أكثر الى البحث عن مصادر تمويل حملة مكافحة الوباء عن طريق طلب قروض من عديد الأطراف على غرار صندوق النقد الدولي الذي مكن تونس من خط تمويل سريع وكانت تونس من أوائل البلدان التي تحصلت على هذا الصنف من التمويل كما تتالت بعد ذلك الهبات والقروض مما يزيد من ارتفاع نسبة المديونية في ظرف حرج.
وكانت الحاجة إلى الاقتراض ضرورة لا اختيارا باعتبار التحدي الذي وضعت فيه الحكومات التونسية لتغطية نفاقتها وإيجاد حلول للتنمية وكان التعويل من سنة الى اخرى على ان يكون ارتفاع نسبة النمو الحل ويعتبر تحدي ترفيع نسبة النمو الهدف الأساسي لتفادي الوقوع في فخ حلقة مفرغة للمديونية وهو ما حذر منه تقرير نشرته وزارة المالية حول المديونية. واشار التقرير الى انه كلما ارتفع النمو تراجعت المديونيةـ وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى ان ضعف النمو الذي شهده الاقتصاد التونسي في السنوات الاخيرة سارع بتوسيع دائرة المديونية من سنة الى اخرى كما كان للوضع الداخلي تاثير كبير في شروط الاقتراض على غرار سنة 2017 حين خرجت تونس لاقتراض 1،6 مليار اورو ولم تنجح سوى في تامين 850 مليون اورو بنسبة فائدة تقدر بـ 5،6 ٪.
كما ان النمو يساهم في تعزيز موقف الحكومة التونسية عند التفاوض مع المؤسسات العالمية للتمويل فارتفاع النمو يساهم في تقليص كتلة الاجور مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي وبهدا يكون التمويل الاجنبي بشروط ميسرة
ويزيد ضعف النمو من اشكالية الموارد الجبائية للدولة وبذلك يتسع عجز الميزانية وترتفع الحاجة الى الاقتراض كما ان ضعف النمو يكون دافعا لتراجع مواطن الشغل وارتفاع نسبة البطالة ودينامكية التشغيل تساهم في تقليص عجز الصناديق الاجتماعية الامر الذي يقلص من الضغط على المالية العمومية.
وينبئ الوضع الاجتماعي بمزيد الاضطرابات في الفترة المقبلة وهو مايزيد من الضغوط على الحكومة سواءا بتقييد الانتدابات او بتجميد الاجور امام امكانية تصعيد من طرف المنظمة الشغيلة. وقد كانت لحكومة يوسف الشاهد تجربة في هذا الغرض حين قامت بالامضاء على الترفيع في الاجور دون الالتزام بالاتفاق الثنائي مع صندوق النقد الدولي الامر الذي أدى الى ايقاف البرنامج.
الحلقة المفرغة التي حذر منها التقرير قد لا يكون هناك مفر منها في ظل الظروف الحالية فقد سجل النمو الاقتصادي التونسي في الثلاثي الاول انكماشا بـ 1،7 ٪ وهي نسبة لاتعكس حقيقة الوضع باعتبار ان شهري جانفي وفيفري لم يشهدا حجرا صحيا والغلق الذي تم الالتجاء اليه توقيا من مزيد انتشار الفيروس انطلق في النصف الثاني من شهر مارس، وتشير توقعات صندوق النقد الدولي الى ان نسبة النمو في تونس ستتراجع بـ 4،3 ٪ وهي نسبة لم تشهدها تونس منذ الاستقلال ومن جهته اكد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في اخر كلمة توجه بها الى الشعب التونسي ان نسبة النمو الاقتصادي ستتراجع بـ 7 نقاط الامر الذي سيكون له انعكاس كبير التوازنات المالية للبلاد.