والذي ظل هدفا لجميع الحكومات التي سعت إلى تقليصه وتثبيته في مستويات معقولة وقد يفوق العجز المحتمل تسجيله مجمل التوقعات.
لم تخل مجمل التقارير المتعلقة بالوضع الاقتصادي والمالي التونسي من إشارات متواترة للوضع الحرج الذي تمر به تونس ولئن كان الوضع حرجا قبل انتشار فيروس كورونا الا أن التعويل كان في السنة الحالية على مزيد تحسين بعض المؤشرات على غرار تقليص عجز الميزانية وفي هذا السياق كانت توقعات مشروع ميزانية 2020 تسجيل عجز بـ 3،8 مليار دينار أي إلى 3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بعجز بـ 3،5 ٪ العام الفارط. وبنسبة عجز بـ 4،8 ٪ في العام 2018 ولهذا كانت النتائج التي تحققت في العام الفارط قد علقت عليها آمال جدية لمزيد تقليص العجز في السنوات الموالية. إلا أن جائحة كورونا وما ترتب عنها من إجراءات أقرتها الدولة أعادت عجز الميزانية إلى منحاه التصاعدي وكانت نتائج تنفيذ الميزانية إلى موفى شهر مارس الماضي قد أشارت إلى بلوغ عجز بقيمة 1،4 مليار دينار أي بزيادة تقدر بـ 48،3 ٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الفارط. بناء على حجم ميزانية تقدر ب 47 مليار دينار ولئن لم يتضمن قانون المالية فرضيات النمو فان توقعات صندوق النقد الدولي أشارت إلى بلوغ نسبة نمـو بـ 2،4 ٪ في العام الحالي قبل أن يتم تعديل النسبة بناء على تفشي وباء كورونا إلى فرضية تسجيل انكماش بـ 4،3 ٪.
ومن المنتظر أن يتضمن برنامج انتعاشة الاقتصاد الذي أعلن عنه اليأس الفخاخ رئيس الحكومة حقيقة العجز المتوقع تسجيله في العام الحالي. وتحتم المستجدات تصحيح التوقعات حيث تشير التحاليل إلى أن اثار الركود سلبية اكثر من التوقعات السابقة، وسيكشف التقييم الجديد لعجز الميزانية عن نسبة من المرجح أنه لم يتم تسجيلها سابقا. باعتبار تراجع الموارد الذاتية وتقلص حظوظ تونس في الاقتراض امام ماتشهده اسواق العالم و خاصة الاسواق الناشئة من ازمة كبيرة قد تمتد في السنوات القليلة القادمة. وباعتبار الحجم الذي تمثله الاجور من الحجم الجملي للميزانية فان تجميد الاجور يؤدي الى ضرب القدرة الشرائية وبالتالي التاثير على الاستهلاك الذي يعد من محركات النمو في تونس بالاضافة الى ما يمكن أن ينجر عن ذلك من اضطرابات اجتماعية كبرى. واذا ما التجأت الحكومة الى فرض مزيد من الضرائب على المؤسسات سيزيد ذلك من صعوباتها الحالية وبعد الترفيع في نسبة المساهمة بالنسبة الى الاجراء او الاقتطاع من المغامرات التي قد تكون نتائجها كارثية واكبر من التوقعات.
عجز الميزانية المؤكد اتساعه يحتم أيضا ضرورة إيجاد مصادر تمويل إضافية وباعتبار الوضع الاقتصادي العالمي فان حظوظ الاقتراض الخارجي تبدو معدومة او مجازفة خطيرة.
وكان وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي قد أكد أن التقديرات الأولية لتداعيات أزمة كورونا على تونس ترجح ضرورة توفير تمويلات إضافية لميزانية الدولة تقدر بـ 5 مليار دينار مما يطرح تساؤلات حول مصادر سد هذه الثغرة امام خطورة الاحتمالات المذكورة.