عجزها قارب 3000 مليون دينار مع نهاية 2019 : «الستاغ» شبح الإفلاس يهدّدها... استفهامات محيرة وأسباب معقدة

تعيش الشركة التونسية للكهرباء والغاز كأغلب المؤسسات الوطنية ازمة مالية خانقة جدا غير انها تعتبر الاكثر اثارة للجدل والاستفهامات بسبب الخسائر

التي تتكبدها تباعا طوال سنوات متتالية وعدم قدرتها على الخروج من مأزق الديون ، هذا النفق المظلم الذي تسببت فيه عوامل عديدة لم تستطع الشركة الخروج منها وإيجاد حلول واقعية تساعدها على التخلص من عقدة عجزها المالي الذي بلغ 2988 مليون دينار مع نهاية شهر نوفمبر الماضي ومن المتوقع ان يتجاوز عتبة 3000 مليون دينار مقابل توقعات سابقة بتحقيق أرباح بــ 500 مليون دينار اعلنت عنها الستاغ في بلاغ رسمي.

أقرّت الشركة في بلاغ سابق ان العجز في النتيجة المحاسباتية الصافية لسنة 2018 البالغ 2000 مليون دينار يعود الى شراء الغاز الطبيعي بالعملة الصعبة، مؤكدة ان تحسن سعر الصرف سيساهم في تقلص ديوانها خلال 2019 غير ان الارقام بعيدة كل البعد عن الوعود والآمال والتوقعات فلم يتحسن الاداء ولا النتيجة وبقيت الستاغ حديث القاصي والداني وموضوع ازمة متواصلة وجدل عقيم لم تجد الحكومات المتعاقبة حلا لها. وامام عجز السلط المعنية عن ايجاد حلول كفيلة باخراج «الستاغ» من مأزق الديون تفاقمت مستحقاتها المتخلدة لدى الحرفاء إلى موفى سبتمبر 2019 نحو 1775 مليون دينار من بينها 837 لدى الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية التي بدورها اثقلت كاهل المؤسسة وعمقت ازمتها بما جعلها تتخبط في وضعية مربكة لا احد بإمكانه التنبؤ بساعة انفراجها بعد ان اصبحت تقترض لخلاص ديونها ومستحقات اجورها بدل الاستثمار وتطوير ادائها، خاصة امام صمت الحكومات وعدم تركيزها الجدي على اجبار المؤسسات والوزارات المعنية على سداد ديونها المتخلدة لفائدة الشركة بما يحيل بدوره الى تساؤلات مضاعفة .

لقد شهدت القروض التي اغرقت الستاغ منحى تصاعديا مخيفا زاد في ارباك وضعها المالي وعمق ازمتها حيث بلغت قيمة القروض القريبة المدى نحو 1026 مليون دينار زادت حدتها مع ارتفاع وتيرة الدفوعات المتعلقة بعنوان فواتير شراءات المحروقات والشركة مطالبة بسدادها وقد بلغت 2066 مليون دينار من بينها 501 مليون دينار لفائدة ETAP و643 مليون دينار لفائدة SONATRACH

أوضحت الشركة في بلاغ اصدرته مؤخرا ان عملية تحيين الديون التي تمت يوم 31 ديمسبر 2018 أفضت الى رصد خسائر في حدود 1200 مليون دينار مما يجعل العجز دون تحيين الديون في حدود 800 مليون دينار فقط وأكدت أن سعر صرف الدينار كبّدها خلال سنة 2018 أعباء اضافية في حدود 400 مليون دينار علما وان 70 % من كلفة إنتاج الكهرباء متأتية من شراء الغاز الطبيعي الذي يقع خلاص أغلبه بالعملة الصعبة وحسب الأسعار العالمية لبرميل النفط، كل هذه الارقام وكل ما يتحدث عنه المسؤولون في الشركة التونسية للكهرباء والغاز تظهر بعيدة عن الارقام الحقيقية التي رصدت مع اخر مؤشرات شهر نوفمبر 2019 والتي بدت مربكة ومخيفة بما من شانه ان يعمق من التساؤلات حول طريقة ادارة هذه المؤسسة وما يجب على الحكومات اتخاذه من قرارات للخروج نهائيا من هذا المازق الذي أرهق هذه المؤسسة الوطنية لسنوات متتالية واصابها بشلل عن ممارسة دورها في الاستثمار واعادة النفس لعجلة النمو بما يتماشى والاهدالف المنوطة بعهدتها.

قالت الشركة التونسية للكهرباء والغاز في مناسبات سابقة بأن التدهور المتواصل في موازناتها يعود بالاساس الى ارتفاع فاتورة المحروقات وارتفاع سعر الصرف وهي أسباب في الظاهر منطقية وخارجة عن نطاق تدخل الشركة غير ان السؤال المطروح والاكثر الحاحا هو هل فعلا يعود تدهور وضعها المالي لهذه الأسباب فقط أم أن

الشركة تخفي أسبابا أخرى تتعلق مثلا بتقليص الدولة في قيمة الدعم أو بطلبات العروض وما يشوبها من فساد أو أيضا بأسباب تقنية في ارتباط بتسيير المنظومة الكهربائية الوطنية.

كيف يمكن الخروج من هذا الوضع المزري ومتى سيتم التعامل مع عجز هذه المؤسسة بجدية خاصة وإن تدهور الحالة المالية للشركة له انعكاسات مباشرة على جيب المواطن ويتحمل اعباها المستهلك حيث ماانفكت الحكومات المتعاقبة تقلص في عجز الشركة بالرجوع إلى آلية سهلة ووحيدة هي الترفيع في تسعيرة الكهرباء والغاز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115