستويات تصل حتى 20 % وقد تغذى تراجع الادخار الوطني أساسا من هشاشة الدخل الوطني وتدهور المقدرة الشرائية علاوة على وجود إجراءات تشجع الإقبال على الادخار ويبدو أن وزارة المالية والاقتصاد تتجه إلى إقرار إجراءات لتشجيع الادخار ،فقد ذكر الميزان الاقتصادي لسنة 2020 أن الجهود ستتكثف من أجل رفع التحديات الهيكلية المطروحة للترفيع في حجم الادخار الوطني خلال الفترة المقبلة .
رسمت وزارة المالية توقعات بإرتفاع نسبة الادخار الوطني إلى 6.4 % خلال سنة 2021 وهي نسبة ضعيفة مقارنة بالمستويات المسجلة سابقا نظرا لتواصل هشاشة الظرف الاقتصادي والضغوط على دخل الأفراد والمؤسسات والمالية العمومية، على الرغم من عودة النشاط الاقتصادي إلى نسقه الإيجابي بداية من سنة 2021 حسب الأفاق الاقتصادية على المدى
القصير والمتوسط.
وتشير تقديرات وزارة المالية إلى أن الجهود المبذولة من أجل الاستعادة التدريجية لديناميكية النشاط الاقتصادي والدخل الوطني بعد فترة الركود المسجلة للنمو سيمكن من الترفيع في حجم الادخار الوطني خلال سنة 2021 وباعتبار الرجوع التدريجي المتوقع لحركية الاستثمار الجملي تفوق نسق نمو حجم الادخار الوطني، ينتظر أن تتوسع أكثر حاجيات تمويل
الاقتصاد الوطني في سنة 2021.
وتحتم هذه الوضعية حسب ماورد في وثيقة الميزان الاقتصادي لسنة 2021 التوجه نحو خيارات بديلة على مستوى السوق الداخلية لسد العجز بالتوازي مع مواصلة العمل على تعبئة موارد التمويل الخارجي بالحجم المقبول والشروط الملائمة في شكل هبات وقروض متعددة الأطراف وخاصة استثمارات مباشرة لمعاضدة المجهود الوطني للاستثمار والحفاظ على استدامة الدين العمومي.
ويعتبر الميزان الاقتصادي لسنة 2020 أن الترفيع في حجم الادخار المؤسساتي ضروري وذلك عبر التقدم في الإصلاحات الكبرى المتعلقة بنظام التقاعد وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية وكذلك مزيد النهوض بأداء السوق المالية وإصلاح قطاع التأمين.
كما تذكر الوثيقة ذاتها انه سيقع تحسين الادخار العمومي عبر مزيد ترشيد نفقات التصرف ودعم الموارد الذاتية للدولة وإدراج السيولة المتداولة في الأطر الموازية وغير المنظمة في دائرة الجهاز المالي الرسمي من خلال التقليص من تداول الأموال نقدا ومحاربة التهرب الضريبي والاقتصاد الموازي ، علاوة على ذلك الترفيع في حصة الادخار المالي طويل المد للأفراد عبر دعم حسابات الادخار في الأسهم والاستثماروكذلك التأمين على الحياة مع الحرص على حسن تصويبها نحو الاستثمارات المالية طويلة المدى لا سيما الأموال الذاتية للمؤسسات.
كما سيقع العمل على تعزيز الثقة لدى المواطن بخصوص الادخار المالي من خلال تطويرالثقافة المالية وتحسين الخدمات وتطوير النواتج المالية والنهوض بالإدماج المالي عبر تطوير الادخار الصغير واستعمال الأدوات المالية الرقمية.