تحت وطأة التوترات الجغرافية-السياسية المتصاعدة: صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته للنمو العالمي إلى 3.2 % ومجموعة شمال إفريقيا ستكون الأقل نموا سنة 2019

راجع صندوق النقد الدولي مؤخرا توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بالتخفيض بنسبة 0.1 في المائة لسنة 2019 ليصل إلى

3.2% وتأتي هذه المراجعة كنتيجة للتطورات السلبية المفاجئة في نمو اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية مقارنة بتسجيل تطورات إيجابية في بعض الاقتصاديات المتقدمة وليؤكد بذلك صندوق النقد على أن النمو الاقتصادي العالمي لايزال ضعيفا.

قال صندوق النقد الدولي في تقريره «مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي» أن توقعات النمو التي وقع رصدها في أفريل المنقضي قد هبطت نتيجة عدة تغييرات طالت مختلف الاقتصادات ، ففي الاقتصادات المتقدمة ، الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو بلغ النمو معدلات أعلى من المتوقع في الربع الأول من 2019 غير أن بعض العوامل وراء هذا الارتفاع كزيادة تراكم المخزون هي عوامل مؤقتة ومن المتوقع أن يضعف زخم النمو في الفترة القادمة، وخاصة في البلدان التي تعتمد على الطلب الخارجي.

وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، خفض الصندوق توقعاته بنسبة 0,3 % لعام 2019 ليصل إلى 4,1 %، وبنسبة 0,1 نقطة مئوية لعام 2020 ليصل إلى 4,7 %، ففي الصين، أرجع الصندوق جانبا من التخفيض الطفيف إلى رفع الولايات المتحدة تعريفاتها الجمركية في شهر ماي ، بينما يرجع التخفيض الأكبر في حالة الهند والبرازيل إلى الطلب المحلي الذي تراجع إلى مستوى أقل من المتوقع.

وبالنسبة للمجموعة التي تندرج تونس ضمنها وهي مجموعة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ،أفغانستان و باكستان ، فقد قام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته بنسبة 0.5 % لسنة 2019 و0.2 % لسنة 2020 لتكون نسبة النمو المتوقعة 1 في المائة لـ2019 و3 % لسنة 2020 وبذلك تكون هذه المجموعة هي الأقل نمو ا في العالم خلال العام الحالي مع العلم أن نسبة النمو المسجلة لسنة 2018 كانت في حدود 1.6 %.

وحذر صندوق النقد الدولي من تصاعد التوترات على صعيدي التجارة و التكنولوجيا (كالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران على سبيل المثال) إلى تقويض ثقة السوق ،حيث تعد التوترات من أكبر المخاطر التي تهدد آفاق النمو المتوقعة والتي يمكن أن تؤثرا في سلاسل العرض العالمية، فالتعريفات الجمركية المفروضة في العام الماضي والتعريفات المحتملة المعلنة في ماي الماضي بين الولايات المتحدة والصين ستؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي العالمي في عام 2020 بنسبة 0,5 %، ويوصي النقد الدولي بضرورة عدم استخدام التعريفات الجمركية لاستهداف الموازين التجارية الثنائية أو كأداة لأغراض عامة يتم استخدامها لمعالجة خلافات دولية.

ويتمثل عنصر المخاطرة الرئيسي أمام الاقتصاد العالمي في أن تفضي التطورات المعاكسة - بما فيها فرض مزيد من التعريفات الجمركية على التجارة بين الولايات المتحدة والصين، أو التعريفات الجمركية على السيارات في الولايات المتحدة، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق – إلى تقويض الثقة، وإضعاف الاستثمار، واضطراب سلاسل العرض العالمية، وإبطاء النمو العالمي بشكل حاد إلى دون مستوى السيناريو الأساسي.

يبدو أن التوترات التي تشهدها العلاقات التجارية الأمريكية الصينية وعدم استقرار الأسعار لاسيما أسعار النفط لها إنعكاسات واضحة على معدلات النمو ، حيث جاءت توقعات فيتش رايتينغ الشهر المنقضي مختلفة عن توقعات صندوق النقد الدولي ،فقد توقعت الوكالة ان يستقر نمو الاقتصاد العالمي عند2.8 % للعام الحالي أما بالنسبة الى العام المقبل فمن المتوقع ان ينخفض النمو إلى 2.7 % وجاءت هذه التوقعات بناءا على توقعات بنمو الاقتصاد الامريكي 2.4 % على ان سنخفض النمو في العام 2020 الى 1.8 % أما بمنطقة اليورو فان العام 2019 سيسجل نموا بـ 1.2 % وسترتفع النسبة الى 1.3 % العام المقبل.

وبالنسبة لتوقعات الصين ،فقد إتفقا كلتا المؤسستين على تحقيق الاقتصاد الصيني نسبة نمو بـ 6.2 % لسنة 2019 ، وفي ما يتعلق بالأسواق الناشئة سيستقر نموها عند 4.5 % العام الحالي على أن يرتفع العام المقبل إلى 4.8 %.

وقد أثارت الوكالة المخاوف ذاتها التي تحدث عنها صندوق النقد الدولي والتي تهدد نمو الاقتصاد العالمي والمتمثلة في التوترات الجغرافية-السياسية المتصاعدة التي أثرت سلبا في أسعار الطاقة إلى جانب استمرار عدم اليقين المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهي عوامل ستزيد من احتمال ركود التجارة العالمية.
ومن المتوقع أن يشهد النمو تحسنا بين عامي 2019 و2020، غير أن قرابة 70 % من هذا التحسن يعتمد على تحسن أداء النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الخاضعة لضغوط، ومن ثم فهو يخضع لدرجة كبيرة من عدم اليقين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115